
دمشق-نساء FM- شدّدت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، نجاة رشدي، على ضرورة إشراك المرأة السورية في تقرير مستقبل البلاد، مثنية على تضحيات النساء السوريات من أجل "البقاء والعدالة والمساواة على مدى أكثر من عقد من الصراع". واستحضرت في هذا السياق تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع في بداية العام، التي أقرّ فيها بأن تحرر سورية تحقق بفضل تضحيات السوريين، وفي مقدّمِهم النساء.
وجاءت ملاحظات رشدي خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، في نيويورك، ضمن الاجتماع الدوري حول سورية. وتوقفت عند انتخابات البرلمان السوري الأخيرة التي أُجريت مطلع الشهر، مبيّنة أنّ "ست نساء فقط انتُخبن لعضوية مجلس الشعب من أصل 119 مقعداً متنافساً عليها، في عملية اتسمت بتمثيلٍ ناقصٍ للنساء منذ البداية، وكان من الممكن تلافيه".
وأوضحت أن النساء شكّلن "عضوتين فقط من أصل 11 في اللجنة العليا للانتخابات، و10% من مديري الانتخابات البالغ عددهم 180، و13% من أصل 1400 مرشح، و18% من أصل 6000 ناخب". وأشارت إلى أنّ اللجنة العليا نفسها أقرت بأنّ "نسبة تمثيل النساء لا تتسق مع الدور المجتمعي والسياسي الذي لطالما لعبته المرأة السورية"، مؤكدة أنّ النساء السوريات يتطلعن إلى عمليات انتخابية مستقبلية أكثر إنصافاً تضمن حقوقهن في التمثيل والمشاركة.
وتناولت رشدي ضعف التمثيل الطائفي والإثني في الانتخابات، ملاحظةً أنّه "ومع وجود مسيحي واحد، وثلاثة إسماعيليين، وثلاثة علويين، وأربعة أكراد، وعدم وجود درزي واحد من بين 119 عضواً منتخباً حتى الآن، أقرّت اللجنة العليا بضرورة تحسين تمثيل الطوائف". وأضافت أنّ "18 مقعداً ستبقى شاغرة في دوائر شمال شرق سورية والسويداء"، بانتظار التعيينات الرئاسية واستكمال الانتخابات في بعض المحافظات.
وأشارت إلى أنّ العملية الانتخابية واجهت تحديات تنظيمية وسياسية كبيرة، موضحة أن "كُثراً من السوريين عبّروا عن استيائهم من عملية متسرعة، وغموض في اتخاذ القرار، وتعديلات في اللحظات الأخيرة، وضعف في المشاركة العامة". واعتبرت أن الانتخابات تمثل "جوهر التحول السياسي"، مؤكدة أهمية التخطيط المسبق ومشاركة كل مكونات المجتمع، ومجددة استعداد الأمم المتحدة لدعم أي جهود سورية لتطوير العملية الانتخابية المستقبلية.
وفي محور آخر، ركّزت رشدي على الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سورية، معتبرة أنها لا تقل أهمية عن التحديات السياسية. وقالت إنّ "العواقب الوخيمة لأربعة عشر عاماً من الصراع وأكثر من نصف قرن من الحكم الدكتاتوري خلّفت تبعات جسيمة، ولا يمكن للانتقال السياسي أن ينجح دون دعم اقتصادي ملموس من المجتمع الدولي".
وطالبت برفع العقوبات المفروضة على سورية بشكل أوسع وأسرع لمنح المرحلة الانتقالية فرصة للنجاح، مضيفة: "نرحب بمناشدة الحكومة الأميركية لإلغاء قانون قيصر، ونتابع العملية التشريعية بهذا الخصوص، مما قد يمهد الطريق لتجدد الاستثمار وإعادة الإعمار". وشدّدت على أهمية تهيئة بيئة استثمارية مناسبة عبر الإصلاحات المحلية والخطوات الانتقالية التي تعزز ثقة المانحين والمستثمرين بالسلطات المؤقتة.
كما أكدت رشدي الحاجة إلى خطوات واضحة في ملفات العدالة الانتقالية والمساءلة، مشيرة إلى أن "السلطات المؤقتة عيّنت لجاناً وطنية للعمل على هذه القضايا"، داعية إلى "نشر نتائج اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث الساحل السوري، في مارس/ آذار الماضي، واتخاذ إجراءات متابعة بشأنها، حتى يشعر الجميع بأنّ الإفلات من العقاب قيد المعالجة".
نساء سورية... مخاوف وتساؤلات حول المستقبل
من جهته، استعرض مدير قسم القطاع الإنساني في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، راميش راجاسينغهام، أبرز التحديات الإنسانية، مبيناً أنّ نحو سبعة ملايين سوري ما زالوا نازحين داخلياً، بينهم 1.3 مليون يعيشون في مخيمات أو مواقع مماثلة، وهم عرضة لمخاطر إضافية مع حلول الشتاء. وأوضح أنّ "2.4 مليون طفل سوري خارج المدارس، ومليون طفل آخر مهدّدون بالتسرب، بينما تُستخدم واحدة من كل ثلاث مدارس لإيواء النازحين أو تضررت بفعل الحرب".
وأشار راجاسينغهام إلى الهجمات التي شهدتها أجزاء من حلب شمالي صورية، أخيراً، والتي أدت إلى سقوط قتلى مدنيين ونزوح مؤقت لعائلات عدة، مؤكداً أن "البيئة الأمنية الهشة لا تزال تعيق حركة الأشخاص والبضائع، وتؤدي إلى نقص وارتفاع أسعار المواد الأساسية كالوقود والخبز، وتحدّ من قدرة الخدمات العامة والرعاية الصحية على الاستمرار، وتمنع عودة النازحين إلى منازلهم".
ولفت إلى أنّ الذخائر غير المنفجرة لا تزال تحصد الأرواح، موضحاً أنه "في الأسبوع الماضي فقط، وقعت 16 حادثة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 آخرين، بينهم ستة أطفال. ومنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قُتل أكثر من 550 شخصاً وأُصيب أكثر من 800 آخرين، ثلثهم من الأطفال". وتطرق إلى أزمة الجفاف والحرائق التي شهدتها محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص، وأثّرت على أكثر من خمسة آلاف شخص، متسببة في نزوح العشرات وإلحاق أضرار بالأراضي الزراعية والخدمات الأساسية.
واختتم راجاسينغهام مداخلته بتأكيد الحاجة إلى زيادة التمويل للمساعدات الإنسانية الأساسية، مشيراً إلى أن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لسورية ممولة بنسبة 19% فقط، وهي من أدنى النسب عالمياً. وحذر من أن هذا النقص أدى إلى "تعليق خدمات نقل المياه بالشاحنات في بعض مناطق الرقة، وتقليصها في الحسكة، مع احتمال تقليص إضافي الشهر المقبل إذا لم تتوافر موارد جديدة".
كما نقل تحذير برنامج الأغذية العالمي من اضطراره إلى تقليص مساعداته بحلول يناير/ كانون الثاني المقبل إذا استمر نقص التمويل، مشيراً إلى إغلاق أكثر من 340 منشأة صحية و45 نقطة خدمة للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وختم بالتأكيد أنّ "النساء والفتيات في سورية ما زلن يعانين من انعدام الأمن والعنف الجندري على نطاق واسع، رغم الأمل المتزايد بشأن المرحلة الانتقالية المرتقبة".
