الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » أخبار المرأة الفلسطينية »  

صوت| عطوة روزان مقبل.. تثير ضجة على دور القضاء العشائري!
05 آب 2020

 

رام الله-نساء FM-ما يبعث على القلق حالة الازدهار الذي تعيشه العشائر وقانونها في تنظيم حياة المواطنين  والفصل في قضاياهم على حساب سلطة قانون الدولة في مؤشر على تراجع دورها.

الخبراء يرون أن هذه الازدهار نابع من ضعف السلطة القضائية الفلسطينية وسرعة استجابة القضاء العشائري، وينطوي على ذلك مخاطر قضائية ومجتمعية خاصة عندما تتعلق بقضايا قتل النساء وشرف العائلة.

وكانت العطوة العشائرية الخاصة بقضية مقتل روزان مقبل على يد خطيبها ودَفعُ نحو نصف مليون شيكل، كديّةِ تعويضٍ تُعطى لعائلة الشابة رزان مقبل (روزان ناصر)، والتي قتلها خطيبها خنقًا، وتركها جثة هامدة، في سيارة في المنطقة الصناعية في بلدتها بيتونيا، الواقعة غرب مدينة رام الله، في الضفة الغربية المحتلة، يوم الثلاثاء الماضي، اثارت موجة انتقادات  واسعة لدور العشائر في استسهال حل قضايا القتل خاصة عندما تتعلق بجرائم قتل النساء.

من جهته، قال المستشار القانوني لمركز اعلام حقوق الانسان والديمقراطية "شمس"، محمد النجار، في حديث لـ "نساء إف إم" ضمن برنامج صباح نساء إن القبيلة والعشائر نشأت وكانت الشكل الاول والبدائي للتجمع الانساني ولكن الظروف في فلسطين لم تشأ بتشكيل حكم مدني والاستغناء عن هذا النظام والاحتكام لقانون موحد، ما ادى للإبقاء على منصب العشيرة والقوة العائلية وباتت هي المرجعية في اعقد القضايا بما فيها قضايا القتل.

مضيفا كان لأنشاء دائرة العشائر في مقر الرئاسة الفلسطينية بتوجيه من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1994 ودعم منظمة التحرير الفلسطينية للأمر الاساس في الابقاء على قوة وسطوة العشائر.

ويرى أن من بين اسباب سطوة العشائر في فلسطين التقسيمات الجيوسياسية بين المناطق وضعف القضاء النظامي ووجود شبهات فساد حوله اضافة لاستسهال القرارات والاحكام التي تصدر عن القضاء العشائري فهو اقل وقتا وكلفة مادية.

وقال:" القضاء العشائري يستند بشكل رئيس على الثقافة الذكورية فالمرأة لا دية لها في الكثير من القضايا وهناك العديد من القضايا التي كان التنازل فيها عن الحقوق هو سيد الموقف وحلت هذه القضايا على "فنجان قهوة" "

وقال: "برز لدينا دور لمؤسسات المجتمع المدني خلال الآونة الماضية باتجاه دفع النظام السياسي لإلغاء بعض المواد كالعذر المحل والمخفف في قضايا القتل ولكن بقيت المشكلة اننا بحاجة لتغيير جذري للمنظومة بأكملها ومن هنا تتجدد الدعوة لإقرار قانون عقوبات عصري ورادع ولإقرار قانون حماية الاسرة من العنف".

ويعتقد النجار "أن النظام العشائري يخلق ثقافة تستسهل الجريمة لذلك علينا خلق ثقافة مضادة بايجاد قضاء نظامي قوي لا شبهات فيه وناجز وسريع وان يتوقف النظام السياسي على رعاية النظام العشائري لان هذا يساهم في استشراء الجريمة في المجتمع ."

تاريخ القضاء العشائري في فلسطين

فترة الحكم العثماني

تركز القضاء العشائري في هذه المرحلة في منطقة بئر السبع بشكل خاص؛ نتيجة لوجود العشائر البدوية في هذه المنطقة؛ واعتمد القضاة في حل المنازعات المعروضة عليهم على الأعراف والتقاليد المتوارثة.

 ولم تصدر الدولة العثمانية أي تشريعات لتنظيمه؛ ولكن كان هناك مجلس إدارة متخصص في النظر في النزاعات الواقعة ضمن منطقة بئر السبع، يتولى إدارته شيوخ عشائر بئر السبع.

فترة الاستعمار البريطاني

أصبح للقضاء العشائري في فترة الانتداب البريطاني أساسًا قانونيًا متينًا؛ حيث صدرت في هذه الفترة مجموعة كبيرة من القوانين التي تنظم القضاء العشائري، وعلى رأسها مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922، وخصوصًا المادة (45) منه؛ حيث نصت هذه المادة على أن: " للمندوب السامي أن يشكل بمرسوم محاكم منفصلة لقضاء بئر السبع ولما يستنسبه من المناطق الأخرى؛ ويسوغ لهذه المحاكم أن تطبق العرف المألوف لدى العشائر إلى المدى الذي لا يتنافى فيه مع العدل الطبيعي أو الآداب".

 غير أن مرسوم دستور فلسطين لم يكن أولى التشريعات التي نظمت القضاء العشائري؛ إذ كان قانون أصول المحاكمات العشائرية الذي تم نشره في الجريدة الرسمية سنة1918  في العدد (9) قد نظم أصول المحاكمات أمام المحاكم العشائرية

ومن القوانين التي لها علاقة بالقضاء العشائري والتي تم إصدارها في الحقبة البريطانية "مرسوم تشكيل المحاكم لسنة 1939"، وقانون المحاكم رقم31)) لسنة 1940، و"قانون أصول محاكم العشائر لسنة 1937"، ناهيك عن "قانون منع الجرائم بين العشائر والحمائل رقم (47) لسنة 1935"،  وقانون المخالفات المدنية رقم(36) لسنة  1944.  وقد نشر هذا القانون في العدد (1380) من الجريدة الرسمية لسنة 1944

فترة الحكم الأردني والمصري

لم يبق على حاله في الفترة التي خضعت فيها الضفة الغريبة للحكم الأردني، وقطاع غزة للإدارة المصرية؛ فقد تضاربت الأقوال حول وضع القضاء العشائري في فترة الحكم الأردني للضفة الغريبة؛ إذ يرى البعض أن القوانين العشائرية لم تكن مطبقة في تلك الفترة؛ باستثناء العشائر البدوية التي بقيت خاضعة لقانون خاص بها، وهو "قانون الإشراف على البدو لسنة1936؛ أما البعض الآخر فيرى أن القضاء العشائري كان حاضرًا بقوة ومحميًا من الحكومة؛ إلا أن القضاة في تلك الفترة لم يكن يتم تعيينهم كما في فترة الانتداب البريطاني، ولم يتقاضوا رواتب من الحكومة الأردنية؛ بالإضافة إلى أن عدد القضاة والامتيازات الممنوحة لهم كانت قليلة جدًا، مقارنة مع وضعهم في فترة الانتداب البريطاني

أما في قطاع غزة فلم تقم الإدارة المصرية بتغيير النظام القانوني الذي كان سائدًا؛ وأبقت على كل القوانين التي كانت سارية زمن الانتداب البريطاني، بما فيها القوانين الخاصة بالقضاء العشائري.

فترة الاحتلال الإسرائيلي

في فترة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عاد القضاء العشائري وانتشر مرة أخرى؛ خصوصًا بعد أن قاطع الفلسطينيون المحاكم النظامية التي يديرها الاحتلال اعتقادًا منهم أن الجهاز القضائي ليس سوى أداة لتكريس الاحتلال؛ حيث كان يطبق قوانين فرضها المحتل

وفي العام 1979، صدر قرار عن المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في عمان بتاريخ 22/1/1979 يحمل رقم 924/م/912، بموجبه قرر المجلس  لوطني الفلسطيني تأسيس "الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح".

فترة السلطة الوطنية الفلسطينية

وجدت السلطة الوطنية الفلسطينية أنه لا مجال للاستغناء عن القضاء العشائري، وأنه والقضاء الرسمي يسيران في طريق واحد، لدعم سيادة القانون والوصول للعدالة وإحلال السلم الاجتماعي. فمنذ 14 أيلول 1994، ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، أعيد تشكيل "إدارة شؤون العشائر" بمرسوم رئاسي، نشر في مجلة الوقائع الفلسطينية الرسمية؛ حيث صدر  بتاريخ 9/11/1994 قراراً من  الرئيس ياسر عرفات، يقضى بإنشاء إدارة  شؤون العشائر، بحيث تكون تابعة  لمكتب الرئيس.

وبتاريخ  15/3/2005، تم إلحاق "دائرة شؤون العشائر والإصلاح" بوزارة الداخلية.  وتتولى هذه الدائرة تقديم الخدمات التالية:

1- تلقي الشكاوي من المواطنين حول المشاكل والأمور العشائرية؛ للعمل على حل جميع خلافاتهم، وتوجيه المواطنين إلى جهات الاختصاص،  للمساهمة في حل أي خلاف عشائري أو قانوني.

2- تعمل الإدارة على رقابة ومتابعة كافة لجان الإصلاح،  ورجال العشائر للعمل في إطار القانون والعرف العشائري.

3- تتدخل الإدارة مباشره في عمل أي لجنة أو رجل من رجال العشائر، في حال حدوث أي خرق أو تمادٍ على الحق والقانون.

4- إصدار بطاقات خاصة برجال العشائر والإصلاح؛ لتسهيل عملهم أمام كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية.

5- تعمل الإدارة على تطوير القانون العشائري بما يناسب الشرع والقانون.

6- تعمل "الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح" على تشكيل لجان الإصلاح في كافة محافظات الوطن، وتقوم بكل ما من شأنه إحلال السلم الأهلي، والتواؤم بين كافة افرد المجتمع، والتدخل في جميع القضايا والخلافات العشائرية، سواء كانت شخصية أو اجتماعية أو أي خلاف أو إشكال؛ وذلك تماشيًا مع القانون والأعراف العشائرية

وهنا مثال لاخر القضايا التي طبق فيها النظام العشائري في فلسطين:

مقتل رزان مقبل: نحو نصف مليون شيكل لأهل الضحيّة بموجب اتّفاق عشائريّ