الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » نساء فلسطينيات »  

رشا جابر .. صنعت من الأسلاك فنا غريبا
27 آذار 2023

 

 

نابلس -نساء FM- يقول المثل الشعبي العربي: «الجنون.. فنون»، في إشارة إلى أن الفن يرتبط بالإبداع، ويبحث الموهوب عن التميز عن طريق ابتكار كل ماهو جديد، فنري تصميمات رائعة وغريبة. الفنون على تنوّع أشكالها معتمدة على رؤية ابداعية وزاوية مبتكرة، في وصف الأفكار القوية والمدهشة، فجملة "فكرة مجنونة" تطلق على تلك الأفكار الغريبة، والإبداعية والجديدة خارج إطار المعروف والمتداول، ليتميز صاحبها وينقش اسما مميزا له ويحلق خارج السرب.


من أجمل قيم الفن صناعة الدهشة والجمال، وهذا ما عملت عليه رشا، فقد فجّرت براكين المواهب الجمالية، لتنتج فنا شيقا ولا يُمل منه، فالإبداع يحتاج منك أن تسرح وتحلق بخيالك بعيداً وخارج حدود المألوف وهي قامت بالتحليق لتنتج قطعا فنية غاية في الروعة والجمال تأسر قلوب من يراها وتبعث في النفس سكينة وهدوءا، محولة الأسلاك للوحات طبيعية تنبض بالحياة.

الفصل الأول من الحكاية ،،

في قصص النجاح فصول متعددة ومنوعة ومختلفة يمر بها بطل الحكاية قبل أن يصنع نجاحه ويحصد ثمار جهده وتعبه، ورشا استطاعت أن تتنقل بين هذه الفصول واحدا تلو الاخر متميزة عن غيرها بما تصنعه بأناملها من فن جميل وساحر لتحول الأسلاك الصماء الى نباتات جميلة تشع جمالا وراحة تسر الناظرين. وعن الفصل الأول في حكايتها تحدثنا بسعادة كبيرة ظاهرة في صوتها وقسمات وجهها، لتقول: أحب دائما ما هو غريب ومميز وأبحث وأنقب عن كل شيء جديد وأحاول صناعته وتجربته، فقد عملت من النتش النافر الرسوم الكرتونية المتعددة مثل سبايدر مان ودورا وغيرها، وكانت هواية لا أكثر ولا أقل، فأنا بطبيعتي أحب الأعمال اليدوية كثيرا وأحب صناعتها وتجربتها، وبمحض الصدفة شاهدت عبر اليوتيوب شجرة كبيرة مصنوعة من الأسلاك، لفتتني كثيرا لشدة جمالها واتقانها، وقررت أن أصنع مثلها وطلبت من زوجي أن يحضر لي الأسلاك التي تكون موجودة داخل كوابل الكهرباء، وجربت أن أصنع منها شجرة ثم أخرى وكل واحدة كانت تبدو أجمل من سابقتها. وبدأت أصنع أشجارا منوعة وقد شجعني زوجي لأشارك بمعارض فيها وكذلك محيطي، فكل من يراها كان يعجب بها، ومن هنا قررت أن تكون مشروعي الخاص الذي أنطلق به لعالم الريادة والابتكار وأتميز فيه عن غيري، خاصة أنه لم يسبقني أحد لهذا النوع من الفنون.


وتابعت: عملت قطعا متعددة ومنوعة، وفي أولى مشاركاتي بالمعارض وجدت إقبالا كبيرا وثناء على ما أقوم به من فن جديد وغريب ولافت بتميزه وإتقانه، فهو سهل ممتنع يبدو للناظر سهولة عمله لكنه بالحقيقة يحتاج جهدا وتركيزا عاليا جدا واتقانا في عمله، وعلى الرغم أن بداياتي كانت بالاسلاك المعدنية محصورة باللونين البني والبرونزي فقط، لكنها حصدت حفاوة واقبالا رائعين، ثم قررت أن أقوم بتطوير مشروعي وبدأت رحلة البحث مع زوجي على الأسلاك الملونة، والتي لم أجد منها في الأردن ولم أيأس واستمريت بالبحث الى أن وجدتها في الهند لكن مع الأسف كان لا بد من أخذ كميات كبيرة، وبما أن مشروعي جديد لم أتمكن من شراء كميات كبيرة اضافة لأن أسعارها مرتفعة ومع ذلك لم أفقد الأمل، والحمد لله بمساعدة أحد أقاربي استطعت توفيرها مع الأحجار الكريمة.

سلم النجاح محفوف بالعقبات ،،

بات من المعروف والبديهي أن النجاح لا يأتي على طبق من ذهب، بل على الإنسان أن يسعى ويغامر ويواصل القفز عن العقبات واحدة تلو الأخرى متسلحا بالعزيمة والإرادة ليصل لمبتغاه في النهاية، ومع وجود الدعم والمساندة من العائلة تُذلل جميع الصعوبات.


وعن العقبات تقول: رغم أنني تمكنت من تخطي العقبة الأولى في مشواري وتمكنت من ايجاد الأسلاك الملونة والأحجار الكريمة لإدخالها في عملي، إلا أن أول طلبية لي ضاعت ولم تصل، ورغم الخسارة المادية، ازددت إصرارا على المضي قدما والتوكل على الله وطلبت مرة أخرى حتى وصلت وتمكنت من صناعة الأشجار الملونة وإضافة الأحجار لها، وفي كل مرة يزداد العمل تنوعا وجمالا، فالقناعة والصبر دوما يمداننا بطاقة كبيرة للعمل والإبداع، والتطور وكذلك الناس تقبل عليه بشكل كبير، كما قمت بوضع الأشجار على الأحجار الكرستالية بدلا من القواوير المتعارف عليها لوضع النباتات.


تواصل جابر حديثها: ولأن هذه الأحجار تعطي طاقات ايجابية وراحة للنفس، وكذلك تتناسب مع ديكورات المنازل مهما كانت ألوانها، وعمدت من خلال هذه الأحجار أن أبرز جذور الشجرة وأثبتها عليها لتكون رسالة أيضا تحملها في طياتها أن الشعب الفلسطيني جذوره متمسكة بهذه الأرض ولا يمكن اقتلاعه منها، فنحن متمسكون بوطننا، فالجذر متمسك بالصخر وكذلك استغلال الأحجار وتدويرها من خلال إحضارها من بعض الجبال مع زوجي للتنقيب عليها وجمعها، ثم أقوم بغسلها وإزالة الشوائب ثم أقوم بوضع مواد معينة عليها لتبقى متماسكة وتزداد جمالا وقوة، وهنا أؤكد على دور زوجي المساند لي دائما والذي لولاه لم أخطُ أية خطوة في مشروعي، سواء كان دعمه لي ماديا أو معنويا، وكذلك دور المحيطين بي ومساندتهم النفسية وتشجيعهم لي لأتقدم دوما للأمام، ما جعلني كتلة من الطاقة المتجددة التي تبتكر وتبدع.


وأردفت: الصعوبات كانت بداية بوجود الأسلاك وعدم توفرها ثم في اللاصق المستخدم، فقد جربت مواد كثيرة حتى تمكنت من ايجاد اللاصق الصحيح، وبعدها كانت في التسويق وهذه المشكلة التي تواجه معظم المشاريع الصغيرة، لذا توجهت نحو المعارض لأن الصور دائما تظلم المنتج ، شاركت بمعارض كثيرة حتى باتت المعارض تطلبني، خاصة أن شغلي مميز ومنفردة فيه، وتكمن أهمية المعارض في معرفة الناس لي وتوسيع دائرة العلاقات بغض النظر عن البيع والمردود المادي. 

 

ومن وحي المناسبات، وخاصة شهر رمضان، قمت بعمل هلال رمضان بجانبه شجرة، وما شجعني أكثر على العمل في هذا النوع من الفنون أنني كنت أفضل دوما أن أقدم الهدايا المميزة والغريبة، ومن هنا قررت أن تكون كل قطعة متفردة عن غيرها لتختلف عن أي شيء آخر وتبقى مميزة عند تقديمها كهدية، رغم أن أسعار المواد الخام مرتفعة ولكن عملت على توفيرها بمختلف الأحجام لتكون الأسعار في متناول الجميع.


رشا، التي بدأت مشروعها من حبها للتميز والإبداع، تحكي لـ"ے" أن الهدف من المشاريع الخاصة إيجابيات كثيرة حتى وإن لم تكن من ناحية المردود المادي كونه يغرس في نفوس أبنائه العديد من الصفات الايجابية ليثابروا ويجدوا ويجتهدوا في حياتهم لتحقيق أمنياتهم، وكذلك تمنح الشخص نفسه الصبر والقوة وتزيد ثقته بالله بأنه سيعوض نتيجة صبره وعمله المتواصل نجاحا باهرا. لذا، على الجميع أن ينظر من الناحية الايجابية دون الإكتراث للسلبيات، إضافة لأن عمل الأم تحديدا في مجال ريادي يجعل عائلتها من زوجها وأطفالها داعمين ومساندين لها وتقربهم من بعضهم أكثر.

طبيعة العمل ،،

لكل عمل طبيعته المختلفة عن غيره والتي تحتاج ظروفا معينة، إلا أن العمل الفني إجمالا يحتاج أجواء ابداعية خاصة وأنه يرتكز علي الجانب المرئي والجزء الجمالي ليخطف الأنظار والقلوب، وللعاملين بهذا المجال مراس خاص بهم، إلا أن رشا تختلف حيث أنها كأم لديها أربعة أبناء ومهام منزلية فإنها تقوم بترتيب مهامها يوميا لتنجز الفروض المنزلية وترعى أبناءها الذين يقومون بمساعدتها ثم تنتفل للعمل وتجهيز طلبياتها.


وهذا ما أكدته بقولها: رغم صعوبة العمل ودقته وما يتطلبه من تركيز، إلا أنني أكون مستمتعة جدا، والعمل يتفاوت بالوقت الذي يتطلبه حسب حجمها والمواد التي تدخل فيها، فعند إدخال الأحجار يكون الوقت أقل من صناعتها كاملة من الأسلاك، وكلما كبر حجمها تحتاج أياما أكثر للعمل فيها مابين ثلاثة لأربعة أيام، فالقيام بلف الأسلاك لتشكيل الأوراق والجذور حسب نوع الشجرة التي أقوم بعملها، هذا يحتاج وقتا طويلا وجهدا قد يصل في الأشجار الكبيرة لعشرة أيام أو أربعة عشر يوما.

إيجابيات العمل ،،

حالها كحال الكثير من الأمهات التي انتظرت ليكبر أبناؤها ثم تنطلق بمشروعها الريادي، وتصعد السلم خطوة خطوة لتحظى بدعمهم ومساندتهم، فرغم دراستها تخصص المحاسبة إلا أنها لم تعمل فيه أبدا وكانت عائلتها هي الأولوية، ورغم تطوعها في العديد من المجالات إلا أنها اختارت الفن ليكون مشروعها المستقبلي.


تقول جابر: أنا أحب العمل كثيرا لكن كان أطفالي صغارا وهم كانوا أولويتي، فقد عملت كثيرا في الجانب التطوعي في المدارس والتعليم المساند ومجالس الأمهات، فالعمل يجعلني سعيدة، خاصة عندما نقدم للآخرين ونرى سعادتهم، فأنا أحب إسعاد الآخرين ونشر الطاقة الايجابية في كل مكان، إضافة لأنني التحقت بالعديد من الدورات المنوعة في الصحة والتنمية البشرية وغيرها، ثم حان الوقت لأنطلق بمشروع خاص بي. فقبل المشروع كان لدي فراغ كبير، وكان لا بد من شغله بما هو مفيد وأصنع فارقا بحياتي وحياة عائلتي، خاصة أن الأبناء يقتدون بذويهم سواء في الايجابيات أو السلبيات، والعمل يجعلنا قدوة حسنة لهم في العديد من النواحي لما يزرعه في نفوسهم من صبر وقوة وحب الخير والتعاون ويحفزهم ليثابروا رغم الصعوبات ويحاولوا ليصلوا للنجاح ويتعلموا السعي والتواضع.

طموح ورسالة ،،

حين يعرف الإنسان شغفه الحقيقي، تتحول حياته إلى عالم من المتعة والسعادة، فالشغف هو دليل الإنسان إلى ما يحب، وبه وحده يمكن له رسم حياته كما يريد، وخلف كل مشروع ناجح اسم له ارتبط به وعرف من خلاله، وداخل هذا الاسم سبب معين لإطلاقه عن المشروع، وعن سبب تسميتها لمشروعها "R.Luxury.Design" قالت: رغم أن البداية من سنة الا ان الفخامة والتميز فيما أصنعه جعلني اختار اسم "R.Luxury.Design"، وكلمة Luxury تعني الفخامة، ليتميزوا به اينما ذهبوا مهما كان حجم القطعة كبيرة او صغيرة خاصة ان القطعة لا تتلف وتبقى مدى العمر، وأنا أسعى لأن تدخل هذه الأشجار لكل منزل لما فيها من راحة نفسية وطمأنينة، وخاصة أن الكثير منا يحب الأشجار، وقد لا يستطيع العناية بها، وأشجاري لا تحتاج كثيرا للعناية، فيمكن غسلها وتنظيفها بكل سهولة، وأطمح لأن تصل أشجاري الى كل مكان في العالم وأن أتمكن من إيصالها.


ووجهت رسالة لكل امرأة، مفادها لا بد من الانطلاق للعمل، فالأساس أن تعتمد كل واحدة منا على نفسها حتى لو وقعنا او خسرنا، فسلم النجاح نصعده درجه تلو الأخرى وعلى مهل دون عجل، وعلينا أن لا نلتفت للسلبيات، فمن يضع هدفا نصب عينيه سيصل له بمشيئة الله والتوكل عليه، وتذكري دائما أن طاقاتك تنعكس على الأبناء، لذا كوني محبة للحياة والعمل وطوري نفسك وابدأي خطوتك الأولى وكلك ايمان بأن الله سيساعدك ويقف معك.

المصدر :  "القدس" دوت كوم - روان الأسعد