الرئيسية » تقارير نسوية »  

من ضحية لزواج القاصرات إلى طبيبة.. تعرف على قصة نجاح عراقية
18 آب 2019

 

 

 

بغداد-نساءFM- قبل أكثر من سبع سنوات، لم تكن فاطمة السعدي الطالبة المتفوقة على جميع قريناتها، سوى ضحية لزواج القاصر، تبددت أحلامها سريعا، بعد تركها للمدرسة وإجبارها من قبل أهلها على الزواج مبكرا، ليتحول زواجها فيما بعد إلى جحيم انتهى بالطلاق.

 

فاطمة (25 عاما)، من مدينة كربلاء جنوبي بغداد، عاشت حياة عصيبة، بعدما اتخذ أهلها قرارا بالموافقة على زواجها وهي لا تزال طالبة في الصف الخامس العلمي، رغم تفوقها الدراسي ورغبتها في أن تكون طبيبة.

كنت أشعر بالخيبة، كما تقول فاطمة، بعدما تركت الدراسة وذهبت إلى بيت زوجي مجبرة، لا أعرف كيف أبدأ حياتي من هناك وأنا أضع كل تفكيري في الدراسة، وكيف يمكنني العودة رغم أن أحد شروط الزواج هو تركي للمدرسة.

مواجهة التحديات

لم يكن لدى فاطمة طريقة للاحتجاج أو الرفض، سوى الرضوخ للأمر الواقع، وعدم الاعتراض على قرار أهلها، لكنها استطاعت إقناع زوجها بالعودة إلى المدرسة بعد مرور سنتين على الزواج.

وتضيف خلال حديثها للجزيرة نت، كانت موافقة زوجي مشروطة، وهي أن أتخرج من الإعدادية وأتوقف، ولكن نتائج الامتحانات قد أظهرت حصولي على معدل 99% والأولى على المدرسة، الأمر الذي رفع من مستوى التحدي والمواجهة، بدءا من زوجي وأهله، والطفل الذي أنجبته وصعوبة الدراسة في كلية الطب، بعدما خيرني زوجي بينه وبين الدراسة، اخترت دراستي بلا تردد.

ومثل فاطمة الآلاف من البنات اللواتي يتزوجهن وهن قاصرات، في جميع المحافظات العراقية، حيث تزداد نسب الطلاق والانتحار واقتراف الجرائم، ويؤكد خبراء في القضاء أن الزواج المبكر أحد أسباب ذلك.

تقول فاطمة إن أهلها كان يشعرون بخطأ زواجها، وتركها الدراسة، لكن هذه النظرة قد تغيرت وتحولت من رفض إلى دعم كبير، بعدما قبلت في كلية طب الأسنان، كان الدعم الأساسي يأتيها من والدتها، التي وقفت بجانبها طوال الوقت.

وبعد رحلة علمية قضتها فاطمة في الدراسة بكلية طب الأسنان، تخرجت أخيرا هذا العام، لتكون طبيبة تستعد للانخراط في المؤسسات الصحية في مدينتها كربلاء.

الوظيفة سلاح

تعتقد الناشطة في مجال حقوق المرأة والباحثة الاجتماعية هدى حميد أن الوقت الحالي تمثل فيه الوظيفة سلاحا للمرأة العراقية لتحقق الاكتفاء الذاتي ماليا لنفسها حتى لو كان ذلك على حساب حياتها الزوجية.

وحياة المرأة، بحسب الناشطة العراقية، لا يمكن أن تخلو من المعوقات والتحديات، والمجتمع العراقي ينقسم حيال قضية تعليم المرأة إلى قسمين، الأول يحفز ويشجع المرأة على إكمال مسيرتها العلمية، والآخر يرى في ذلك سببا للتقصير تجاه البيت والزوج.

وتضيف أن بعض الطبقات الاجتماعية أصبحت تفضل المرأة صاحبة الوظيفة والمهنة أكثر من غيرها، كونها تعين الزوج على متطلبات الحياة والأسرة.

وأحيانا، كما تؤكد هدى حميد، وبسبب كثرة الانشغالات تجد المرأة نفسها مقصرة تجاه ذاتها، فهي لم تخصص الوقت الكافي للاهتمام بصحتها وجمالها كبعض النساء العاطلات عن العمل.

 

ناشطة إنسانية

لم تتوقف فاطمة عند إكمال دراستها، بل برزت في نشاطات وفعاليات إنسانية كثيرة مع منظمات عالمية، بداخل العراق بحسب ما تؤكد ذلك زميلتها مريم الإبراهيمي.

وتضيف الإبراهيمي للجزيرة نت أنها تعرفت على فاطمة في أول فترة بعد طلاقها، ورأت كيف أنها لم تتوقف بل دخلت وعملت في مجالات مختلفة وكونت فريقا تطوعيا.

كما أنها مثال للمرأة الناجحة، كما تقول مريم، حيث تخلق التحدي لوحدها ودون انتظار دعم أي شخص، ونجاح فاطمة يزعج الكثير في المجتمع ممن ينظر إلى المرأة بشكل سلبي.

يعتبر الزواج المبكر وزواج القاصرات من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق في العراق، إضافة إلى أسباب مهمة أخرى كالوضع الاقتصادي.

وبحسب إحصائية لمجلس القضاء الأعلى في العراق، فقد كشف عن تسجيله 73 ألف حالة طلاق في العام 2018، في مختلف مدن العراق، تصدرت العاصمة بغداد القائمة.

وبحسب إحصائيات حكومية، فإنه من المتوقع أن ترتفع معدلات الطلاق حتى 2020 إلى مليون حالة طلاق، وهو مؤشر خطير بحسب مراقبين وخبراء بمجال القانون