الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي »  

ضحايا الاغتصاب في السودان.. لا علاج أو فرصة للهرب
20 حزيران 2023

 

الخرطوم-نساء FM- وسط القتال الدائر في السودان، كشفت تقارير عن وجود حالات اغتصاب بين فتيات ونساء في العاصمة الخرطوم، كما أنهن غير قادرات على الفرار ولا يجدن الدعم الطبي اللازم في ظل نقص الأدوية التي تحتاجها ضحايا الاغتصاب، التي تمنع الحمل، أو تحميهن من فيروسات مثل نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

وبحسب آخر تقرير لوحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان (حكومية)، فإنه تم رصد 36 حالة اعتداء جنسي في الخرطوم، وأشار التقرير إلى أن رصد الحالات وتوثيقها يتم "عبر الخدمات التي تقدم للناجيات -على قلتها- بتنسيق على الأرض مع جهات مختلفة".

واندلعت منذ منتصف أبريل الماضي المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبحسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، فإن النزاع أودى بحياة أكثر من 1800 شخص، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

وكشفت المنظمة الدولية للهجرة أن نحو مليوني شخص نزحوا بسبب القتال، بينهم نحو نصف مليون شخص غادروا إلى بلدان مجاورة.

ونقلت رويترز عن مصادر طبية، أن ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال باتت خارج الخدمة، مما يضع عبئًا أكبر على ضحايا النزاع، وبينهم نساء تعرضن للاغتصاب، لا يجدن العلاج الازم لحالاتهن.

اغتصاب وحرمان من علاج آثاره

وتقول رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان، سليمة إسحق، إن هناك بروتوكولا علاجيا محددا للمعالجة السريرية للاغتصاب، كان موجودًا في كل الإمدادات الطبية، لكنه حاليًا غير كاف في مستشفيات الخرطوم.

وأشارت في تصريحات لموقع "الحرة"، إلى أن ذلك يشمل أدوية لمنع الحمل وأخرى مضادة للإصابة بفيروسات مثل الإيدز، وأشارت إلى وجود مثل هذه الأدوية في الولايات السودانية الآمنة.

كما أوضحت أن هناك صعوبة في وصول الإمدادات إلى الخرطوم بجانب خروج مستشفيات عن الخدمة في ظل القتال الدائر في البلاد.وأشارت إلى أن الناجيات من عمليات الاغتصاب "يتحدثن عن أشخاص بزي عسكري للدعم السريع، هم من ارتكبوا تلك الجريمة بحقهن"، مضيفة أن الفتيات الصغيرات من 12 إلى 18 عامًا هن الفئة الأكثر استهدافًا.

وطالما تنفي قوات الدعم السريع تورط جنودها في الاعتداءات الجنسية أو عمليات النهب.

كما تقول الخبيرة في النوع الاجتماعي والعنف الجنسي، تهاني عباس، في تصريحات لموقع الحرة، إن الوضع في الخرطوم كارثي بسبب أزمة الإمدادات الطبية والرعاية الصحية.

وتابعت "بالنسبة لي بات من المستحيل تمامًا أن أقدم خدمة الاستجابة السريعة للناجيات مثل حبوب منع الحمل والأدوية التي تهدف إلى الوقاية من الإيدز والأمراض المنقولة الأخرى".

أرقام أكبر بكثير

آخر الإحصائيات التي نشرتها وحدة مكافحة العنف ضد المرأة تشير إلى أن هناك 36 حالة اغتصاب موثقة في العاصمة الخرطوم منذ اندلاع القتال.

وأوضحت إسحق للحرة أن الرقم الفعلي لعمليات الاغتصاب أكبر بكثير من الأرقام الموثقة من جانب وحدة مكافحة العنف، وربما تصل النسبة التي يتم الإعلان عنها إلى نحو 2% فقط من الحالات الفعلية.

وأشارت إلى أن "عمليات التوثيق تكون بطيئة في ظل الأوضاع الحالية، بجانب الحرص على التوثيق الجيد للشهادات والتأكد منها ومتابعتها خلال جلسات الدعم النفسي، لأنها مسألة حساسة في ظل الوضع القائم".

فيما أكدت عباس، أن الحالات التي يتم الإعلان عنها حاليًا "قليلة جدًا.. الضحايا في اليوم الواحد يمكن أن يكونوا مثل العدد الإجمالي المعلن حاليًا".

وأشارت إلى أن هناك "محظوظات يتم إجلاؤهن" لمناطق أخرى بعيدة عن الخطر، لكن مثل هذه الرحلة للخروج من مناطق مثل بحري وأم درمان في الخرطوم، تكون شديدة الخطورة بسبب القتال الدائر.

وكان تقرير لصحيفة "الغارديان"، الأربعاء، نقل أن نساء كثيرات غادرن العاصمة في محاولة للوصول إلى مناطق آمنة يمكن الحصول فيها على مثل هذه الأدوية والعلاجات.

وتحاول نساء سودانيات تهريب مثل هذه الأدوية من الخارج، وقالت ناشطة سودانية للصحيفة البريطانية، لم تشأ الكشف عن اسمها، إنها تستعد لعبور الحدود ببعض من هذه الأدوية وتأمل أن تنجح في ذلك حيث يمكن أن يقودها الأمر إلى السجن لنحو عشر سنوات.وتواصل إسحق، حديثها قائلة إن هناك تعاون مع شركاء، مثل مراكز طبية لتقديم الدعم النفسي للضحايا، لكن هناك صعوبة في ذلك أيضًا بسبب الأوضاع على الأرض في العاصمة.

وفيما يتعلق بعملية تقديم المساعدات الطبية للناجيات، قالت إن هناك شباب وشابات يعملون على خدمة الأحياء السكنية، ويقدمون المساعدة في مثل هذه الحالات، لكن بعضهم "يختفي فجأة لأنه في بعض الأحيان يتم اعتقالهم لفترة طويلة"، دون التأكيد على أي جهة تفعل ذلك.

سلاح لكسر العزيمة

وترى الخبيرة في النوع الاجتماعي، أن الوضع في الخرطوم حاليًا "مجنون وكارثي بمعنى الكلمة"، مشيرة إلى أن "الاغتصاب سلاح مُجرب ومتعمد وشهدناه في دارفور. جرائم العنف الجنسي سلاح مرعب يكسر روح المقاومة لدى النساء".

ونقلت "الغارديان" في تقريرها عن الناشطة السودانية، إيناس مزمل، التي تعمل على الأرض مع ضحايا الاغتصاب في الخرطوم، قولها إنها تواصلت مع امرأة "تعرضت للاغتصاب بواسطة 3 رجال ولا تعرف ما إذا كانت حامل أو لا ولم تكن قادرة على الحصول على دواء مناسب".

كما أشارت إلى أن عائلة فتاة تبلغ 17 عامًا، تواصلت معها وأبلغتها أن "قوات الدعم السريع داهمت منزلهم، ووجدوا الطفلة نائمة واغتصبوها"، مضيفة أن الأسرة تمكنت من الوصول إلى طبيب بمستشفى محلي كان لديه دواء لحالة طفلتهم وزارهم في المنزل، لكن الأمر استغرق 9 ساعات.

يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية بدأت في أبريل 2022، محاكمة أحد قادة مليشيات الجنجويد التي تحولت إلى قوات الدعم السريع حاليًا، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، بينها الاغتصاب، بين عامي 2003 و2004.

ويواجه علي محمد عبد الرحمن الشهير بعلي كوشيب، 31 تهمة على رأسها ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، بينها الاغتصاب وتوجيه هجمات ضد السكان المدنيين والقتل العمد.

المصدر: الحرة