الرئيسية » تقارير نسوية » نساء حول العالم »  

من مهاجرة أفريقية إلى صاحبة شركة أزياء تجني آلاف الدولارات
07 أيلول 2020

 

لندن-نساء FM-في عام 2010، اتخذت جوسلين أوموتونيواسي قرارا جريئا، فبعد ما كانت تعمل كمحررة أفلام لمدة خمس سنوات قررت أن تسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح مصممة أزياء.

ونجحت جوسلين في تصنيع أول مجموعة أزياء لها، وعندما سافرت من رواندا إلى ألمانيا لكي تحصل على منحة في مجال صناعة الأفلام، أخذت معها حقيبتين محشوتين بالفساتين وأغطية الرأس والتنانير.

تقول جوسلين عن ذلك: "كان الشباب الألماني مفتونا بالزي وبمطبوعات الشمع الأفريقية الملونة". وتمكنت جوسلين من بيع المجموعة بكاملها في غضون ثلاثة أشهر فقط.

تقول جوسلين متحدثة من شركتها في كيغالي: "لم أكن أعرف أن باستطاعتي كسب مبلغ مالي جيد من بيع مجموعتي الخاصة للأزياء". وقد منحتها هذه التجربة في ألمانيا ثقة كبيرة، كما ساعدتها من الناحية المالية في تغيير مهنتها.

وتوقفت جوسلين عن العمل في مجال الأفلام، واشترت ثلاث ماكينات خياطة، وتعاقدت مع اثنين من الخياطين وأسست علامة الأزياء الخاصة بها، والتي تحمل اسم "رواندا كلوسينغ".

والآن وبعد مضي ثماني سنوات، تدير جوسلين مشغلاً يعمل به 37 خياطا بدوام كامل، وتبيع القطع الجاهزة بمبلغ يتراوح بين 50 و120 دولارا.

وقد استحوذت الملابس على اهتمام جوسلين نظرًا لأنها ترعرعت في أسرة من الطبقة المتوسطة في العاصمة الرواندية.

وكانت جوسلين تشتري ملابس زهيدة الثمن ومستعملة لا يرغب أحد في ارتدائها، وتقول عن ذلك: "كنت أفصل جميع الأجزاء عن بعضها البعض لكي أعرف كيف جرى تصنيعها".

لكن مع تدفق الكثير من الملابس إلى رواندا قادمة من الصين والهند، رأت جوسلين أن عملها في هذه المهنة سيصبح بلا جدوى. لذلك، درست صناعة الأفلام، كما درست تقنية المعلومات لكي ترضي والديها.

ويمتلك والدها وعمها عددا من الشركات. وقد ألهمها ذلك لافتتاح محل صغير لتجديل الشعر عندما كانت في المدرسة الثانوية. لكن تجارب والدها وعمها جعلتها تدرك أيضا أن الأمور قد لا تسير كما تهوى.

وتقول جوسلين عن ذلك: "أصبت بإحباط شديد في طفولتي عندما اضطر والدي لإغلاق شركة الجزارة التي يملكها، لأن شريكه أخذ كل الأموال وهرب".

كما واجهها تحد آخر يتمثل في جمع الأموال اللازمة لإقامة المشروع، إذ لم ترغب البنوك في منحها قرضا لتمويل الشركة. وتقول عن ذلك: "كانت الأزياء صناعة لا ينظر إليها أحد بجدية في تلك الأيام. ولم تكن البنوك مقتنعة بقدرتي على تأسيس شركة وأنا امرأة في الرابعة والعشرين من عمري".

قصة نجاح: كيف حققت سيدة أعمال ثروة بالملايين من 200 جنيه إسترليني فقط؟

لكنها التقت المحامي والمستثمر رومان شولز، خلال زيارتها لألمانيا عام 2010. وكان شولز متحمسًا لعملها وموهبتها كمصممة أزياء، فآمن بها وأصبح في وقت لاحق شريكها التجاري وزوجها.

وجمعا معا مدخرات بقيمة 10,000 دولار لإنشاء الشركة، وعينت جوسلين أول موظف في الشركة. وتعترف جوسلين بارتكابها بعض الأخطاء، مثل ما حدث في أول عرضين للأزياء قامت بتنظيمهما.

تقول جوسلين: "كان ذلك جيدا ومهمًا، لكني لم أكن بحاجة إلى 25 عارضة أزياء، ومنصة عرض، ومشروبات مجانية ودعوة شخصيات مهمة. كان يمكنني تنظيم تلك العروض بطريقة أكثر ذكاءً وأقل تكلفة".

وتقول أليس نكوليكيينكا، مديرة شبكة المهنيين ورجال الأعمال في رواندا: "لدى جوسلين دائما القدرة على ريادة الأعمال والطموح للوصول إلى أعلى الدرجات. لقد نمت شركتها بشكل كبير، وتوفر فرص عمل آمنة لأكثر من 40 شخصا. لقد أسست جوسلين علامة أزياء تجارية معروفة على مستوى العالم".

وفي عام 2018 تحقق أحد أكبر أحلام جوسلين عندما تلقت دعوة لحضور أسبوع ميلان للأزياء. وتقول عن ذلك: "كان الوجود هناك يمثل انتصارا كبيرا بالنسبة لي. بدا الأمر وكأن تقديم مجموعة الأزياء الخاصة بي على منصة العرض بمثابة اعتراف بعملي".

وتشير جوسلين إلى أنها ترغب في أن تبيع أزياءها على مستوى العالم عبر متجر إلكتروني، لكن الأمور اللوجستية تجعل ذلك صعبا، وتقول: "لا أتحمل أن يعيد الزبائن مشترياتهم لي" وهو أمر صعب تجنبه في عالم الأزياء.

وتخطط جوسلين الآن لتدشين متجر إلكتروني في أوروبا للمستلزمات المنزلية وإكسسوارات الأزياء مثل المناديل والمخدات والحقائب. لكنها تضع في اعتبارها عدم نسيان زبائنها الأوائل، وتقول: "عندما تنمو وتتوسع بسرعة كبيرة وتخيب آمال زبائنك الحاليين فأنت بذلك تدمر تجارتك".

تقول جوسلين: "لم أكن أعرف أن باستطاعتي كسب مبلغ مالي جيد من بيع مجموعتي الخاصة للأزياء"

لكن خططها تلك توقفت بسبب أزمة فيروس كورونا، وتقول عن ذلك: "لقد أرغمنا على الإغلاق طيلة فترة العزل التي استمرت 45 يوما. ورغم تخفيف الحكومة قيود العزل في الآونة الأخيرة، ما زالت طلبات الزبائن قليلة للغاية".

وتشير جوسلين إلى أن الخياطين يعملون في نوبات عمل مختلفة للحفاظ على التباعد، وتضيف: "لقد تعودنا في رواندا على الصعوبات. فهي ترغمنا على أن نكون أكثر إبداعا، وأن نتعلم لإيجاد حلول أخرى وأن نأتي بأفكار جديدة".

وكانت جوسلين قد اضطرت للهرب مع عائلتها سيرًا على الأقدام خلال الإبادة الجماعية عام 1994 وفقدت جدتيها، وعددًا من أعمامها وأخوالها وعماتها وأبناء عمومتها.

في ذلك تقول جوسلين: "أملك فقط بعض الذكريات المشوشة، إذ كنت وقتها في السادسة من عمري فقط، وربما تخلصت من بعض التجارب التي مررت بها ونسيتها لأنها كانت أحداثا مؤلمة. وفي السنوات التي تلت ذلك أتذكر أنني كنت مهتمة جدا بما حدث وأتساءل كيف حدث ذلك لبلدي".

وقد أرادت جوسلين أن تغادر رواندا كلها في وقت مبكر، وتقول: "كان مؤلمًا للغاية أن أعرف أن ذلك حدث في بلدي. وكنت أخشى من أن يحدث ذلك مرة أخرى. فأنت لا تشعر بالأمان ولو للحظة ولا تثق بأي أحد. لكن عند لحظة معينة، تقرر أن تتعايش مع ذلك. فلا يمكنك تغيير هذا الوضع مهما فعلت. وقد شاهدت أيضا طرقًا جديدة يجري شقها ومنازل جديدة يجري بناؤها.

شاهدت البلاد يجري إصلاحها وتعميرها. والشيء الإيجابي هو أن الناس بعد تلك المأساة يرغبون حقًا في العيش بسلام".