رام الله-نساء FM- ناقشت الحلقة الخامسة والعشرين من برنامج نساء الشام الذي نقدّمه ضمن مشروع قريب للوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية (CFI)، والمموَّل من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) الصحة النفسية للنساء في دول فلسطين والأردن ولبنان والعراق وأهميتها في تمكين المرأة.
ومنتصف العام الماضي وبعد قرابة العام على جائحة كورونا أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ نحو مليار شخص في أنحاء العالم يعانون اضطرابات نفسية، في حين ذكرت مصادر مختلفة أنّ البحث عن الصحة النفسية في الوطن العربي على محرك البحث غوغل ارتفع بنسبة كبيرة في السنوات الخمس الأخيرة.
وترى الجهات المختصة أنّ ظروفَ الحروب والتهجير والفقر والبطالة وغيابَ آفاق واضحة للمستقبل، فضلاً عن العنف والتمييز وعدم المساواة كلُها أسباب تسهم في زيادة عدد الذين يعانون من أعراض أو أمراض نفسية في العالم العربي وحول العالم.
في منطقتنا، لا تؤدي معرفة أسباب المشكلة إلى إيجاد الحلول لها، بل على العكس، تزداد تعقيدات هذه المشكلة. خاصة على الفئات المهمشة كالنساء والأطفال وكبار السن والعاطلين عن العمل وغيرهم، ويمكن أن تعاني المرأة أياً من حالات الصحة النفسية المختلفة، نتيجةً لضغوط إضافية تتحملها النساء وتفرضها مسؤوليات العمل والمنزل، ورعاية الأطفال والأبوين المسنين، ناهيك عمّا قد تتعرض له بعض النساء من سوء المعاملة والعنف الاقتصادي أو الجنسي أو الجسدي.
الأخصائي النفسي باسل الحمد، أشار إلى أنّ واقع الصحة النفسية في العالم العربي لم يتغير، وإنما الذي تغير هو وجود مزيد من التوعية بأهمية الصحة النفسية.
وأكد الحمد أن النساء غالباً ما تتأثر بالواقع المحيط بهن من نواحي نفسية نتيجة كونهن الطرف الأضعف في حلقة الصراعات الأسرية أو غيرها، فضلاً عن عدم استقلاليتهن الاقتصادية أو تبعيتهن للأب أو الزوج من ناحية اتخاذ القرار.
ولفت الحمد إلى أنّ النساء وفي حال تعرضهن لاضطرابات نفسية فإنّ وصولهن للعلاج والمساعدة كثيرا ما يتطلب وقتاً كبيراً نتيجة النظرة النمطية للنساء وعدم قدرتهن على اتخاذ القرارات بحرية.
وفيما يتعلق بعلاقة الصحة النفسية بتمكين المرأة أكد الحمد أنّ الاضطرابات النفسية التي تنشأ عند النساء تظهر بسبب محددات وقيود موضوعة على المرأة منذ صغرها، حيث يمكّن العلاج النفسي المرأة من رؤية حقيقة وضعها وحقيقة ما تريده في الحياة وتقوية نفسها وترميم الجروح التي تركتها فيها التجارب السابقة.
من جهتها، قالت الأخصائية النفسية اللبنانية ومدربة البرمجة اللغوية العصبية نسرين جفال، إن المشكلة في العلاج النفسي كانت في تقبل فكرة الإقبال على عيادات الطب النفسي التي كان سبباً في وصم كثيرين بالعار في عدد من الدول، نتيجة للنظر للمريض النفسي على أنه مجنون، رغم أنّ المرض النفسي لا يختلف عن أي مرض عضوي آخر. وأكدت جفال أن المرأة كان لها النصيب الأكبر من أعداد مراجعي العيادات النفسية نتيجة لتعرضها للاضطهاد في المنزل، وعدم استقلاليتها فضلاً عن عدم قدرتها على التعبير عن نفسها واتخاذ قراراتها دون تأثيرات خارجية ودون تبعية للأب أو الأخ أو الزوج.
وبدروها اشارت أستاذة علم النفس في الجامعة المستنصرية في العراق د. زينب الجبوري، إلى أنّه رغم أهمية الصحة النفسية للمرأة إلّا أنها لا تحظى بالاهتمام الرسمي اللازم والمناسب، خاصة في ظل تحمل النساء لعدد كبير من الضغوط المجتمعية والاقتصادية وغيرها.
وأكدت د. الجبوري على أنّ هناك عدداً من الأساسيات التي يمكن الاستناد عليها للبدء في تمكين النساء نفسيا واجتماعيا بحيث ينعكس هذا على أثرهن في مجتمعاتهن وقدرتهن على التأثير والتغيير من باقي النواحي، وذلك من خلال تعزيز الوعي بمفهوم الصحة النفسية منذ الصغر، وإدخال الأخصائيين النفسيين في مختلف مجالات الحياة بحيث يصبح موضوع الصحة النفسية أولوية وأمراً طبيعياً ومألوفاً.