رام الله-نساء FM- ينتظر الآباء والأمهات تطورات أطفالهم الرضّع خلال الأشهر الأولى بفارغ الصبر. فما بين أول مناغاة من الرضيع، وصولا إلى ابتسامته أو ضحكاته الأولى، تذوب القلوب فور رؤية تلك التطورات، وتصبح حدثا جللا يستحق التصوير والمشاركة مع الأهل والأصدقاء.
لكن من بين تطورات سلوك الطفل الرضيع التي قد لا يفهم مغزاها كثيرون، هي إقدامه من دون مقدمات على وضع أصابع قدميه في فمه، والتي قد يظنها الآباء والأمهات مشهدا كوميديا، بدون أن يعرفوا أنها تدل على كثير من الأمور، فما سبب هذا السلوك وفوائده بالنسبة لوتيرة تطور الطفل؟
استكشاف العالم من خلال الفم
يتعلم طفلك عن العالم حوله من خلال حواسه، وهذا يشمل التذوق. ولهذا السبب غالبا ما يضع كل ما يستطيع أن يضعه بيديه الصغيرتين في فمه. وهذا يشمل القدمين أيضا.
وبحسب الخبراء، فإن هذا المشهد اللطيف يعد تطورا طبيعيا وصحيا تماما. إذ يحتوي فم طفلك على كثير من النهايات العصبية، وعندما يرغب في معرفة كيف يشعر بشيء ما، فإنه غالبا ما يضعه في فمه ويلوكه مرات عديدة ليكتشف المزيد عنه.
تحمل النهايات العصبية في الفم المعلومات الحسية إلى الدماغ، ووفقا لدراسة أجريت عام 2017 ونشرت في مجلة "مراجعة في اضطرابات الغدد الصماء والتمثيل الغذائي" الأميركية، عندما يضع الأطفال أيديهم أو أقدامهم أو حتى شيئا مثل لعبة صغيرة في أفواههم، فإنهم في الواقع يحاولون معرفة ماهية هذا الجسم وأبعاده وطبيعته.
وبما أن طفلك يتعلم تدريجيا مزيدا عن جسده، فمن الطبيعي أن يحاول أيضا معرفة مزيد عن أصابع قدميه الصغيرة عن طريق وضعها في فمه، وهو التطور الذي غالبا ما يحدث بين 4 إلى 8 أشهر من عمر الطفل تقريبا.
لا حاجة لإيقافه
رغم أنه قد يكون من الغريب بعض الشيء رؤية طفلك وهو يمص أصابع قدميه، فإنه ليس هناك حاجة لإيقافه. إذ يساعد هذا الحدث التنموي ذو المظهر المضحك طفلك على تطوير وعي بجسمه والعالم من حوله.
ويرجع ذلك إلى أن الأشياء التي يتم تناولها عن طريق الفم تساعد طفلك على التعود على الأحاسيس وأنواع القوام المختلفة، مما قد يساعده عندما يحين وقت انتقاله إلى الأطعمة الصلبة والشروع في مرحلة الفطام التدريجي.
إذ يتضح أن لمص أصابع القدمين فوائد في تطور شهية الطفل، وبحسب الخبراء، من الممكن أنه من خلال تجربة القوام غير السائل عند "تذوق" اليدين أو القدمين، يتأقلم الأطفال مع المواد الصلبة التي تدربهم على تناول الطعام.
ماذا عن نظافة القدمين؟
بالإضافة إلى ذلك، قد يجد طفلك أن مص أصابع قدميه أمر مهدئ، مثل مص الإبهام. ومع ذلك، حاولي الحفاظ على نظافة قدمي طفلك قدر الإمكان، وهو الأمر الذي قد لا يتحقق بشكل تام بعد الزحف والتدحرج.
صحيح أنه قد يبدو الأمر غير مقبول أن تشاهدي طفلك وهو يمص قدميه بشغف، لكن من الضروري الوضع في الاعتبار أن أقدام الرضع أقل اتساخا بكثير، حتى يبدؤوا في المشي. ولكن إذا كنت لا تستطيعين حقا تحمل الفكرة، فاغسلي أقدام طفلك بشكل دوري منعا لأي تراكمات.
وعموما، بحلول الوقت الذي يركض فيه الطفل، وتتسخ قدماه بالفعل، غالبا ما سيتخلص آنذاك من عادة وضع قدميه في فمه من تلقاء نفسه.
أما بالنسبة لما إذا كان من الآمن على الطفل أن يثني جسده بهذا الشكل الحاد، يتضح أن الأطفال يتمتعون بمرونة فائقة، لأن عظامهم تتكون إلى حد كبير من الغضاريف التي لم تتكلس بالكامل بعد، وبالتالي، ليس من الصعب أن تصل أقدامهم إلى أفواههم كما قد يتصور البالغون.
مرحلة تدريب تنتهي تلقائيا
مرحلة مص القدمين ليست مثيرة للقلق، بل على العكس. فهي توضح مراحل تطور الطفل واستعداده لمزيد من المهارات الجديدة. ثم بحلول عمر 24 شهرا تقريبا، يتمكن الطفل من تطوير فهم راسخ بأن المواد الغذائية فقط هي التي تدخل الفم.
وبشكل عام، من الضروري مراعاة أن معظم الأطفال قد يستمرون في وضع الأشياء في أفواههم حتى بلوغ حوالي 3 سنوات من أعمارهم تقريبا. وبمجرد أن يتحرك طفلك، من المهم بشكل خاص أن تكوني على دراية بما يحيط به حتى لا يتمكن من الإمساك بأي شيء يمكن أن يختنق به، ويضعه في فمه.