الرئيسية » نساء في العالم العربي »  

القضاة تكتب: السودان…حين يُترَك الوطن ليأكل أبناءه وتُترك النساء ليأكلن علف الحيوانات.. النساء بإقليم الفاشر مثال
23 أيلول 2025

 

 
عمان-نساء FM- كتبت ـ ديرتنا – رحاب القضاة: ما قالته الملكة رانيا في الأمم المتحدة كان كمن يفتح الستار فجأة على مسرح جريمة مكتملة الأركان. نعم جريمة.
ليس مشهدًا إنسانيًا عابرًا كما تُحب نشرات الأخبار أن تصفه بل جريمة سياسية دولية مُتعمدة. العالم الذي يزعم حماية النساء ترك نساء السودان يصرخن في العراء بينما بطونهن خاوية وأطفالهن يتشبثون بأثدائهن اليابسة.

في عالمٍ يتشدّق بحقوق الإنسان وحقوق النساء تُترك المرأة السودانية بإقليم الفاشر ، اليوم لتقتات على علف الحيوانات في أرضٍ تفيض بالذهب والنيل والقمح وكأن الفقر قدرٌ مكتوب، لا جريمة سياسية مقصودة، وكأن الصمت الدولي ليس تواطؤًا بل فضيلة!
السودان ليس بلدًا فقيرًا بل بلد مُفقر عمدًا تُنهب موارده وتُذبح نساؤه بالصمت وكل صورة لامرأة سودانية جائعة ليست مأساة فردية بل فضيحة عالمية تشهد أن المجتمع الدولي يختار من يستحق الحياة ومن يُترك للنسيان

هل يجرؤ أحد في قاعات الأمم المتحدة أن يسأل: كيف لدولة مثل السودان بثرائها الزراعي بمياهها بنفطها وذهبها أن تُترك هكذا؟ كيف تُترك نساؤه يقتتن على علف الحيوانات بينما أرضهن تستطيع أن تُشبع نصف الكرة الأرضية؟ الجواب مرّ وبسيط: لأن الأمر مُخطط لأن إبقاء السودان في حالة فوضى يخدم مصالح قوى كبرى تريد أن تبقى خزائنها ممتلئة بذهب إفريقيا ودموعها.

هذه ليست “مأساة نساء” فقط بل فضيحة عالمية.
الأمم المتحدة التي تحتفل بمرور ثلاثين عامًا على إعلان بكين أين كانت عندما كانت النساء السودانيات يُغتصبن في المخيمات؟
أين كانت عندما تحولت الجامعات التي أخرجت عباقرة في الطب والهندسة إلى أطلال؟
أين كانت عندما صار العلماء السودانيون يُهاجرون بينما أمهاتهم يقفن في طوابير الذل؟ العالم يعرف لكنه لا يريد أن يرى. يعرف أن السودان يستطيع أن يقف لكنهم يفضلون أن يزحف. يعرف أن المرأة السودانية تستطيع أن تكون أستاذة جامعية، طبيبة، رائدة فكر
لكنهم يفضلونها صورة جائعة تُعرض على الشاشات لجمع التبرعات.

أي نفاق أكبر من هذا؟
يتحدثون عن حقوق النساء بينما يسمحون بنهب الأوطان التي تحتضنهن.
يذرفون دموعًا على ضحايا حروب معينة، بينما يلوذون بالصمت أمام دم النساء السودانيات.
صمتهم ليس حيادًا بل هو تواطؤ. صمتهم ليس غباءً بل خطة.

السودان ليس بلدًا فقيرًا
السودان بلد مُفقر.
هذا هو الفرق بلد يُخنق داخليًا بصراعات مسلحة تُدار كألعاب فيديو بأيدٍ خارجية ويُخنق خارجيًا بمنظومة صمت تجعل من موت النساء والأطفال أمرًا عاديًا لا يستحق العناوين الرئيسية.

والنساء؟ هنّ الضحية الأولى والأخيرة.
لأن الحرب حين تضرب الرجال يُقتلون أو يحملون السلاح أما النساء فيُتركن لمصير أطول وأكثر قسوة: الاغتصاب كسلاح الجوع كعقوبةً النزوح كحياة يومية الانتظار المملوء بالمهانة.

كل إمرأة سودانية بإقليم الفاشر  تأكل علف الحيوانات اليوم هي فضيحة للأمم المتحدة.
كل طفلة سودانية في عدد من المناطق بالفاشر، تُجبر على الزواج المبكر بسبب الفقر هي إدانة لكل من يجلس على مقعد وثير في قاعة مجلس الأمن.
كل أم سودانية تموت على سرير الولادة لأن المستشفى بلا كهرباء، هي صفعة في وجه العالم الذي يتحدث عن “التنمية المستدامة”.

الملكة رانيا قالت: “كل صمت رسالة”. وأنا أقول: صمت العالم عن السودان ليس مجرد رسالة بل هو توقيع على عقد إذلال طويل الأمد.
عقد يضمن أن تبقى النساء السودانيات في الصفوف الخلفية للتاريخ بينما يوزع العالم شهادات الشرف المزيفة عن “تمكين المرأة”.

هل تدركون الجنون؟
الجنون أن نصدق أن بكين وقراراتها هي من تعطي المرأة قوتها بينما نساء السودان  بإقليم الفاشر ، يبرهنّ أن القوة الحقيقية تأتي من الجوع والصبر والمقاومة.
الجنون أن نظن أن العالم “نسي” السودان. لا لم ينسَ… بل تعمد أن يتناسى.

إنه ليس نسيانًا… إنه اغتيال بطيء.