الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية »  

آية أبو نصر.. تكتب كتابها بمداد الفقد لتوثّق ذاكرة غزة
27 تشرين الأول 2025

 

 

غزة-نساء FM- أزهار الكحلوت- من قلب غزة الممزقة، ومن بين الركام كتبت آية أبو نصر كتابها، لا بالحبر بل بالدمع والوجع. من بيت لاهيا خرج صوتها ليحمل للعالم شهادة حقيقية على ما عاشه الغزيون من فقدٍ ونزوحٍ وموتٍ بطيء، في كتابٍ اختصرته في جملةٍ تلخّص قدر مدينتها: "في غزة نجا من مات ومات من نجا." 

لم يكن الكتاب مجرد سردٍ لأحداث الحرب، بل شهادة حية على فقدان عائلتها، ذلك الفقد الذي حفر في قلبها جرحاً لا يندمل.

  الشابة آية أبو نصر(29عاماً) من بيت لاهيا شمال قطاع غزة، فقدت 150 فرداً من عائلتها في قصف إسرائيلي استهدف بناية مكونة من خمس طوابق في منطقة مشروع بيت لاهيا بتاريخ 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2024. 

 

 

كتاب من قلب المجزرة

 

 عاشت آية كغيرها من نساء غزة تفاصيل حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023, والتي استمرت لعامين كاملين .

تقول أبو نصر لـ " نساء إف إم": " اقتحمت الحرب حياتي كما يقتحم الليل بيتاً مضاءً، فانتزعت مني كل ما أحب عائلتي وبيتي وعملي، وحتى إحساسي بالأمان." 

وروت أبو نصر، أنها لم تغادر شمال القطاع رغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة والدعوات إلى النزوح نحو الجنوب، لكنها في النهاية أجبرت على الرحيل تحت فوهات الدبابات والطائرات التي كانت تحاصرهم . 

تصف يوم نزوحها بأنه "يوم مهلك ومرعب، كانت الدبابات تسير بجانبنا، نفتش ونهدد ونرى الاعتقالات أمام أعيننا، وأمي تبكي لأنها تركت أبناءها في الشمال." ومن هذا اليوم أدركت أنه كان واجباً عليها أن تخلد الحقيقة وتنقل للعالم ما يحدث في غزة . 

 

اللقاء الأول

من فصول الكتاب ما حمل عنوان "اللقاء الأول"، حيث تروي كيف عادت إلى الحياة بعد فقدانها العائلة، لتعمل في مؤسسات الدعم النفسي ومساندة النساء النازحات، متحدية نفسها والألم. وتقول: في هذا الفصل عبارتها التي أصبحت شعارًا شخصيًا لها: "هذا الاحتلال لن يُضعف قوتي ولن يُسكت صوتي".

شهادات من قلب النار 

يتناول الكتاب مشاهد إنسانية من حرب الإبادة، تصف فيها آية امراة تصرخ أمام جثث أطفالها التسعة، وآباء ينتظرون المساعدات الغذائية في طوابير الموت، وجوعاً يفتك بأهالي شمال غزة، وأعياداً مرت على المدينة وسط الدمار والقتل. 

كما كتبت عن معاناة العيش في الخيام وانعدام الخصوصية فيها، وعن نقص الأدوية وصعوبة علاج المرضى. 

يضم الكتاب عشرات قصص النساء الناجيات، مستنداً إلى اقتباسات حقيقية من رواياتهن، لتوثيق يومياتٍ واقعية عاشها الشعب الفلسطيني بكل تفاصيلها المؤلمة . 


 

 

شهادة للتاريخ 

تم تبني كتابها في سلطنة عمان، حيث نشر رسمياً وجرى توقيعه وإطلاقه هناك، وهو متوفر في عدد من المكتبات الدولية.

 تقول أبو نصر: "أسعى لأن يقرأ العالم كتابي لا أن يترك على رفوف المكتبات. هذا الكتاب شهادة حقيقية على ما حدث في غزة، كتبته من قلب النار، دون تزييف أو مبالغة." 

 وتؤكد أن كتابها "في غزة نجا من مات ومات من نجا " ليس مجرد توثيق للأحداث، بل وثيقة إنسانية وتاريخية لحرب الإبادة التي عاشها الفلسطينيون في غزة. 

كتبت آية لتبقى ذكرى احبائها حية ، ولتقول للعالم:" لا تتركوا فلسطين وحدها، رددوا اسمها في كل مكان، حتى لا تموت مرتين؛ مرة تحت الركام، ومرة في الصمت".