الرئيسية » تقارير نسوية » نساء حول العالم »  

الإجهاض في إيران سري للغاية.. تعددت الأسباب والنساء هن الضحايا
06 تشرين الأول 2019

 

طهران-نساءFM- يعتبر الإجهاض من أكثر التجارب القاسية على الصعيدين المعنوي والجسدي لأي امرأة اتخذت قرارها بعدم الاستمرار في الحمل لأسباب ودوافع مختلفة، وقد ينعكس قرار الإجهاض إيجابا أحيانا على حياة بعضهن، في حين يترك أثرا مؤلما عند أخريات.

لكن الأمر يأخذ منحى غير محمود إذا ما تم الإجهاض بالخفاء في ظروف غير مناسبة قد تؤدي إلى الموت أحيانا رغبة بتجنب القانون والمساءلة الاجتماعية تبعا للعادات والتقاليد المجتمعية.

وتجري آلاف النساء في إيران عملية الإجهاض سنويا بطرق قانونية وغير قانونية، كما تختلف الأرقام الرسمية المعلن عنها عن الأرقام الحقيقية نسبة للأعداد التي تقوم بالإجهاض سرا والذي لم تعرف نسبته تحديدا.

شروط الإجهاض القانوني

ويجرم القانون الإيراني عملية الإجهاض وينزل العقوبة بالفاعل وكل من ساهم بإتمام العملية إلا في حال توافر ثلاثة شروط، هي: إصابة الجنين بنقص النمو، أو التشوه الخلقي، أو المخاطرة بحياة الأم في حال استمر الحمل، ولا تتم العملية بدون موافقة الأم على الإجهاض واستكمال الأوراق المطلوبة في الطب الشرعي، على أن تجرى العملية قبل إتمام الجنين شهره الرابع.

ويقول الدكتور محمد مهدي آخوندي مؤسس مركز ابن سينا ​​لعلاج العقم رئيس الجمعية العلمية لعلم الأجنة في إيران إنه ليست لدينا إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الإجهاض التي تحدث في المجتمع نظرا للجوء البعض إلى إجراء الإجهاض بسرية تامة مخالفات بفعلتهن القانون، أما الأعداد المعلنة لحالات الإجهاض فهي بناء على التقديرات والقرائن الموجودة.

أرقام وإحصائيات مرعبة

وأشار آخوندي إلى أنه في عام 1995 أعلنت وزارة الصحة عن 80 ألف حالة إجهاض في السنة، ليصل العدد عام 2013 إلى 250 ألف حالة، وأعلن الدكتور محمد باقر لاريجاني المساعد التربوي لوزير الصحة عام 2017 أن أعداد حالات الإجهاض (القانونية وغير القانونية) تتراوح بين 300 و500 ألف حالة في البلد، أي 1000 حالة إجهاض في اليوم تقريبا، 10 منها فقط تتم بشكل قانوني.

ويضيف آخوندي -وفق مصادر مؤكدة لديه- أن عدد حالات الإجهاض ارتفع إلى 700 ألف حالة في السنة، داعيا لمعاجة الأمر وسد الفراغ القانوني الموجود، للحد من انتشار هذه الظاهرة.

من جهة أخرى، أعلن مدير عام مكتب صحة السكان والأسرة والمدارس في وزارة الصحة سيد حامد بركاتي في يوليو/تموز هذا العام بأنه من المتوقع وصول عدد حالات الإجهاض في إيران إلى 250 ألف حالة (685 حالة في اليوم)، 7 آلاف منها تتم بشكل رسمي.

أسباب ودوافع الاجهاض

ويشير محللون إلى أن أبرز الأسباب التي تدفع المرأة للإجهاض في إيران هي: الحمل غير المرغوب فيه من قبل الزوجين لأسباب اقتصادية، أو زمان ومكان غير مناسبين لهما، أو حتى بسبب جنس الجنين أو عدم رغبة الوالدين في تحمل المسؤولية، أو حدوث الحمل أحيانا بين المخطوبين قبل الزواج، أو بسبب علاقة غير شرعية.

يضاف إلى ذلك أن انتشار البلوغ المبكر عند الأطفال وإمكانية وصولهم إلى المواقع الإباحية والأفلام المخلة بالآداب عبر الجوالات والاستفادة من برامج الشبكة الافتراضية الخاصة (في بي أن) أدى إلى انخفاض سن العلاقات الجنسية، بالإضافة إلى أن انتشار الزواج الأبيض عند الشباب أو ما تعرف بـ"المساكنة" من الأسباب الأخرى التي ساهمت في انتشار الإجهاض.

كما أن ضعف بنية الأم وزواج القاصرات غير المهيئات للحمل السليم، وكذلك عدم تثقيف الأطفال والشباب في المدارس ووسائل الإعلام أو المجتمع لتجنب حدوث المشاكل الجنسية وتجنب الحمل هي دلائل أخرى على سبب انتشار الإجهاض في إيران.

الإجهاض جريمة

ويقول علي زندي -وهو جراح واختصاصي في أمراض النساء والتوليد- في حديثه للجزيرة نت إن عدد حالات الإجهاض غير واضح لدينا، لكن من عدد المرضى في عيادتنا نعرف أن هناك حالات كثيرة تحدث في البلد، وأغلبهن لا يعرفن الجوانب القانونية وليست لديهن معرفة كاملة بالموضوع بأن الإجهاض جريمة.

ودعا زندي إلى كسر "التابو" للتحدث في الأمر وتثقيف الأطفال والشباب بطرق مختلفة عن الأمور المتعلقة بالثقافة الجنسية لتجنب انتشار المشاكل مثل الإجهاض والإيدز، ولأجل ذلك ألف رواية بعنوان "زني مثل هيجكس" (امرأة ليس لها مثيل) تشرح وتثقف بالمسائل الجنسية ومشاكلها من خلال رواية جذابة، كما أنها تعلم القارئ بشكل غير مباشر.

وأشار زندي إلى أن ثمة مشاكل تهدد حياة الأم في الإجهاض غير القانوني، مثل: الاستخدام المكثف والعشوائي للأدوية التي تسبب حساسية شديدة عند المرأة، وكذلك استخدام أدوات وآلات وغرف غير معقمة تسبب عدوى خطيرة تؤدي إلى الموت أحيانا، كما يقوم بالعمليات أشخاص غير اختصاصيين يتسببون بنزيف وتلف في الرحم وصولا إلى العقم الأبدي أحيانا.

وبسبب انتشار هذه الظاهرة في البلد ظهرت ما تسمى "السوق السوداء" والمتاجرة بأدوية الإجهاض في شوارع بعض المدن والعاصمة وبيعها للناس، أشهرها شارع ناصر خسرو في طهران الذي أصبح ملاذا لمافيا الأدوية التي تباع بأسعار باهظة بشكل غير قانوني، ويلجأ إليها الكثيرون في ظل غياب بعض الأدوية من الصيدليات، خصوصا بعد فرض العقوبات الأميركية على إيران.

المشاكل الجسدية والقانونية

ويعتقد المحللون أن القوانين المتعلقة بالإجهاض في إيران تحتاج إلى إعادة النظر فيها لملء الفجوات والنواقص بهدف تخفيف حدة انتشار هذه الظاهرة، فعلى سبيل المثال إذا ما تعرضت الفتاة للاغتصاب ما هو مصير جنينها؟ وكيف يمكن للأم الذهاب إلى المستشفى لإجراء عملية الإجهاض القانوني طالما لا يمكن معرفة النقص في الجنين إلا في الأسبوع 18 من الحمل ولا يمكن إجهاضه بشكل رسمي إلا قبل الأسبوع الـ19 من الحمل (قبل ولوج الروح فيه)؟

وبالإضافة إلى المشاكل الجسدية والقانونية التي تهدد العائلات، خصوصا الأمهات في قضية الإجهاض، إلا أن هنالك مشاكل معنوية تعانق الأم لفترات طويلة وتؤثر على حياتها الشخصية وأسلوب تعاطيها مع الآخرين في المجتمع بعد الإجهاض، ولا يمكن تفادي هذه الأزمات والتخفيف من هذه المشاكل -خصوصا الحمل غير المرغوب فيه- إلا بتثقيف المجتمع وتنويره بالثقافة الجنسية لكل الفئات العمرية.

المصدر : الجزيرة