الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » نساء فلسطينيات »  

دلال أبو آمنة.. فنانة فلسطينية تلاحقها إسرائيل
29 كانون الثاني 2024

 

رام الله-نساء FM-  تلاحق المؤسسة الإسرائيلية الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، على خلفية منشور نصّه "لا غالب إلا الله"، نُشر على حسابها بموقع فيسبوك بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، وذلك عقب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفسّرتها الشرطة الإسرائيلية على أنها "تحريضية".

وبسبب هذا المنشور، تعرضت الفنانة أبو آمنة (41 عاما) المولودة في مدينة الناصرة، إلى حملة تحريض عنصري ممنهجة عبر شبكات التواصل من حسابات لإسرائيليين ومن عناصر يمينية متطرفة اتهمتها بالتماهي مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وتلقت اتصالات حملت في طياتها لغة التهديد والوعيد.

عقب ذلك، توجهت الفنانة أبو آمنة، وهي أيضا باحثة في علوم الدماغ ووظائف الأعصاب، وزوجها الدكتور عنان العباسي، في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى مركز شرطة الناصرة وقدما شكوى ضد 15 إسرائيليا اتصلوا بها، وهددوها وأساؤوا إليها.

وخلال وجودها مع زوجها بمركز الشرطة، اتصل نجلاها لور (15 عاما) وهشام (13 عاما) بزوجها، وكانا في حالة من الذعر، وقالا إن عناصر الشرطة من مركز العفولة طرقوا باب المنزل بحثا عن والدتهم.

تقول أبو آمنة: "حاولنا أن نفهم ماذا يريدون، وأوضحنا لهم أنني في مركز شرطة الناصرة لتقديم شكوى، فقالوا انتظري هناك.. وخلال فترة قصيرة وصل عناصر الشرطة من محطة العفولة، واعتقلوني وأخضعوني إلى تفتيش وفحص جسدي قبل البدء بالتحقيق معي. فسألتهم، هل وجدتم السلاح الذري الذي أخفيه؟".

أكثر شموخا

تقول أبو آمنة: "قيدتني شرطية من يدي وقدمي، فسألها زوجي لماذا تكبلينها؟ ولكن بدون رد. وطوال هذا الوقت لم يخبروني بالتهم المنسوبة إلي، فقلت للضابط ليجازيك الله بما تستحق، وبذلك وجهت لي تهمة تهديد ضابط شرطة".

بعد قضاء ليلتين في الحبس الانفرادي، كتبت الفنانة أبو آمنة منشورا على حسابها على فيسبوك " أنا حرة.. حرة كما كنت وحرة كما سأبقى دوما وأبدا".

وأضافت: "حاولوا تجريدي من إنسانيتي، وإسكات صوتي وإذلالي بكل الطرق، شتموني وكبلوا يدي وساقي بالقيود، لكنهم بهذا جعلوني أكثر شموخا وعزة.. سيبقى صوتي رسولا للحب مدافعا عن الحق في هذه الدنيا".

اعتقالات بالجملة

وفي الجانب القانوني، استعرضت المحامية عبير بكر، ما تتعرض له الفنانة أبو آمنة من ملاحقة شرطية وما يرافقها من حملات تحريض عنصرية من قبل مجموعات المستوطنين وعناصر اليمين المتطرف، وهي الحالة التي تعبر عمّا تعرض له المئات من فلسطينيي 48 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وأوضحت بكر للجزيرة نت، أن اعتقال موكلتها الفنانة أبو آمنة مباشرة بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يندرج في سياق الاعتقالات التي نفذتها الشرطة الإسرائيلية ضد المئات من فلسطينيي 48 وشرقي القدس المحتلة، وخاصة المؤثرين منهم، وعلى خلفية منشورات على حسابات التواصل الاجتماعي متضامنة مع غزة ومناهضة للحرب.

ولفتت المحامية إلى أنه لم يكن هناك أي مبرر لاعتقال أبو آمنة، لكن الشرطة الإسرائيلية تعمّدت ذلك، كونها فنانة مشهورة وذات تأثير على المستوى الفلسطيني والعالمي، حيث مددت محكمة إسرائيلية اعتقالها 3 أيام، بذريعة تغريدة تُرجمت بشكل خاطئ وتم تحريف مضمونها، والادعاء أن عبارة "لا غالب إلا الله"، تحريضية كونها مرفقة بالعلم الفلسطيني.

المحامية عبير بكر التي تمثل الفنانة أبو آمنة
المحامية عبير بكر: اعتقال دلال أبو آمنة كان بسبب تأثيرها كونها فنانة مشهورة (الجزيرة)

تحريض عنصري

وأشارت المحامية بكر إلى أن اعتقال الفنانة أبو آمنة -وكذلك اعتقال الكثير من فلسطينيي 48- لم يكن قانونيا حتى من منظور الإجراءات الإسرائيلية المعمول بها، لكن الاحتلال وظّف حالة الطوارئ وتوقيت الهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتنفيذ هذه الاعتقالات التي هدفت إلى التخويف وتكميم الأفواه.

 

وخلال فترة التحقيق والاعتقال تعرضت أبو آمنة للإهانة، وفق شهادة محاميتها. ومع الإفراج عنها وعودتها إلى منزلها في بلدة العفولة القريبة من الناصرة، قوبلت بمظاهرة للمستوطنين وعناصر من اليمين المتطرف الذين تمادوا بالتحريض العنصري عليها ووصفها بـ"الإرهابية" ونعتوها بألفاظ بذيئة وطالبوا بطردها.

وتحولت المظاهرات العنصرية التحريضية قبالة منزل الفنانة الفلسطينية إلى مشهد متكرر، بل جرت المظاهرات التي تضمنت شعارات دموية تهدد الأمان الشخصي للفنانة أبو آمنة وأفراد عائلتها، بحراسة من الشرطة الإسرائيلية التي رفضت طلب المحامية بكر بمنع المظاهرات بذريعة أنها "تأتي في سياق حرية التعبير عن الرأي".

دلال أبو آمنة.. فنانة فلسطينية تلاحقها إسرائيل منذ
الفنانة أبو آمنة خلال عرض مشروعها الفني "يا ستي" في بلدة بير زيت بالضفة الغربية (مواقع التواصل)

الحق بالحماية

وعقب ذلك، توجهت المحامية بكر برسالة إلى قيادة الشرطة والمستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية والمدعي العام الإسرائيلي، وحمّلتهم مسؤولية تداعيات ما تتعرض له الفنانة أبو آمنة، وقالت في خطابها للجهات الإسرائيلية الرسمية "عرفتم كيف تعتقلونها، لكنكم لم تعرفوا كيف تحمونها ومنع حملة التحريض العنصري ضدها".

واستذكرت المحامي بكر قرارات سابقة للمحاكمة الإسرائيلية التي تحظر التظاهر قبالة منازل شخصيات جماهيرية تحت مبدأ الخصوصية والحق بالحماية. مضيفة: "الشرطة لم تأخذ بعين الاعتبار هذه القرارات، وسمحت لليمن المتطرف بالتظاهر قبالة منزل الفنانة أبو آمنة، وبسبب ذلك تفقد الأمن والأمان الشخصي لها ولأفراد عائلاتها".

ولم تتوقف حملة التحريض العنصري ومظاهرات اليمين المتطرف، بل رافقها -وفق بكر- "حملة مضايقة للفنانة أبو آمنة وعائلتها من قبل بلدية العفولة برفع الأعلام الإسرائيلية قبالة منزلها، وقطع المياه لساعات طويلة عن البيت، وكذلك وضع حاويات نفايات ضخمة قبالته".

حاجز الخوف

ولا تستبعد بكر أن يتم استهداف مباشر لعائلة الفنانة من قبل عناصر اليمين المتطرف، حيث تمتنع الشرطة الإسرائيلية عن اتخاذ أية إجراءات لمنع التحريض والاستهداف المباشر لفلسطينيي 48.

 

وأشارت إلى أن الشرطة الإسرائيلية وفرت البيئة والأجواء العنصرية والتحريضية قبالة منزل أبو آمنة، وهو ما يشجع على التمادي بالتحريض وصولا إلى الاستهداف الجسدي سواء بمحاولات إضرام النيران بالمنزل وممتلكاته أو إلقاء عبوات ناسفة تجاهه.

وأوضحت أن السلطات الإسرائيلية في ظل الحرب تستهدف الفلسطينيين كل في أماكن وجوده بوسائل وآليات مختلفة، مشددة على ضرورة كسر حاجز الخوف والخروج من دائرة الصمت حيال التحريض العنصري الدموي على فلسطينيي 48، "وقطع مشاهد العنصرية من دابرها".

وحذرت بكر من تداعيات ممارسات المؤسسة الإسرائيلية التي عمدت على تسليح واسع لجماعات اليمين المتطرف وإطلاق العنان لهم في حالة تعكس قوانين الغاب التي تهدد الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة