
رام الله-نساء FM- في كل بيت تقريبا، هناك طفل يرفض النوم ليلا لأنه يعتقد أن وحشا يختبئ تحت السرير أو خلف الباب. قد نبتسم كآباء ونحن نسمع ذلك، لكن الحقيقة أن بعض هذه المخاوف تتجاوز حدود الخيال لتصبح فوبيا حقيقية تحتاج إلى فهم ورعاية.
خبراء علم النفس يؤكدون أن هذه الظاهرة ليست نادرة، وأن الفوبيا الطفولية قد تؤثر في حياة الطفل اليومية وسلوكه على المدى الطويل إذا لم تُعالج بالشكل الصحيح.
ما وراء الخوف: لماذا يصاب الأطفال بالفوبيا؟
وفق تقرير لموقع هاف بوست الأميركي، تشرح عالمة النفس للأطفال ميغان جيفريز من مستشفى فونيكس للأطفال أن أسباب الفوبيا متعددة، منها الوراثة والبيئة وتجارب الطفولة المبكرة.
تقول جيفريز "وجود أحد الوالدين يعاني من القلق يجعل الطفل أكثر عرضة لتطوير فوبيا معينة" مشيرة إلى أن "الخبرات المؤلمة أو المواقف المخيفة التي يشهدها الطفل قد تترسخ في ذاكرته كخطر دائم".

غالبا ما ينتج الخوف من الظلام عن قصص أو أفلام مرعبة، ويبدأ الطفل بتخيل أخطار غير موجودة عندما لا يرى ما حوله (شترستوك)
الخوف من التقيؤ: عندما يتحول الاشمئزاز إلى هاجس
إيميتوفوبيا (Emetophobia) هي واحدة من أكثر الفوبيات شيوعا لدى الأطفال، كما تقول الأخصائية كيمبرلي ويليامز.
وتضيف يبدأ الأمر عادة بعد تجربة تقيؤ سيئة أو مشاهدة شخص يتقيأ، فيربط الدماغ بين الغثيان والخطر، وتبدأ دائرة القلق. يصبح الطفل بعدها متجنبا للطعام أو ركوب السيارة، خوفا من أن يصاب بالغثيان مجددا.
الخوف من الظلام.. خيال خصب يثير الرعب
بحسب الطبيب النفسي زيشان خان، يبدأ الخوف من الظلام (Nyctophobia) عادة بين عمر 3 و6 سنوات، وهي المرحلة التي تتسع فيها مخيلة الطفل.
ويقول خان "غالبا ما ينتج الخوف من الظلام عن قصص أو أفلام مرعبة، ويبدأ الطفل بتخيل أخطار غير موجودة عندما لا يرى ما حوله".
الخوف من الكلاب.. أثر تجربة واحدة
توضح الأخصائية النفسية كيبنيس أن سينوفوبيا (Cynophobia) تنشأ غالبا بعد تجربة مزعجة مع كلب مثل النباح أو العض، لكن يمكن أن تنتقل أيضا من خلال الملاحظة أو السماع، فالأطفال الصغار قد يخافون من الكلاب بسبب حركتها غير المتوقعة أو صوتها العالي، حتى لو لم يؤذهم أي كلب من قبل.
الخوف من الإبر.. بين الألم والتجنب
يؤكد الأخصائي فرديناندو بالومبو أن تريبانوفوبيا (Trypanophobia) أو الخوف من الإبر، لا يقتصر على القلق الطبيعي من الحقن، "يصبح مرضيا عندما يمنع الطفل من الذهاب إلى الطبيب أو تلقي التطعيمات الضرورية".
وتشير التقديرات إلى أن هذا النوع من الفوبيا يصيب نحو 10% من الأطفال، ويظهر عادة في عمر الخامسة.
الخوف من الوحوش.. خيال الطفولة الجامح
توضح الأستاذة كاثي ريتشاردسون من، ليبانون فالي كولدج، أن تيرافوبيا (Teraphobia)، أو الخوف من الوحوش، من أكثر الفوبيات انتشارا في سن ما قبل المدرسة.
وتضيف، "الطفل في هذه المرحلة لا يفكر منطقيا بعد، لكن خياله يزدهر بسرعة. علينا أن نمنحه أدوات تساعده على التعامل مع مخاوفه بدلا من إنكارها".
تظهر الفوبيا في صورة أرق، أو رفض للنوم بمفرده، أو قلق عند الظلام، وغالبا ما تختفي تدريجيا مع العمر.
كيف يمكن للآباء مساعدة أطفالهم؟
تشدد الدكتورة جيفريز على أن تجنب مصدر الخوف يرسّخ الفوبيا. فالعلاج يبدأ بتجارب صغيرة وآمنة، مثل مرافقة الطفل لرؤية كلب صغير، أو وجود الوالدين كمصدر طمأنينة.
وتقول "عندما يرى الطفل والده يتعامل مع مصدر الخوف بهدوء، يتعلم أن الموقف آمن"
إستراتيجيات منزلية فعالة
كافئ الشجاعة: امنح الطفل مكافأة رمزية عند مواجهة خوفه.
اعترف بمشاعره: لا تقل "ما تخافش"، بل قل "أنا فاهم إنك حاسس بخوف، وده طبيعي."
اللعب العلاجي: استخدم الخيال لصالحك، مثل "بخاخ طارد الوحوش" أو "تفتيش الغرفة" قبل النوم لتخفيف القلق.
متى نلجأ إلى مختص نفسي؟
إذا بدأ الخوف يؤثر على نوم الطفل أو تحصيله الدراسي أو نشاطه الاجتماعي، ينصح الخبراء بزيارة أخصائي نفسي للأطفال لتقييم الحالة وتقديم الدعم المناسب. يعتمد العلاج غالبا على التعرض التدريجي لمصدر الخوف في بيئة آمنة، مع إشراك الأهل في عملية الدعم لتشجيع الطفل وتعزيز شعوره بالأمان والثقة.
