

عمان-نساء FM- كانت الملازم رولى الشوابكة أوّل امرأة عربية تشارك في بعثة لحفظ السلام في دارفور، السودان، وقد رسمت لنفسها درباً خاصاً في القطاع الأمني. تقول رولى بابتسامة يملؤها الفخر: "رحلتي لم تبدأ في السودان، بل انطلقت من الأردن، حيث عملتُ في قسم البحث الجنائي لخمسة أعوام، طوّرت خلالها مهاراتي في الاتصال والقيادة، كما اكتسبتُ فهماً أعمق لحساسية الثقافات المختلفة. في تلك المرحلة، أثبتُّ لمجتمعي أن المرأة قادرة على أن تنجح وتتميّز في المجال الأمني."

تقول النقيب رولى الشوابكة: "في عام 2016، بدأ فصل جديد من حياتي عندما التحقتُ ببعثة لحفظ السلام في دارفور. لم تكن الأيام الأولى سهلة، فقد كنت أشارك في الدوريات، وكان عملي يتركّز على متابعة أوضاع النازحين وتقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها. كان التعامل مع أشخاص يأتون من خلفيات وبيئات مختلفة أمراً صعباً في البداية. لكن مع مرور الوقت، ومع ازدياد انخراطي بالمجتمع والزملاء، تعلمت كيف أتكيّف مع الثقافات المتنوعة وأتقبّل اختلافاتنا. لقد كانت تجربة غيّرتني بعمق، وأظهرت لي ما تملكه المرأة من قوة وقدرة على التكيّف حتى في قلب مناطق النزاع".
ترى النقيب رولى الشوابكة في دورها ضمن بعثات حفظ السلام رسالة عميقة لمجتمعها، تستلهم منها النساء القوة والثقة بقدراتهن. وتقول: "هدفي أن أصل إلى أعلى الرتب، وأن أساند زميلاتي في الالتحاق بهذه المهام، بما يسهم في بناء مجتمع أكثر شمولية وأقوى تأثيراً".
“حين تسافر النساء للمشاركة في بعثات حفظ السلام، فإنهن لا يقمن بواجب وظيفي فقط، بل يحملن رسالة مساواة وأمل. وجودهن يمهّد الطريق أمام أخريات، ويعكس رؤية المديرية التي تؤمن بقدرة المرأة على أداء أدوار متعددة وإحداث أثر أعمق في القطاع الأمني".
– النقيب رولى الشوابكة
بعزيمتها صنعت طريقها إلى السلام

تسترجع النقيب رائدة النجداوي بداياتها عام 2007 فتقول: كانت الأصوات الخارجية، والهواجس الأمنية، وقلّة وجود النساء في الميدان كلها عوامل اختبرت قناعتي الداخلية: "بأنني أستطيع القيام بهذه المهمة." في ذلك الوقت كان من النادر أن نرى نساء في مديرية الأمن العام، غير أنّني أنحدر من عائلة لها تاريخ عريق في الخدمة العسكرية، ومن هنا وُلد حلمي منذ الطفولة: أن أنضم إلى هذا القطاع، تماماً كما فعلوا".
"حين بدأت رحلتي في المجال الأمني، سرعان ما أدركت أنّ الأمر يتجاوز تقديم خدمة، فهو يتعلق بالناس، بالذين نخدمهم، بالزملاء الذين نعمل معهم، وبمجتمعنا بأكمله". لقد غذّى شغف رائدة بخدمة الناس والمجتمع مسيرتها عاماً بعد عام، ودفعها لتتجاوز حدود مهمتها الأولى في حماية البيئة، حتى وصلت إلى جنوب السودان.
وفي وقتٍ كان من النادر أن تلتحق نساء أردنيات ببعثات في مناطق نزاع، كانت رائدة ضمن أوائل المشاركات في بعثة لحفظ السلام هناك. تقول بابتسامة هادئة ونبرة واثقة: "وجودنا هناك بالغ الأهمية، لنشر الأمن والسلام وبث الطمأنينة في قلوب المواطنات النساء".
يحمل صوت رائدة عزيمةً ممزوجة بالأمل. فهي ترى أن الخطوات التي تتخذها مديرية الأمن العام نحو إشراك المرأة ليست مجرد خطوات رمزية، بل تحولات جوهرية. وتضيف بملامح يملؤها التفاؤل: "أتمنى أن أرى المزيد من النساء يلتحقن بهذا المجال. أشعر بسعادة غامرة كلما رأيت التزام المديرية بتمكين المرأة، خاصة مع إنشاء وحدة متخصصة لتحقيق هذا الهدف".
“أؤمن بأن المرأة مفتاح السلام، وكلما ازداد انخراطنا في بعثات حفظ السلام، كلما قدّمنا قدوات إيجابية تلهم النساء والفتيات الأخريات. فالمهمة لا تبلغ تمامها إلا حين نقف نحن النساء جنباً إلى جنب مع الرجال".
– النقيب رائدة النجداوي
الأثر المتنامي

تقول النقيب ماريانا حدّاد متذكّرة بداياتها: "عندما أنظر إلى الوراء، قبل سبعة عشر عاماً حين التحقت بالقطاع الأمني، لم يكن حضور النساء واضحاً كما هو اليوم. ومع ذلك، كان دعم عائلتي الدافع الأكبر الذي شجّعني على أن أرسم طريقي في هذا المجال".
في البداية، عملت النقيب ماريانا في مجالات مختلفة، "بدءاً من مراكز الإصلاح والتأهيل، مروراً بالشرطة السياحية، وصولاً إلى المشاركة في بعثات حفظ السلام في مناطق النزاع. وخلال قيامي بمهامي، حرصت على حضور ورشات عمل تساعدني على اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة التحديات المرتبطة بعملي. ومن بين هذه الورشات تلك الخاصة باللغات والتدريب الميداني التي نظمتها مديرية الأمن العام، وقد هيأتني لخوض بعثات حفظ السلام في قبرص ودارفور".
وتتابع: "كما شاركت في العديد من الورشات التي نظمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والتي ركّزت على قضايا النوع الاجتماعي واللاجئات والعنف المبني على النوع الاجتماعي. وقد ساعدتني هذه المعرفة بشكل كبير في الميدان، إذ مكنتني من فهم النساء القادمات من خلفيات مختلفة والتحديات التي يواجهنها، مما أتاح لي دعمهن في تطوير مهارات جديدة لتجاوز تلك العقبات".
وترى ماريانا أن رؤيتها تنسجم مع الأهداف الأوسع لمديرية الأمن العام "أنا ملتزمة بتمكين النساء في مجتمعنا، وإلهامهن للمشاركة في بعثات حفظ السلام، والانخراط الفاعل في القطاع الأمني".
“النساء جزء أساسي من المجتمع، وإشراكهن في مثل هذه البعثات يعني عكس صورة إيجابية عن وطننا، حيث تتولى المرأة أدواراً محورية في تعزيز السلام واستدامته. ولهذا السبب أحرص على توظيف خبرتي ومعرفتي في تقديم جلسات لبناء القدرات، سواء لمنتسبي الشرطة المحليين أو لنساء مجتمعنا".
– النقيب ماريانا حدّاد
من خلال مشروع صندوق التمويل المشترك للبرنامج الوطني الأردني للعمل بشأن المرأة والسلام والأمن (المرحلة الثانية)، وبالشراكة مع مديرية الأمن العام، يمضي القطاع الأمني في الأردن نحو تعزيز النهج المستجيب للنوع الاجتماعي في مجالات الشرطة وتقديم الخدمات. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز استقطاب النساء ورفع نسب احتفاظهن وترقيتهن داخل الأجهزة الأمنية، إلى جانب تعزيز استجابتها لاحتياجات النوع الاجتماعي. كما يدعم المديرية في تأهيل النساء للمشاركة في بعثات حفظ السلام.
إن زيادة تمثيل النساء في المناصب القيادية والعملياتية تعزز الثقة بين المجتمعات والأجهزة الأمنية، وتمكّن النساء من الانخراط الفاعل في جهود بناء السلام وحل النزاعات. وبدعم من كندا وفنلندا والنرويج وفرنسا وإسبانيا وقبرص والمملكة المتحدة، يسهم البرنامج في بناء مجتمع أكثر شمولية واستقراراً، تكون فيه المرأة شريكاً محورياً في تحقيق السلام والحفاظ عليه.
المصدر :