الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي » نساء حول العالم »  

الحكومة المغربية تقرّ حالات السماح للحد من الإجهاض السري
مدافعون عن حقوق الإنسان في المغرب يطالبون منذ سنوات بضمان الحق في الإجهاض وإبطال تجريمه قانونا وهو ما ترفضه الأوساط المحافظة.
21 أيار 2019

 

وكالات- نساء FM:- قررت المحكمة الابتدائية بمراكش، الجمعة الماضي، تأجيل جلسة محاكمة لأربعة أطر عليا، تتابعهم النيابة العامة المختصة وهم في حالة اعتقال، بجنح ضد نظام الأسرة، والأخلاق العامة، إلى يوم 24 من الشهر الجاري، من أجل الاطلاع على محضر جديد، أدلت به النيابة العامة.


ووجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس، تعليماته إلى المسؤولين من أجل صياغة نص قانوني في هذا الشأن، يأخذ بعين الاعتبار تعاليم الشريعة الإسلامية، وواقع هذه الظاهرة، وذلك بالتشاور، والتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية.


ويجرم القانون الجنائي المغربي الإجهاض إلا في حالات معينة حسبما خلصت إليه لجنة رسمية عيّنها الملك قبل سنتين مكونة من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتم حصر 3 حالات مسموح لها بالإجهاض وهي عندما يشكل الحمل خطورة على حياة الأم، أو الحمل الناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم، أو إصابة الجنين بعيوب وأمراض مستعصية، وهي الحالات التي يرتقب أن يتضمنها القانون الجنائي المنتظر.


وأورد سعدالدين العثماني رئيس الحكومة أن “مشروع القانون هو قيد المناقشة حالياً في مجلس النواب”، لافتا إلى أن “تعليمات الملك التي قضت بإجراء لقاءات واستشارات موسعة مع جميع المعنيين، أسفرت عن خلاصات تبلورت لاحقاً بصيغ قانونية، قصد إدراجها في مدونة القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد”.


وتقول حنان (22 سنة) من مدينة فاس، بأنها ذهبت إلى منزل في مدينة مراكش بعيدا عن مدينتها لإجهاض جنين ناتج عن علاقة غير شرعية، وأضافت أنها دفعت مبلغ 500 دولار لإتمام العملية التي لازالت تعاني من مضاعفاتها على مستوى البطن والجهاز التناسلي. وتشير حنان إلى أنها كانت خائفة من أهلها وأن القانون يمنع هذا الأمر خصوصا وأن صحتها وجنينها آنذاك كانا على ما يرام.


واعتبر القاضي أسامة النالي، عضو المجلس الجهوي لنادي القضاة، أن الإطار القانوني عرف تطورا مع الحالات المستجدة، وأن المشرع وسّع عدد النوازل التي يسمح فيها بالقيام بعملية إجهاض للجنين، وذلك بعدما كان القانون الجنائي متشددا بشكل مطلق في اتجاه التجريم.
وبالعودة إلى تفاصيل التحقيقات التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية في ولاية أمن مراكش، بخصوص المتورطين في عملية الإجهاض خضعت فتاتان إلى عمليتي إجهاض للتخلص من حملهما الناتج عن علاقات غير شرعية. وصرحت كلاهما بأن طبيبا، يبلغ من العمر 34 سنة، ويتابع دراسته في السنة الخامسة في كلية الطب، أجرى لهما العمليتين في شقة مفروشة في المدينة، ودلّتا عناصر الأمن على أوصافه، وموقع المنزل، الذي حوّله إلى عيادة يجري فيها عمليات إجهاض ممنوعة قانونيا.


ووجهت لهؤلاء المتورطين بمراكش تهم الإجهاض والمشاركة فيه وتهريب أدوية محظورة وتحرير وصفات طبية باستعمال بيانات كاذبة، خصوصا وأن وزارة الصحة المغربية قررت تعليق بيع دواء (Artotec) الخاص بمعالجة مرضى الروماتيزم، بعدما تبين بعد عدة تحريات وأبحاث أن عدداً من المستهلكين يستعملونه في عمليات الإجهاض السري.


ويثير موضوع الإجهاض جدلاً واسعا في المغرب بين المؤيدين والرافضين؛ وفي هذا الإطار نبّه رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، البروفيسور شفيق الشرايبي، إلى الخطر الذي يشكله لجوء عدد من النساء إلى الإجهاض السري وخصوصا التقليدي الذي تستعمل فيه أعشاب وأدوات حادة.


ويؤكد الشرايبي أنه يستعمل مصطلح “إيقاف آمن للحمل”، بدل الإجهاض مشيرا إلى “أن 13 بالمئة من وفيات الأمهات تعود إلى الإيقاف غير الآمن للحمل”. ويعتبر الإجهاض الآمن، من الشروط الأساسية لصحة جنسية وإنجابية آمنة للمرأة في جميع المجتمعات، خصوصا مع تنامي ظاهرة الإجهاض السري، وفي ظل غياب أبسط الشروط الصحية، ما يزيد من ارتفاع نسبة الوفيات في صفوف الأمهات والأطفال.
وفي هذا الإطار تشير الإحصائيات، التي كشفت عنها في وقت سابق الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، أن عدد عمليات الإجهاض السري، أو غير القانوني، التي تجرى في المغرب، تتراوح ما بين 600 و800 حالة، يوميا، فيما تشكل مضاعفات الإجهاض نسبة 4.2 بالمئة من مجموع وفيات الأمهات.
ورفض عبداللطيف حدوش، نائب رئيس المجلس العلمي بطنجة، تبرير الإجهاض تحت غطاء حرية المرأة في التصرف في جسدها، أو استجابة للمواثيق الدولية، مشيرا إلى أن المواثيق الدولية بدورها تنص على حماية حقوق الأجنة في الحياة.


من جانبه أكد أحد الفقهاء المغاربة على أن الشرع الحنيف متسامح مع الحالات التي يكون فيها الجنين معرضا للتشوه الخلقي، إذا أجمع على ذلك عدة أطباء، أو إذا كان وضع الحمل يشكل خطرا على حياة المرأة.


وتتشبث ناشطات حقوقيات بتعريف المنظمة العالمية للصحة لمفهوم الصحة، والتي تعني في شمولها “الصحة البدنية والعقلية والاجتماعية”، وذلك لتبرير عملية الإجهاض حفاظا على صحة الأم البدنية والنفسية عندما تصر على عدم الاحتفاظ بالجنين.


وأطلقت حركة المطالبة بالحريات الفردية المغربية “مالي”، في أبريل الماضي ائتلافا جديدا من أجل الدفاع عن حق النساء في اتخاذ قرار الإجهاض، وتمتيعهن بفرصة الإجهاض الطبي الآمن، والقانوني.


وتصر حركة “مالي”، على حرية اختيار المرأة حقها في الإجهاض، إذ لجأت الحركة إلى الإعلان عن خدمة عبر واتساب للراغبات في الإجهاض، حيث تقول إنها تقدم وصفةً طبية وآمنة، كما أنها أحدثت صفحة خاصة على موقع فيسبوك لمساعدة النساء المغربيات الراغبات في إنهاء حملهن طواعية، بتوفير المعلومات المناسبة لحالة كل امرأة على حدة.


وغالبا ما يتم الإجهاض بأماكن تفتقد إلى الشروط الصحية مثل التعقيم وفي غياب طبيب مختص، هذا إلى جانب عمليات الإجهاض التقليدية التي تشمل الأحياء والعائلات الفقيرة.


ورفض عدد من الجمعيات النسوية هذا المسلك من طرف حركة “مالي”، لما له من تأثير خطير على تماسك المجتمع وعلى المرأة الحامل خصوصا وأنه لا يمكن التكهن بما سيحدث للمرأة بعد إقدامها على عملية الإجهاض.


واستنكرت عزيزة البقالي، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، هذا الأسلوب الذي لا يحترم توجهات المغاربة واختياراتهم التي تكرّست عبر القنوات القانونية، رافضة هذه الأساليب غير القانونية وغير الأخلاقية وغير المشروعة في التعامل مع قضايا حساسة من هذا النوع.


ولفتت البقالي، إلى ضرورة التوازن في التعاطي مع مسـألة الإجهاض بين الحق في الحياة ومراعاة الظروف الخاصة بالمرأة التي ترغب في الإجهاض، والحرص على حق الجنين في الحياة كون المسألة مرتبطة بحياة الأم والجنين معا.


واعتبر المحامي في هيئة المحامين بطنجة إسماعيل الجباري، أن “موضوع الإجهاض، يخص المرأة وليس المجتمع، وبالتالي فإنه شأن خاص وليس شأنا عاما”، مشيرا إلى أن “الإجهاض الآمن حق للمرأة الراغبة في التخلي عن جنينها، إذا كان الحمل غير مرغوب فيه، ما دام الأمر يتعلق بالرغبة في التوقف الإرادي عن الحمل”.


من جهتها تحفظت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، حول فتح باب الإجهاض أمام من لا تريد الاحتفاظ بجنينها فقط استجابة لرغبتها وإنما لابد من ضبط هذه الوضعية بشروط موضوعية وطبية واجتماعية لحلّ الإشكال.


ويطالب مدافعون عن حقوق الإنسان في المغرب منذ سنوات بضمان الحق في الإجهاض وإبطال تجريمه قانونا وهو ما ترفضه الأوساط المحافظة.


ولم يتم بعد تعديل القانون الجنائي الذي يهم الإجهاض وحالاته حيث يعاقب المدانون بممارسة الإجهاض حاليا بالسجن بين عام وخمسة أعوام، بينما تتراوح عقوبة النساء بالسجن بين ستة أشهر وعامين.