الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » نساء فلسطينيات »  

مراسلة نساء إف إم في غزة .. رسائل تحت القصف!
18 تشرين الأول 2023

 

غزة-نساء FM- كتبت مراسلة نساء إف إم في قطاع غزة رولا أبو هاشم- استيقظتُ أمس برفقة العائلة، كبارها وصغارها، فجأة عند الرابعة والنصف فجرًا، على صوت انفجار عنيف وقريب، منذ اثني عشر يومًا والغارات الإسرائيلية لم تتوقف على امتداد محافظات قطاع غزة!

نسترق النوم في ساعات الهدوء الحذر، فما نلبث أن نستيقظ مفزوعين من شدة القصف واهتزاز المنزل!

ما زال صوت القصف يرعبنا، لا يمكن أن يعتاد المرء مشاهد العدوان على مر الأيام، فمع كل غارة تزداد دقات قلوبنا، ونظل نتمتم بالدعوات ونذكر اسم الله، حتى يزول الخوف ويحل الاطمئنان.

خرج إخوتي سريعًا من المنزل لحظة القصف، ثم عادوا مذهولين من هول ما رأوا، منزل مكون من خمسة طوابق، أصبح أثرًا بعد عين، بالإضافة لتضرر كبير وصل إلى المنازل المجاورة، أشلاء الشهداء معلقة على ما تبقى من جدران المنازل المحيطة.

جهود كبيرة ومعاناة شديدة في البحث عن الشهداء والمفقودين تحت الركام، نظرًا لأن النهار لم يطلع بعد، والظلام يلف المكان، ما جعل مهمة الإنقاذ صعبة ومعقدة!

تمكنت الطواقم الطبية من انتشال 28 شهيدًا وعدد كبير من الإصابات، حيث أن المنزل المستهدف كان يضم عدة عائلات نزحوا من منازلهم إلى جنوب القطاع بعد تهديدات جيش الاحتلال لهم بمغادرة مدينة غزة والشمال.

غادروا منازلهم خوفًا على حياتهم، وظنًا منهم أنهم متجهون إلى مكان آمن، ليرتقوا شهداء في تلك المنازل الآمنة جنوبًا!

في الحقيقة لم يعد هناك مكان آمن في قطاع غزة، فالطائرات تشن غاراتها على مختلف الأماكن، دون أي اعتبارات.

لم تمض ساعات قليلة على هذه المجزرة حتى انتفضنا على غارة أخرى قريبة تستهدف منزلًا جديدًا، ومجزرة جديدة بحق مدنيين جدد!

هذه رفح التي تركت منزلي شمال القطاع منذ بدء العدوان تجاهها على اعتبار أنها الأقل خطرًا من غيرها، لقد قضيت نهار أمس بقلب مقبوض، وخوف شديد، فالموت هنا قريب منا وقد يصلنا في أي وقت!

ولم تكن تلك الصورة في رفح وحدها، بل كانت الجرائم تتكرر في خانيونس عبر استهداف منازل المواطنين في مناطق مختلفة هناك، وارتقاء عدد كبير من الشهداء والجرحى.

لقد كان الأمس يوم المجازر بامتياز، واختتم الاحتلال بطشه في المجزرة الأعنف والأقسى، في ساحة المستشفى الأهلي المعمداني بمدينة غزة!

قرابة ثلاثة آلاف شخص من العائلات المحيطة بالمستشفى والقريبة منه اتخذوا من ساحته وأروقة أقسامه الداخلية ملاذًا آمنًا لهم بعدما نزحوا من منازلهم في المناطق الساخنة!

لتباغتهم صواريخ الاحتلال مساءً بينما كان صغارهم يلهون في حديقة المستشفى، ونساؤهم يفترشون الأرض بجانب من معهم من كبار السن!

أكثر من 500 شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء ارتقوا في تلك المجزرة!

هؤلاء جميعًا تحولوا إلى جثث وأشلاء دون أن تشفع لهم الحماية الدولية التي تمتلكها المستشفى، فهي مؤسسة طبية تقدم خدمات صحية تتبع للجالية المسيحية بمدينة غزة، وتضم بين جنباتها كنيسة يؤدي المسيحيون فيها صلواتهم!

لقد احترقت جدران المستشفى، وجثث الشهداء، واحترقت معهم قلوبنا غضبًا وقهرًا وعجزًا وخوفًا