الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي »  

في منتدى بالدوحة.. خبراء وباحثون يرصدون حالة الزواج في العالم العربي
04 كانون الأول 2019

 

الدوحة-نساءFM- الأسرة العربية في خطر، تحذير أطلقه خبراء وباحثون في منتدى الأسرة العربية حول الزواج، في ظل ما باتت تعيشه المجتمعات من صراعات، وإشكالات عميقة اختلطت فيها السياسات الحكومية بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويهدف المنتدى الذي افتتح أمس الاثنين بالدوحة ويستمر يومين، إلى توفير منصة تفاعلية لمناقشة نتائج تقرير معهد الدوحة الدولي للأسرة "حالة الزواج في العالم العربي"، بمشاركة كوكبة من صناع السياسات والباحثين والخبراء وممثلي منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية.

وخلال افتتاح المنتدى رسم المشاركون صورة سوداوية عن واقع الأسرة في العالم العربي، إذ رأوا أن الواقع أسوأ بكثير مما تحاول المؤسسات الأكاديمية أو منظمات المجتمع المدني رصده وتشخيصه، خاصة منها الارتفاع الكبير في نسب زواج القاصرات ومعدلات الطلاق.

ومن أهم النقاط التي يلحظها التقرير العودة إلى زواج القاصرات، الذي ارتفعت نسبته في مناطق النزاع مثل اليمن ينسبة 60%، واللاجئات السوريات 24%، وتأثيره في زيادة المشاكل والتفكك الأسري، كما تطرق التقرير أيضا إلى ارتفاع نسبة الطلاق وعلاقته بالعنف الأسري وتأثير ذلك على الأبناء واستقرار مؤسسة الزواج.

كما بحث المنتدى ما باتت تفرضه التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام من تحديات جديدة، وهو ما دعا المشاركين إلى دق ناقوس الخطر من تداعيات سلبية للثورة التكنولوجية، وضرورة اعتماد سياسات وخطط قادرة على وقف حالة التردي الحالية، والتصدي لها وفق مقاربات أكثر شمولا ترتكز على الدراسات الاجتماعية والقانونية وعلم النفس والبحوث الأنثروبولوجية، والاجتهادات الفقهية والاقتصاد والإعلام.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكدت المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، شريفة العمادي أن الدراسات حول الأسرة العربية يجب أن تستمر في رصد التحولات المجتمعية وأن تقترح الحلول الممكنة التي تمنع ما يهددها، مع الأخذ بالحسبان التغيرات التي تفرضها الحروب والصراعات على أوضاع الأسرة وما تنتجه من إكراهات.

وقد قسمت المادة البحثية للتقرير، إلى تقارير فرعية تناولت حالة الزواج في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي دول المغرب العربي، ودول المشرق العربي، باستثناء مصر والسودان اللتين أفرد لهما تقريران فرعيان مستقلان، إلى جانب تقرير مستقل عن حالة اليمن، وأيضا تقرير مشترك عن حالة الصومال وجيبوتي وجزر القمر.

واقع عربي

بحسب التقرير الذي شمل المنطقة العربية كلها، فإن حالة الزواج وبناء الأسرة قد تأثرت بمتغيرات جوهرية، مست أنماط الزواج والنظرة المجتمعية للعنوسة والعزوبية وارتفاع تكاليف الزواج، وفتور العلاقات الزوجية والطلاق، وعمل المرأة وتربية الأطفال، مع الأخذ بالحسبان ما تعيشه الدول العربية من قواسم وتنوعات اجتماعية وثقافية، وما فرضته ظروف الهجرة في عدد من بؤر التوتر والنزاعات على بناء الأسرة واستمرارها.

وبحسب الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية هيفاء أبو غزالة، فإن الحديث عن واقع الأسرة العربية لا يجب أن يظل ترفا فكريا أو معرفيا بين النخب والمراكز البحثية والأكاديمية، حيث إن الأسرة العربية تعيش ظروفا صعبة تهدد كيانها، وتستدعي انخراط الجميع في حوار مجتمعي ومؤسسي معمق، يسهم في رسم سياسات عربية واضحة تحفظ كينونتها واستمرارها.

وفي المشرق العربي -حسب التقرير- تتشابك عدة عوامل هيكلية تؤثر في بنية الزواج وأشكاله، مدفوعة أحيانا بسياسة الدولة في كثير من دول المشرق، ويرى باحثون أن تكوين الأسرة تأثر بشكل كبير بالفقر وصعوبة الحصول على سكن والنزوح جراء الصراعات، والنتيجة تأخر سن الزواج وارتفاع معدلات العزوبية وانحسار الزواج المختلط باعتباره شكلا من أشكال التعايش الاجتماعي بين الأديان والطوائف.

أما في المجتمعات المغاربية التي تمر بتحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية بشكل متفاوت، فسجل الباحثون أن واقع الأسرة تأثر بشكل مباشر بالإصلاحات القانونية والتشريعية، وما تخللها من استجابة لمطالب المساواة بين الجنسين وإعادة ترتيب الأدوار بين الزوجين، وتعزيز دور المرأة وتراجع تعدد الزوجات.

وفي مصر والسودان لا تختلف النتائج كثيرا عن سائر الدول في نواحيها الاقتصادية والاجتماعية، ما عدا بعض الخصوصيات التي تمس القوانين والتشريعات التي تستند إلى الأعراف المحلية والعادات.

أما حالات الزواج بالصومال وجيبوتي وجزر القمر فمحكومة بالتقاليد والعادات الاجتماعية على حساب القوانين المدنية والسياسات الحكومية، التي تفرض سلطات اعتبارية تنتهك حقوق المرأة وتوسع الهوة بين الزوجين بالنسبة لتكافؤ الفرص في العمل وكثير من الحقوق.

وبخصوص حالة اليمن الذي يعاني من دمار في المؤسسات والاقتصاد بسبب الحروب، فلم تتغير فيه سلطة الأسرة في تزويج المرأة، ومراعاة العلاقات القبلية التقليدية، مع بعض التفاوت بين المدن والقرى.

الزواج في الخليج

الأسرة الخليجية قبل اكتشاف النفط ليست كما بعده، هذا ما رآه باحثون في المنتدى، إذ إن دول الخليج التي تتقاسم بينها كثيرا من المشتركات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وفيها يمكن تحليل المتغير في ظاهرة الزواج ابتداء من بروز النفط، وما عكسه من تغيرات في حالة الأسرة الخليجية التي تحول نمطها المعيشي المعتمد على الموارد الطبيعية التقليدية المحدودة، إلى عصر الطاقة وحياة الرفاهية.

ويضاف إلى هذا أيضا، أبرز تلك العوامل من التعليم وتدخل الأهل والتباين الاجتماعي والاقتصادي، والزواج من خارج دائرة القرابة وظهور الزيجات المختلطة من غير الخليجيات، وأنواع مستحدثة من الزواج مثل زواج المسيار والمسفار (يلجأ إليه المبتعثون بالخارج)، الأمر الذي فرض واقعا جديدا على المؤسسات التشريعية من أجل سن قوانين تنظم كل ذلك وتحفظ الحقوق.

واقترح الباحثون صياغة خطة عمل عربية موسعة في ضوء المنتدى، تنطلق من الخلاصات التي اهتدى إليها التقرير، وتسهم في مواجهة التحديات المتجددة التي تفرضها العولمة والإعلام الحديث خصوصا، وتعديل الصور الافتراضية عن واقع الأسرة.

المصدر : الجزيرة