الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » صحتك »  

صوت| سماح جبر.. الفلسطينيون يعيشون صدمة نفسية تاريخية !
02 أيار 2024
 

 

رام الله-نساء FM- في ظل تعرض الفلسطينيين للصدمات التاريخية المتراكمة منذ أكثر من 75 عاماً، وفي ظل استمرار ارتكاب المجازر والإبادات الجماعية بحقهم من قبل الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي ابتداءً من مجزرة دير ياسين والطنطورة عام 1948 وليس انتهاءً بمجزرة غزة 2023 المفتوحة منذ ستة أشهر. وما بين هذا وذاك، تعرض ملايين الفلسطينيين لفعل الاعتقال والزج بالسجن بصفته أداة استعمارية ممنهجة لهندسة سيكولوجية الفلسطينيين وضبطتهم والتحكم بهم ومراقبتهم، فما الأثر المصاحب لكل هذه العمليات الاستعمارية على الذات الفلسطينية؟ وكيف تسهم السجون في زعزعة الصحة النفسية للفلسطينيين؟ وما هي أشكال المرض المصاحبة لتجربة الاعتقال في السياق الاستعماري في فلسطين المحتلة؟

 قالت الطبيبة النفسية سماح جبر، في حديث  مع "نساء إف إم" إن الفلسطينيين يعيشون اليوم في فترة حساسة جداً، برز فيها العامل النفسي بشكل واضح نتيجة الصدمات المباشرة التي نتعرض لها كفلسطينيين مشاهدين للإبادة، وليس واقعين بشكل مباشر تحت سطوة النار كما يحدث مع فلسطينيي قطاع غزة. البداية؛ نريد إضاءة حول العلاقة بين ما يحدثه الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي من انتهاكات ومجازر، والواقع النفسي للمُستعمَر من ناحية سيكولوجية؟ـــ صدمة الفلسطينيين لا يمكن فهمها كصدمة شخصية؛ بل هي صدمة تاريخية تحدث بسبب سيطرة شعب على شعب، وهذا الجانب الاستعماري منها، وأيضاً هي صدمة جمعية عابرة للأجيال وصدمة تراكمية، بمعنى أنه كلما مرّ الزمن، كلما ازدادت الآلام النفسية الخاصة بالفلسطينيين، بالتالي يجب النظر إلى صدمة الفلسطينيين وتبعاتها النفسية من منطلق نظرية الصدمة التاريخية. هذا يعني أولاً الكثير من الأفراد المُتأثرين بالعنف المباشر الذي يختبرونه إما كأشخاص فاقدين لأحبابهم وأبنائهم، أو معتقلين في سجون الاحتلال وتعرضوا للتعذيب، أو أشخاص تعرض أهاليهم وأطفالهم للتعذيب والاعتقال. الأشخاص الذين هُدمت بيوتهم، فقدوا أطرافهم ويعيشون جراحاً دائمة طوال حياتهم بسبب الإصابات، هذا يفسر كيفية إصابة الأفراد. ومن ناحية ثانية؛ عندما يبقى شعب كامل واقع تحت الاحتلال، فهذا يؤدي إلى خلل في العلاقات بين الأشخاص. يصبح هناك قلة ثقة، تنافس على الفُتات، واستدخال للشعور بالدونية بمعنى أن الأشخاص الذين يعملون لدى الإسرائيليين، يعتقدون أنهم الأكثر حظاً، أو الذي يعتقد مثلاً أن هناك ثقة بالصحافي الإسرائيلي أكثر من الصحافي الفلسطيني. وهناك نؤكد أنه بلا شك الصدمات الاستعمارية والتاريخية تولد الشعور بالنقص لدى المجتمعات أحياناً. وهذه الإشكالية، لم نخترع لها حتى هذه اللحظة تدخلات فاعلة في الطب النفسي، حتى يتعافى المجتمع وتتعافى ثقة الأشخاص بأنفسهم، ولكن هذه من المواضيع التي نتطرق إليها في الصحة النفسية في فلسطين، ونأمل أن نوفر لها حلولاً في المستقبل القريب.

وقالت : "وإذا أردنا الحديث عن نسب الأشخاص المتضررين من نواحي الصحة النفسية في المجتمع الفلسطيني، فهناك إحصائية خلال دراسة أجراها البنك الدولي مع مركز الإحصاء الفلسطيني في بداية عام 2023، حيث تمت دراسة العينة منذ عام 2022 لكن نُشرت النتائج في مطلع عام 2023، تفيد بأنّ 70% من الفلسطينيين في غزة و50% من الفلسطينيين في الضفة الغربية، يعانون من الاكتئاب. وفي دراسة ثانية لمؤسسة «إنقاذ الطفل» تقول إن 80% من الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى تدخلات صحية نفسية، لكن أنا أعتقد أن هذه الأرقام تدمج بين المعاناة النفسية المؤلمة والأعراض الاضطرابية المرضية، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون، ولكن أدوات البحث المستخدمة لا تستطيع التمييز بين المرض وبين الألم النفسي، فمثلًا البنك الدولي استخدم استبياناً أعدته منظمة الصحة العالمية، وأنا أعتقد أن هذا الاستبيان لا يخبرنا بوجود اكتئاب مثلاً لدى الشخص الذي قام بتعبئته، ولا يخبرنا إذا كان هذا الإنسان يعاني نفسياً أم لا، لذلك يجب أن نكون حذرين وحريصين فيما يتعلق بتفسير الأبحاث الموجودة في فلسطين. هناك دراسة جادّة أكثر من حيث المنهجية نُشرت عام 2019، تقول إن البلاد التي يتواجد فيها عنف سياسي ومن ضمنها فلسطين، يوجد 22% من الساكنين فيها يعانون نفسياً، لكن هذه الدراسة أُجريت عام 2019، ومنذ ذلك جاء كوفيد 19 وخلق فئة جديدة من المتضررين نفسياً، ولاحقاً الأحداث غير المسبوقة التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني في غزة تحديداً، ولكن أيضاً في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وما يرافقها من مستوى عال من الاضطهاد، والخوف والقهر وإعادة ذكريات الصدمات التاريخية السابقة في المجتمع الفلسطيني. جميع ما ذكر، يزيد من معاناة الناس ويرفع من انتشار الضرر النفسي في الشعب الفلسطيني."

الاستماع الى المقابلة