.jpg)
غزة -نساء FM- في قلب أحد مخيمات النزوح بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وتحت خيامٍ بسيطة نصبت فوق ركام الحرب، انطلقت الأحد فعاليات الدورة الأولى من مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، بمشاركة عشرات الفلسطينيين، في تظاهرة فنية تسعى لتسليط الضوء على معاناة النساء الفلسطينيات خلال عامين من الحرب الإسرائيلية، وتأكيد حضور غزة الثقافي رغم الجراح.
ونُظم المهرجان بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية وبشراكة مع عدد من المؤسسات الفنية المحلية والدولية، وجاء افتتاحه بعرض الفيلم التونسي "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، الذي تفاعل معه جمهور المخيم بشكل لافت. وقال أحد الحاضرين: "شعرت أنني أعيش داخل الفيلم لحظة بلحظة". فيما عبّرت إحدى السيدات عن تضامنها مع والدة هند رجب، قائلة إنّها فقدت ثلاثة من أبنائها في الحرب، وتشعر أن القصة تحكي عنها أيضًا.
وأكد مدير المهرجان عزّ الدين شلح أن موافقة بن هنية على عرض فيلمها في افتتاح المهرجان "رسالة فنية وإنسانية تقول إنّ غزة ليست وحدها، وإنّ العالم كله مطالب بالانتباه إلى مأساة مستمرة منذ عامين".
ويستند فيلم "صوت هند رجب" إلى القصة الحقيقية للطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب، ليُبرز فظاعة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وقد نال الفيلم الأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي، إضافة إلى ست جوائز موازية مرموقة، ما جعله أحد أبرز الأعمال العربية المتوّجة عالميًا خلال العام الجاري.
وتتواصل فعاليات المهرجان حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بمشاركة 79 فيلمًا من 28 دولة، من بينها تونس والجزائر والمغرب ومصر والسودان وفلسطين والأردن والعراق وسوريا ولبنان والخليج العربي وعدد من الدول الأوروبية والأمريكية.
وتشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة: فيلم "إن شاء الله ولد" إخراج أمجد الرشيد من الأردن، فيلم "سامية" إخراج ياسمين شامديريلي من بلجيكا، فيلم "سلمى" إخراج جود سعيد من سوريا، فيلم "وشم الريح" إخراج ليلى التريكي من المغرب، فيلم "دخل البحر يضحك" إخراج نهى عادل، وفيلم "رحلة 404" إخراج هاني خليفة، الاثنان من مصر، فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا" إخراج ليلى عباس من فلسطين، فيلم "انفجارات عاطفية مفاجئة" إخراج بولا كورفا من فنلندا، وفيلم "معك أو بدونك" إخراج كيلي شيلينغ استراليا.
أما في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فيتنافس فيلم من "عبد إلى ليلى" إخراج ليلى البياتي من العراق، فيلم "الخط الأخضر" إخراج سيلفي باليوت من فرنسا، فيلم "احكيلهم عنا" إخراج رند بيروتي من الأردن، فيلم "وعد إيمان" إخراج نادية زواوي من الجزائر، فيلم "قصة عائشة" إخراج إليزابيث فيبرت وتشن وانج من كندا، وفيلم "باي باي طبريا" إخراج لينا سويلم من فلسطين.
كما يشارك فيلم "نورما أيضا" إخراج ناتاليا فينيلي وأليخاندرا جوزوي من الأرجنتين، فيلم "ما نقاتل من أجله" إخراج سارة دوت وكارلوتا ماروتشي إيطاليا، فيلم "يلا باركور" إخراج عريب زعيتر فلسطين.
وتشارك كذلك مجموعة من الأفلام في مسابقتي أفضل فيلم روائي قصير وأفضل فيلم وثائقي قصير. ويطمح هذا المهرجان أن يكون صوت النساء الفلسطينيات إلى العالم.
وسيكون لجمهور المهرجان موعد مع سبعة أفلام تونسية ضمن مختلف المسابقات الرسمية للمهرجان، حيث ينافس الفيلم التونسي "لأليف" لصابر البكوش ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وفيلم "نادين" لعبدالله يحيى ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، وفيلمي "ميما" لدرة صفر و"مفاتيح الغياب" لأمين الماجري ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، إلى جانب ثلاثة أفلام في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة وهي: "نساء على المسرح" لزينب بن صالح، و"فزاعات المنطقة الحمراء" لجلال الدين فوزي، و"أمي" لنجوى كسليم.
أعلن عن تأسيس المهرجان لأول مرة خلال فعاليات بينالي البندقية السينمائي، بمبادرة من المخرج والباحث الفلسطيني عزّ الدين شلح، الرئيس السابق للاتحاد الدولي للسينما العربية، وبرئاسة شرفية للمخرجة الألمانية مونيكا ماورر، التي كرّست حياتها للحفاظ على الذاكرة البصرية الفلسطينية.

وأوضح شلح أن المهرجان "ولد من رحم الإبادة الجماعية التي طالت نساء فقدن أزواجهن وأبناءهن، فكان لا بد من منصة فنية تعبّر عن المرأة الفلسطينية وتمكّنها من رواية قصتها للعالم بعدستها الخاصة".
وأضاف أن المهرجان يسعى إلى تمكين النساء الفلسطينيات سينمائيًا من خلال ورش تدريب على صناعة الأفلام، وإتاحة الفرصة أمامهن للمشاركة في مهرجانات دولية تحمل الرواية الفلسطينية بعيون نسائها.
ويتزامن انطلاق المهرجان مع اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، الذي أقرّته السلطة الفلسطينية عام 2019 تخليدًا لدورها في النضال الوطني والاجتماعي.
وقالت فاتن حرب، الناشطة المجتمعية الفلسطينية "نلتقي اليوم في مناسبة تحمل معنيين كبيرين: يوم المرأة الوطني ومهرجان غزة الدولي لسينما المرأة. كلاهما يحتفي بالمرأة الفلسطينية التي لم تكن يومًا متفرجة على التاريخ، بل صانعة له ومؤرخة له بعدستها وصوتها".
وأضافت أن المهرجان "يعبّر عن صمود المرأة الفلسطينية التي واجهت الفقد والوجع بصبر وإصرار، لتبرق رسالة إلى العالم تؤكد حقها في الحياة والكرامة".
ومن جانبه، قال رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية في فلسطين يسري درويش إن المهرجان "تأكيد جديد على أن غزة تحب الحياة رغم الإبادة، وأنها قادرة على تحويل الركام إلى شاشة، والحزن إلى رسالة أمل".
وأشار إلى أن تنظيم المهرجان في هذا التوقيت "تكريم للمرأة الفلسطينية التي تحملت ويلات الحرب، من فقد واعتقال وتشريد، وتستحق أن تُروى قصتها أمام العالم بصدق وعدالة".
بهذه الرسائل الفنية والإنسانية، يعلن مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة عن ميلاده الأول وسط الحرب، ليؤكد أن الثقافة تظل فعل مقاومة، وأن السينما – في غزة كما في كل مكان – لا تزال قادرة على منح الصوت لمن حُرموا من الكلام.
