الرئيسية » أخبار محلية »  

ندوة في "مدار" : أسباب بنيوية لمظاهر العنف بين فلسطينيي الداخل
22 تشرين الأول 2019

 

رام الله-نساءFM- قال مدير مركز أمان- المركز العربي للمجتمع الآمن، المحامي رضا جابر: إن التغلب على تفشي العنف والجريمة في أوساط المجتمع الفلسطيني في الداخل،  يتطلب إعادة بناء الحياة السياسية، وعودة الأحزاب إلى التواجد المؤثر في أوساط المجتمع، والإسهام في بناء قيمه بدل التركيز على التواجد في الكنيست فقط، هذا إلى جانب بناء مؤسسات محلية تستعيد الحيز العام من عائلات الجريمة، وتقدم حلولا للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية المركّبة في ظل الفراغ المقصود الذي تتركه الدولة.

وأكد جابر في ندوة نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في مقره برام الله، أمس، تحت عنوان "تزايد مظاهر العنف في المجتمع الفلسطيني في الداخل: بين الاجتماعي والسياسي"، وقدمت لها المديرة العامة للمركز، هنيدة غانم، إن الرهان على الشرطة الإسرائيلية لحل المعضلة مجرد وَهم، محذرا من مقايضة الحاضر بالمستقبل في حال تحقيق رغبات الدولة في فرض توسّعها الأمني بين العرب، والاتجاه بدل ذلك إلى الضغط على الدولة عبر خطاب متحرر من الدونية يحدد المطالب بوضوح.

وأوضح جابر إشكالية العلاقة المركبة بين المجتمع الفلسطيني في الداخل وبين الشرطة، حيث العلاقة متوترة بسبب وجود حدّين لهذه الشرطة، أحدهما مدني يحتاجه المواطن ويريده، والثاني أمني، تحاول الشرطة استغلال الظروف للتوسع فيه.

واعتبر جابر أن جذر المسألة يمتد إلى النكبة، ويتمثل بهوية الدولة كدولة يهودية تضع الفلسطيني بُنيوياً على الهامش، ما يعني تراكم مشاكله، إذ تكتفي الدولة بالمراقبة والسيطرة حتى لا تمتد السلبيات إلى المجتمع اليهودي، في حين تلعب دورا سلبيا على مستوى القيم عبر تحويلها التعليم إلى عملية تحصيلية منزوعة من الاحتياج الثقافي والقيمي والتاريخي، وبالتالي الانتماء، منوها إلى أن وزراء التربية الحاليين يعتبرون علنا الفلسطيني أقل من مواطن.

وأضاف  إن ما عقّد المسألة هو تضافر غياب الدولة مع تفكك المنظمة الاجتماعية تدريجيا، حيث ازداد عدد السكان  وتطورت البنية الحمائلية إلى طبقة وسطى، منسحبة من الحيز العام، فردانية الطابع، جنبا إلى جنب مع الفقر، مؤكدا ضرورة ربط الأسباب بعضها ببعض وربطها بسياقها العام، والانتباه إلى علاقة السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي، حيث لم يستطع المجتمع استبدال المنظمات الضابطة، فيما الدولة غير معنية بتقديم الحلول.

وأشار جابر إلى ثلاث مرحل مرت بها الجريمة، أولها العنف الفردي والقتل بين تجار المخدرات منذ الستينيات، الأمر الذي تطور في التسعينيات إلى تجمعات نظمت نفسها وأخذت شكل "مؤسسة" وتركزت أكثر شيء في منطقة المثلث، ليصبح عنفها بعد العام ألفين جزءا من حياة الناس، ولتحتل جزءا كبيرا من الحيز العام، ولتتشابك عبر المناطق المختلفة، ومع عائلات الجريمة في المناطق اليهودية، وقد أصبحت للظاهرة نوافذ اقتصادية مؤثرة، تغلغلت في المؤسسات السياسية المحلية، حتى ان جزءا من "المجتمع المعياري"  صار يرى في اللجوء لهذه العائلات خياراً لحل مشاكلة، في ظل تفكك المجتمع الحمائلي، وغياب دور الجسم السياسي، والتغيرات في معنى سلطة الأسرة النووية.

وختم جابر أن الإجرام تحول الآن من موضوع الاستقواء إلى امتيازات اقتصادية تطورت إلى نفوذ سياسي محلي، وهذا شيء يصعب على المجتمع أن يهزمه وحده، فالمرحلة الحالية من العنف تنذر بتقويض المجتمع، لكنها في المقابل تحمل "فرصة" لإعادة تقييم الذات ومراجعة التعامل مع المخاطر قبل فوات الأوان، الأمر الذي عبر عن نفسه بإدراك الناس لحجم الخطر، وخروجهم للشارع واحتشادهم على المطالبة بإيجاد حلّ.