
رام الله-نساء FM- قال خبير العلاقات الدولية أشرف عكة خلال حديثه لنساء إف إم، إنّ الاحتجاجات الواسعة في إيطاليا، ضد سياسة الحكومة الايطالية التي رفضت الاعتراف بدولة فلسطين، تعكس مزاجًا شعبيًا جديدًا على المستوى العالمي، خصوصًا في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من حرب إبادة وحصار متواصل منذ عامين، وما كشفته هذه الفترة من طبيعة الإجرام الإسرائيلي. وأوضح أن هذا الحراك الشعبي والنقابي العالمي يؤكد أنّنا أمام تحوّل حقيقي في الرأي العام، لاسيما في أوروبا، حيث أخذت الشعوب الأوروبية تراجع مواقفها وتضغط باتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما فعلت دول وازنة مثل بريطانيا، أستراليا، كندا وإسبانيا.
وشهدت مدن إيطالية، الاثنين، إضرابا عاما وطنيا رافقته احتجاجات وفعاليات عدة طيلة 24 ساعة متواصلة، تضامنا مع الفلسطينيين في غزة، بدعوة من نقابات قاعدية وبمشاركة واسعة من الطلاب والحركات الشبابية والجامعية، ومنظمات غير حكومية، وجمعيات ناشطة في مجال التضامن الدولي.
وقالت إحدى المتظاهرات "نحن هنا في إضراب عام لنقف إلى جانب الحق، ولنجعل صوتنا مسموعا، حتى وإن بدا خافتا دائما، غير مشتعل بالقدر اللازم لينير ظلمة غزة، لكننا نؤكد أننا مع الشعب الفلسطيني".
وأضاف عكة أنّ هذا التغيّر الشعبي الدولي يجد صداه في استمرار التضامن مع غزة، عبر الحملات والجهود التي تهدف إلى فك الحصار ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، معتبرًا أنّ الموقف الإيطالي اليوم يكتسب أهمية خاصة، إذ لم يواكب بعد موجة الاعترافات الأوروبية المتصاعدة بالدولة الفلسطينية، لكنه قد يتأثر بهذا الزخم الشعبي ويعيد صياغة سياساته.
وأشار إلى أنّ إيطاليا تعيش لحظة مفصلية، خاصة في ظل التراجع الفرنسي في قيادة الموقف الأوروبي، ومحاولات الولايات المتحدة الأمريكية إيجاد بدائل تضمن استمرار هيمنتها على القرار الأوروبي. واعتبر أنّ الحراك الشعبي الإيطالي يمنح إيطاليا فرصة لتعزيز مكانتها داخل المنظومة الأوروبية إلى جانب دول كفرنسا وإسبانيا، بما يدعم الموقف الفلسطيني.
وفيما يتعلق بأثر هذه الاحتجاجات على العلاقة الإيطالية–الإسرائيلية، أوضح عكة أنّ الموقف الأوروبي من حيث المبدأ ظل ثابتًا منذ إعلان البندقية عام 1980، حيث اعتمد رؤية جماعية للصراع، لكن الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي احتكرت دور الوسيط الرئيسي، بينما جرى تهميش أوروبا وحصر دورها في الجوانب التمويلية. واليوم، ومع تفاقم أزمات أوروبا الداخلية وتداعيات الحرب الروسية–الأوكرانية، برزت الحاجة لإعادة تشكيل منظومة الأمن الأوروبي وصياغة سياسة خارجية أكثر استقلالية عن واشنطن.
وختم عكة بالقول إنّ استمرار هذه الاحتجاجات وتصاعدها قد يدفع أوروبا عمومًا، وإيطاليا خصوصًا، إلى إعادة النظر في سياستها تجاه الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وهو ما قد يفتح الباب أمام تحولات جديّة في الموقف الأوروبي خلال المرحلة المقبلة وقد يدفع الحكومة الى الاعتراف بدولة فلسطين.