الرئيسية » نساء وقانون »  

حقوق المرأة ضمن القانون الأساسي الفلسطيني...
04 آب 2014

 لقد شهدت المرأة على مر العصور العديد من انواع الظلم القهري من عبودية ووأدٍ وتهميش ,حتى وصول الدين الإسلامي الذي حفظ للمرأة كرامتها وحقوقها مقارنةً مع الرجل , واستمر الأمر بعد ذلك بثباته وتأرجح قميته معاصرة مع ظهور الأنظمة والقوانين منذ بداية القرن العشرين فكانت أول الإتفاقيات التي تعني بتقنين حقوق المرأة "بشأن تنازع القوانين الوطنية المتعلقة بالزواج والطلاق والانفصال والولاية على القُصَّر"1912م, وما بعدها ومروراً بـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1945م , ومن بعده العهدين الدوليين المعتمدين في 1976م , ولكن تلك المواثيق لم تختص بالمرأة بشكل خاص وموسع وكافي بل قررت حقوق الإنسان بشكل عام التي تقوم اساساً على المسواه , فكان من الضروري وجود اتفاقية تحمي حقوق المرأة بشكل مستقل وشامل , فتم اعتماد اتفاقية القضاء على جميع انواع التميز ضد المرأة "سيداو" في عام 1979م من قِبل الجميعة العامة , وأصبحت سارية في 1981م . وقد كان من الضروري عند اعداد القانون الأساسي الفلسطيني مراعاة حقوق المراة بشكل خاص , ولكن القانون الأساسي لم يتطرق لحقوق المرأة ولم ينص بصراحة عليها, بل جعل النصوص بشكل عام تسري على الجميع , وعلى ذلك سيتم استعراض حقوق المرأة في القانون الأساسي الفلسطيني بشكل تحليلي إستنتاجي من الباب الثاني من القانون ,"باب الحقوق العامة والحريات".

فقد نصت المادة الأولى من الباب الثاني المادة (9) من القانون أن "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تميز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة" فهذه المادة كانت الأولى ضمن باب الحقوق والحريات العامة وهو خير دليل على المساواه الكاملة بين الرجال والنساء ,فإذا كان الخضوع امام القانون سواء بين الرجال والنساء فمن البديهي أنّ الحكم سيكون ضمن اطار تطبيق القوانين بشكل عام بدون تميز , وأن الحقوق والحريات الواجبة للرجل هي نفسها الحقوق والحريات الواجبة للمراة .

وكما نصت المادة (10) من القانون بفقرته الثانية "أن تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية دون ابطاء على الإنضمام الى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان , واذا كان تعطيل الإنضمام بالماضي بسبب عدم وجود دولة مستقلة ما قبل الإعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة فلأمر الآن مختلف والمجال مفتوح امام رئيس الدولة بصفته الممثل الأعلى للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة , وتطبيقاً للقانون الاساسي الذي تلتزم السلطة الوطنية بلإنضمام الى الإتفاقيات التي تحمي حقوق الإنسان ومن ضمنها اتفاقيات حماية حقوق المرأة.

وقد ورد في المادة (24) التي نصت على حق التعليم وإلزاميّته حتى المرحلة الاساسية جاء بشكل عام , أي يشمل الرجل والمرأة بدون تميز , ولكن الملاحظ هنا أنّ التطبيق العملي لهذه المادة غير جاد من قِبل الحكومة القائمة , حيث انه رغم الزامية التعليم في المرحلة الاساسية نجد أنّ الحكومة تترك القرار للأهل بذلك , وإن كانت الأغلبية العظمى تسعى إلى التعليم وخاصة في هذه المرحلة, إلا أنـه يلاحظ الفتيات غير المتعلمات واللآتي يعملن في مجال التسول وبغطاء عمالة الاطفال ومن سن صغير في الشوارع بدون رقابة عليهم , وهذا الامر قد يطرح أمر آخر وهو تحقيق المعيشة الكريمة لأفراد الشعب , حتى لو كانت فلسطين دولة محتلة ووضعها الإقتصادي غير مستقر ونعتمد على المساعدات الخارجية بشكل أساسي, فإنـه يجب الإعتناء بهذه الفئة بشكل حازم من قبل الحكومة وخصوصاً الفتيات منهم نظراً لوضعهم الخاص كإناث , وحتى لا يتطور الأمر بعد ذلك الى ما لا يُرجى.

وقد اكدت المادة (25) من القانون الأساسي في الفقرة الاولى بأن "العمل هو حق لكل مواطن وهو واجب وشرف تسعى السلطة الى توفيره لكل قادر عليه" , ولعل مشكلة البطالة ونقص الأماكن الشاغرة للوظيفة قد طغت على هذا البند وقد ترجع الأسباب إلى الوضع الراهن من وجود احتلال وحصار خانق , كما أنّ الكثافة السكانية الكبيرة والإكتفاء بالحد الأدنى من الوظائف والوضع الإقتصادي السيئ والإعتماد على المساعدات الخارجية خصوصاً في قطاع غزة من أكبر العوامل التى حرمت فئة كبيرة من هذا الحق رغم أهميته الكبرى في سريان الحياة بشكل طبيعي , وتغلغله في صميم الحياه العامه , وتحكمه في تحديد مستوى تطبيق حقوق الإنسان من عدمها , ومن خلال هذا الوضع العام من المؤكد أنّ المرأة تدخل في هذا النطاق من الحرمان وبشكل أوسع من الرجل بسبب وضعها الخاص والمتمثل أساساً في رعاية الأسرة . وقد عالج قانون العمل رقم(7) لسنة 2000 الوضع الخاص للمرأة , فقد جعل لها معاملة خاصة وأقر لها اجازات بحكم الأمومة فقد أعطاها إجازة الولادة عشرة أسابيع براتب كامل , وإجازة الرضاعة اليومية المتمثلة بساعة بالحد الأدنى , وحقها في إجازة لمدة سنة ما بعد الولادة بدون راتب , وعدم إمكانية فصلها في مدة الإجازة , هذا بلإضافة إلى الإجازات وحقوق العمال العامة , فقد راعت القوانين الوضع الخاص للمرأة ودمجتها في الحياة الاجتماعية بالمساوه مع الرجل , وتبقى العادات والتقاليد متحكمة في هذا الأمر بشكل محدود , ولكن المرأة الفلسطينية أثبتت جدارتها وواصلت العمل وتقلدت وظائف عامة وذات مراكز حساسة حتى أن وصلت الى القضاء وذلك برعاية القانون لها الذي لولا إهتمامه في المرأة بشكل متساوي بالرجل لما وصلت الى هذه المراكز الحساسة.

كما ضمن القانون الأساسي في مادته الـ(26) المشاركة السياسية للفسطينين أفراداً وجماعات وقد لعبت المرأة الفلسطينة دوراً هاماً في هذا الإطار , فقد ظهرت شخصيات نسائية مشرفة في العمل السياسي الفلسطيني , فدخلت المرأة الفلسطينية في أول إنتخابات رئاسية للسلطة الوطنية وذلك بحق كفله لها القانون , وشاركت في الأحزاب الساسية والنقابات والجمعيات وقامت بتشكيل اتحادات خاصة بها , ومارست العمل الساسي بشكل واسع بالمساوة مع الرجل وعلى حسب قدرتها ووضعها الإجتماعي , كما تم فرض نظام الكوته في الإنتخابات الذي جعل من الملزم على القوائم الإنتخابية إدخال المرأة في العملية الإنتخابية.

وقد أقرت المادة(29) من القانون الأساسي حقوق خاصة برعاية الأمومة والطفولة وتقديم الرعاية الخاصة لهم فقد ضمن لهم القانون عدم استغلالهم من أي فئة كانت , وكما أنه لا يسمح لهم بالقيام بعمل يلحق ضرراً بسلامتهم أو بصحتهم أو تعليمهم , وكما قررت المادة في فقرتها الثالثة الحماية من الإيذاء والمعاملة القاسية , فأجملت هذه المادة الحماية العامة للأم وجعلتها رعاية الأمومة واجب وطني يجب الإلتزام به .

ومن خلال إستعراض الحقوق العامة للمرأة خلال القانون الاساسي الفلسطيني فنبين الآتي : 
أولاً:- ضرورة الإنضمام الى الإتفاقيات والمواثيق الدولية والعالمية الخاصة بحمياية حقوق المرأة, خصوصاً بعد الإعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة , فيجيب الإسراع بلإنضمام الى الإتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان ومن ضمنها المرآة كما أقر القانون الأساسي في مادتـه العاشرة .
ثانياً:- أنّ حقوق المرأة قد ذكرت في القانون الاساسي , ولكن بشكل عام ومبهم , وكان يجب أن يتم التركيز على المرأة بشكل مستقل وإفراد مواد خاصة لها , وضرورة الخروج من توجيه العبارات بشكل ذكوري في جميع مواد القانون , فيجيب الإعتراف بذاتية المرأة بإعتباراها ركيزة هامة جداً في الحياة الإجتماعية والسياسية.
ثالثاً:- تطبيق القوانين الخاصة بالمرأة بحذافيرها والخروج من اطار العادات والتقاليد التي لو تمسكنا بها ستُهمش المرأة من أغلب حقوقها التي كفلها لها القانون .