الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية »  

صوت| في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية: الفلسطينيات صامدات في وجه الحرب والدمار وينتظرن الحماية والمساواة والتمكين
26 تشرين الأول 2025

 

رام الله-نساء FM- (خاص)  يحتفي الفلسطينيون في السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، والذي يصادف هذا العام اليوم الأحد، باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، الذي أقرته الحكومة الفلسطينية عام 2009، تخليداً لنضال المرأة الفلسطينية الممتد عبر العقود، وتقديراً لدورها الريادي في المقاومة والتعليم وبناء الأسرة والمجتمع.

ويمثل هذا اليوم وقفة فخر واعتزاز وفرصة لتجديد الالتزام بتمكين النساء وتحقيق المساواة والعدالة لهن في مختلف المجالات، خصوصاً في ظل الواقع الصعب الذي فرضته الحرب الأخيرة على قطاع غزة والضفة الغربية، وما خلفته من دمار شامل في البنية التحتية والخدمات الأساسية.

تقارير تحليلية شاملة ترصد واقع النساء والفتيات

بمناسبة هذا اليوم، أصدرت وزارة شؤون المرأة سلسلة من التقارير التحليلية الشاملة التي تناولت واقع النساء والفتيات الفلسطينيات من زوايا متعددة، أبرزها التعليم، والصحة، والمرأة الريفية، وواقع المرأة المقدسية.

وجاءت هذه التقارير لتشكل مرجعاً وطنياً لرصد أوضاع النساء في مختلف القطاعات، وكشف الفجوات النوعية في الفرص والخدمات، بهدف صياغة سياسات واستراتيجيات أكثر عدالة واستجابة لاحتياجات النساء والفتيات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

الواقع الصحي: بين الحصار وضعف الخدمات

كشف التقرير الصحي الصادر عن الوزارة عن تحديات عميقة تواجه النساء الفلسطينيات في مجال الصحة والحق في الغذاء، خاصة في قطاع غزة الذي يشهد تدهوراً حاداً في الخدمات الصحية نتيجة الحرب المستمرة والحصار المفروض منذ سنوات.

فقد أدى الدمار الكبير في البنية التحتية الصحية إلى نقص في الأدوية والمستلزمات، وتعطل كثير من المرافق الطبية، مما أثر بشكل مباشر على النساء الحوامل، والأطفال، والمسنات.

كما أشار التقرير إلى تزايد حالات سوء التغذية بين النساء والفتيات، وارتفاع معدلات فقر الدم، إلى جانب التحديات في الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة، خصوصاً في المناطق النائية والريفية، حيث يتطلب العلاج غالباً التنقل لمسافات طويلة في ظل قيود الحركة والإغلاق.

وفي الضفة الغربية، تواجه النساء تحديات مختلفة مرتبطة بتشتت الخدمات وارتفاع تكاليف العلاج، وضعف التغطية التأمينية، ما يحدّ من قدرة النساء على متابعة الرعاية الصحية المنتظمة.

الواقع التعليمي: حضور قوي يقابله غياب في مجالات التخصص والقيادة

أما في المجال التعليمي، فقد أظهر تقرير الوزارة استمرار ارتفاع معدلات التحاق الفتيات بالتعليم الأساسي والثانوي، حيث تشكل الطالبات نسبة تفوق 50% في معظم المراحل الدراسية.

غير أن الفجوات تظهر في التعليم المهني والتقني، وفي المشاركة النسائية في التخصصات العلمية والهندسية والتكنولوجية، وهي مجالات لا تزال تتأثر بالنمط الاجتماعي والتوقعات التقليدية المرتبطة بأدوار النساء.

كما أشار التقرير إلى أن نسبة تمثيل النساء في المناصب الأكاديمية العليا والإدارية في مؤسسات التعليم العالي ما زالت محدودة، رغم تزايد أعداد الخريجات الجامعيات بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.

وأكدت الوزارة أن تحسين الوصول إلى التعليم النوعي وتمكين الفتيات من اختيار مسارات أكاديمية ومهنية متنوعة يعدّ من أولويات المرحلة المقبلة، إلى جانب دعم مبادرات الابتكار والريادة في أوساط الشابات.

المرأة الريفية: عماد الصمود في وجه التحديات

من أبرز ما تناولته التقارير كذلك واقع المرأة الريفية الفلسطينية، التي تشكل نحو 49% من سكان الريف، أي ما يقارب 432 ألف امرأة في 774 قرية فلسطينية.

وبيّنت النتائج أن النساء الريفيات يعانين من فجوات واضحة في فرص العمل والتعليم والخدمات الأساسية، حيث بلغ معدل البطالة بينهن 30.1% في عام 2024، وانخفضت نسبة مشاركتهن في سوق العمل إلى 17.8%، فيما تعمل 14.6% فقط في القطاع الزراعي الذي يعد ركيزة الاقتصاد الريفي.

كما تطرقت التقارير إلى الآثار المدمرة للاحتلال الإسرائيلي، إذ تمت مصادرة أكثر من 52 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر 2023، وأقيمت 60 بؤرة استيطانية جديدة، فيما دُمرت 94% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، ما أدى إلى خسائر تتجاوز 2.8 مليار دولار.

وفي ظل هذا الواقع، تتحمل النساء الريفيات أعباء مضاعفة في إعالة أسرهن، والحفاظ على مصادر رزقهن، رغم قلة الموارد وضعف الدعم المادي والفني.

المرأة المقدسية: صمود مضاعف في وجه التهويد

أما المرأة المقدسية، فتعاني من سياسات تهويد ممنهجة تستهدف وجودها وهويتها.

فالتضييق على الحركة والعمل والتعليم، وسحب الهويات، وهدم المنازل، جميعها عوامل تزيد من معاناتها اليومية.

ورغم ذلك، تؤدي النساء المقدسيات دوراً محورياً في الحفاظ على الهوية الوطنية والاجتماعية في المدينة، من خلال المبادرات المجتمعية والتعليمية التي تعزز الوعي والانتماء، وتوثّق الرواية الفلسطينية في وجه محاولات الطمس والتهميش.

بثينة السالم : نعمل على  تعزيز وتمكين صمود المرأة الفلسطينية

وفي مقابلة خاصة عبر نساء إف إم ضمن برنامج صباح نساء، أكدت وكيلة وزارة شؤون المرأة بثينة السالم أن إصدار هذه التقارير يأتي ضمن رؤية الوزارة لتطوير سياسات وطنية أكثر استجابة لاحتياجات النساء والفتيات.

وقالت السالم: "المرأة الفلسطينية كانت ولا تزال شريكاً أساسياً في التنمية، وحارسة للهوية الوطنية رغم كل الصعوبات، وهي تقف في الصفوف الأولى في ميادين العمل والعطاء والمقاومة اليومية للحياة."

وأضافت أن الوزارة تعمل بالشراكة مع المؤسسات الحكومية والأهلية والدولية لتعزيز العدالة والمساواة، وضمان وصول الخدمات الصحية والتعليمية للنساء في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، مع اهتمام خاص بتمكين المرأة الريفية ودعم المشاريع الصغيرة الإنتاجية.

وشددت السالم على أن المرحلة المقبلة ستركّز على التمكين الاقتصادي للنساء، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل مستدامة، إلى جانب متابعة قضايا العنف ضد المرأة وتطوير أنظمة الحماية القانونية والاجتماعية، مؤكدة أن تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع فلسطيني عادل ومنصف.

الاستماع الى اللقاء مع بثينة السالم 

دعوة نحو مستقبل أكثر عدلاً ومساواة

اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو دعوة متجددة لمواصلة العمل من أجل مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً، تُحقق فيه النساء والفتيات كامل حقوقهن، ويشاركن في صياغة السياسات وصنع المستقبل.

فمن غزة إلى القدس، ومن القرى الريفية إلى المدن، تظل المرأة الفلسطينية عنواناً للصمود والعطاء، ورمزاً للثبات على الأرض والهوية رغم كل التحديات.