الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » اقتصاد »  

"غزة بلا فكة": أزمة نقود تعرقل الحياة اليومية !
16 تشرين الثاني 2025

غزة-نساء FM- عبلة العلمي- وسط الأزمات الاقتصادية والإنسانية المتلاحقة في قطاع غزة، ظهرت أزمة جديدة تُثقل كاهل المواطنين بشكل يومي: نقص العملات المعدنية والفئات الصغيرة من النقود، أو ما يُعرف محليًا بـ"الفكة". ما بدا في البداية مشكلة بسيطة في المعاملات اليومية تحول إلى أزمة معقدة تعيق حركة الناس، وتربك أسواق القطاع ووسائل النقل العام، وتؤثر على أبسط التفاصيل الحياتية، مثل شراء الخبز أو التنقل للمستشفى. 

في الأسواق، يعاني المواطنون من عدم توفر الفكة. تقول أم محمود، أم لطفلين:"كل مرة أذهب لشراء الخبز أو الخضار، البائع يقول لي: ما عندي فكة. أضطر أشتري أكثر من حاجتي أو أعود إلى المنزل دون شراء."

أما في المواصلات، فالطريق أمام المواطنين أصبح أكثر صعوبة، حيث يرفض السائقون تحميل الركاب الذين لا يملكون فكة، ما يضطرهم إلى السير لمسافات طويلة. تقول ليلى، طالبة جامعية: "أحيانًا أمشي نصف ساعة للوصول إلى مكان قريب لأنني لا أملك سوى ورقة فئة 50 أو 100 شيكل، والسائق لا يملك فكة."

أسباب الأزمة تتعدد وتتشابك. فالقيود المفروضة على إدخال النقد إلى غزة تحد من تدفق الأوراق النقدية الجديدة، بينما دُمّرت أو أُغلقت العديد من البنوك والصرافات خلال الحروب السابقة، ما جعل الوصول إلى الأموال الورقية صعبًا. كما أن الأوراق النقدية المتداولة أصبحت قديمة وممزقة، ما يخلق حاجة ماسة إلى ورش إصلاح العملات، حيث يقوم حرفيون محليون بترميم الأوراق القديمة لإعادتها للتداول. إضافة إلى ذلك، يعتمد المواطنون على وسطاء ماليين لسحب النقود، وغالبًا ما يفرضون عمولات مرتفعة تصل إلى 40-55٪، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على الأسر الغزية.

ورغم ذلك، لا يزال المواطنون في غزة يجدون طرقًا للتكيف مع الأزمة. بعضهم يشارك في حملات تبادل نقدي بين التجار والمواطنين، في حين يحاول آخرون استخدام التطبيقات البنكية والدفع الإلكتروني، رغم التحديات التقنية وعدم قبول بعض التجار لهذه الوسائل.

تداعيات الأزمة لا تقتصر على صعوبة الشراء والتنقل، بل تمتد لتؤثر على الاستقرار الاقتصادي والثقة في النظام النقدي المحلي. كما أن ارتفاع عمولات الوسطاء يزيد من استنزاف الموارد المالية للمواطنين، خصوصًا الذين يعتمدون على هذه القنوات للحصول على أموالهم، ما يجعل الأزمة جزءًا من مشكلة أكبر تتعلق بالحصار، وانعدام السيولة، وتدهور البنية المصرفية.

الحلول المقترحة تشمل تدخل الجهات الرسمية لتوفير كميات كافية من الفكة في الأسواق، وتنظيم حملات تبادل نقدي، وتعزيز الرقابة على الوسطاء لمنع الاستغلال، وتشجيع الدفع الرقمي مع تحسين البنية التحتية للتواصل، بالإضافة إلى دعم ورش إصلاح العملات التالفة أو إنشاء مراكز رسمية لاستبدال الأوراق القديمة بأوراق جديدة قابلة للتداول بسهولة، كما يأمل الغزيون حصول ذلك في أقرب وقت ممكن مع توقف الحرب.

في غزة، حيث تصبح الحياة اليومية مليئة بالتحديات، تتحول أزمة الفكة إلى صورة صمود، إذ يواصل المواطنون حياتهم بابتكار حلول من رحم المعاناة، مؤكدين مرة أخرى قدرتهم على التكيف والتكاتف رغم كل الصعاب.