الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية »  

الطالبة شذا المصري.. فرحة بالنجاح وسط مأساة الحرب والركام في غزة
13 تشرين الثاني 2025

 

غزة – نساء FM - عبلة العلمي- في صباحٍ مثقلٍ برائحة الركام ودفء الأمل، أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي، اليوم الخميس، نتائج امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) لطلبة قطاع غزة من مواليد 2007، في مشهدٍ يختصر حكاية الصمود الفلسطيني في وجه الحرب.

فبين أصوات الدمار وضجيج الأخبار، تتعالى أصوات الفرح من بيوتٍ أنهكها الحصار، لكنها ما زالت تحتفي بالحياة عبر نجاح أبنائها.

وخلال مؤتمر صحفي في رام الله، أعلن وزير التربية والتعليم العالي أ.د. أمجد برهم النتائج بحضور سفير المملكة الأردنية الهاشمية في فلسطين عصام البدور، ورئيس جامعة العلوم الإسلامية جعفر الفناطسة، ووكيل الوزارة نافع عساف، وعدد من ممثلي الأسرة التربوية والإعلاميين.

وأكد برهم أن نحو 30 ألف طالب وطالبة تقدموا للامتحان في مختلف مديريات القطاع، لينضموا إلى 26 ألف طالب من مواليد 2006 سبق إعلان نتائجهم بعد نهاية العدوان، مشيراً إلى أن 56 ألف طالب باتوا مؤهلين الآن للالتحاق بالجامعات.

وقال الوزير إن إعلان النتائج يتزامن مع ذكرى استشهاد القائد ياسر عرفات وإعلان الاستقلال، وهي مناسبة تجسد مقولة الراحل الشهيرة: "شعب الجبارين". وأضاف أن التعليم في غزة هو أحد مظاهر هذا الثبات، إذ يستمر رغم القصف، مؤكداً استمرار الوزارة في عقد الدورات المقبلة لطلبة 2006 و2007 والدراسة الخاصة، سواء داخل الوطن أو خارجه.

ولم ينسَ برهم أن يوجّه شكره للأردن ومصر وقطر ومؤسساتها التعليمية، ولبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وشركات الاتصالات، ووحدة تعليم غزة، وجميع من ساهموا في إنجاح الامتحانات، رغم الظروف الاستثنائية.

"شذا"… من بين الركام إلى التفوق

في غزة، لا تُقاس الشهادة فقط بدرجاتها، بل بعدد الليالي التي قاومت فيها الطفلة الخوف والجوع لتصل إلى حلمها.

تروي شذا المصري، ابنة المصوّر الصحفي الشهيد حسام المصري: "هذا التفوق لم يكن سهلاً. بدأ بعد تدمير منزلنا واستشهاد والدي، ثم النزوح والمعاناة. لكني أصررت على إكمال الطريق الذي كان يؤمن به أبي... طريق الإرادة والصمود."

وتضيف بصوتٍ يختلط فيه الفخر بالحنين: "أهدي نجاحي لروحك يا أبي، لأنك علمتني أن المستحيل يمكن أن يتحقق حتى وسط الركام."

قصة شذا ليست استثناء، بل مرآة لآلاف الطلبة الذين صنعوا من الألم طاقةً للاستمرار، ومن الفقد حافزاً لبناء المستقبل.

المدارس... ملاذات للأمل والبقاء

لم تعد المدارس في غزة مجرد قاعاتٍ لتلقّي الدروس، بل تحوّلت إلى مراكزٍ للصمود والدعم النفسي، وملاذاتٍ للطلاب والمعلمين الذين يصرّون على الاستمرار رغم انقطاع الكهرباء وشحّ الموارد.

المعلمون والمعلمات يعملون بأقل الإمكانات، لكن بروحٍ مضاعفة، ليؤكدوا أن مقاعد الدراسة ليست مقاعد خشبية فقط، بل جبهة مقاومة ناعمة تحفظ للجيل القادم حقه في المعرفة.

النجاح كرسالة وطنية

نتائج "التوجيهي" في غزة هذا العام تتجاوز الأرقام؛ إنها شهادة حياة في وجه الموت، ورسالة تقول إن التعليم لا يُقصف.

كل ابتسامة طالب، وكل دمعة فخر على وجه أم، هي إعلان بأن غزة ما زالت تنبض، وأن أبناءها يكتبون قصة وطنٍ لا يُهزم بالخراب.

وفي التفاصيل الفنية، أوضح وزير التربية أن دورة هذا العام أُجريت إلكترونياً لأول مرة في قطاع غزة، رغم ضعف الإنترنت والانقطاع المستمر للكهرباء ونزوح آلاف الطلبة، مؤكداً أن ذلك "يجسّد إصرار المنظومة التعليمية على التطور رغم الحرب".