الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي »  

"الأطفال مصدر فرحتنا".. العادات والتقاليد في مصر تتحدى خطط الحكومة لتنظيم النسل
07 تشرين الثاني 2022
 

القاهرة-نساء FM-تعتقد الحكومة المصرية أن العائلات الكبيرة يمثل "تهديدا خطيرا" للبلاد، حيث أنفقت على مدى السنوات العديدة الماضية ملايين الدولارات في محالة لإقناع الآباء والأمهات بخفض الإنجاب، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

تقول الحكومة المصرية إن قضية أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، حيث يهدد ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد إمدادات الغذاء والمياه في البلاد - وهي موضوعات ستكون على جدول أعمال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المعروف باسم "كوب27" المقام بشرم الشيخ.

وتشترك العديد من البلدان الأفريقية الأخرى في قلق طويل الأمد بشأن معدل المواليد المرتفع، حيث تكافح الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية لمواكبة النمو السكاني السريع. 

وفي حين أن نيجيريا لديها أكثر من ضعف عدد سكان مصر، وصل عدد سكان إثيوبيا – التي لديها معركة طويلة مع مصر بشأن مياه نهر النيل - إلى 121 مليون نسمة. 

بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر كوب27، تعهدت مصر بأن تكون صوت أفريقيا من خلال إثارة مخاوف النمو السكاني السريع وكيفية أن يزيد من تعرض البلدان للتغير المناخي. 

وتأثرت أفريقيا بالفعل بشدة بتغير المناخ على الرغم من كونها مسؤولة عن حوالي 3 بالمئة فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

في حي مزدحم على الضفة الغربية لنهر النيل، اكتشفت، رنا رجب، 32 عاما، وهي أم لخمسة أطفال، أنها حامل بمولودها السادس.

تشعر هي وشريكها بسعادة غامرة وكأنها حامل بالمولود الأول، حيث كان الزوج الذي يعمل جزارا سعيدا بهذا الخبر لدرجة أنه كان يخبر زبائنه بذلك.

في مصر، تنخفض معدلات المواليد والخصوبة تدريجيا - ولكن ليس بالسرعة الكافية. وقالت الحكومة إنه لكي تخلق البلاد وظائف كافية وتحسن مستويات المعيشة وتتجنب نقص الموارد، ستحتاج إلى خفض عدد المواليد السنوي من أكثر من مليوني طفل العام الماضي إلى حوالي 400 ألف.

لكن أكثر من مليون طفل ولدوا في الأشهر السبعة الماضية وحدها - ليصل إجمالي عدد السكان إلى 104 ملايين، وهو ما يقرب من خمسة أضعاف منذ حصول البلاد على استقلالها في الخمسينيات من القرن الماضي.

وتتجلى آثار ارتفاع عدد السكان في مصر في الاختناقات المرورية ومراكز التسوق المزدحمة وفصولها الدراسية المكتظة والمباني السكنية المكتظة. 

لكن سكان المناطق الحضرية يظلون إلى حد ما محميين من الضغوط البيئية على المجتمعات الريفية والزراعة، وهو أمر حيوي لاقتصاد البلاد.

وتعد مصر على واجهة الدول المعرضة للتغير المناخي مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، حيث ستتعرض البلاد بشكل متزايد لارتفاع مستوى منسوب البحر ونقص المياه والطقس القاسي، بما في ذلك موجات الحر والعواصف الترابية كما يتوقع خبراء.

"يرفضون قدر الله"

ويكافح المزارعون الذين يعتمدون على نهر النيل منذ فترة طويلة للتكيف مع تضاؤل منسوب المياه. وفقا لتقرير حديث نشرته اليونيسف والجامعة الأميركية في القاهرة، فإن مصر "تقترب من "ندرة المياه المطلقة". 

وسعت الحكومة إلى تقييد كمية الأراضي الزراعية المستخدمة لزراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الموز.

ويبرز قرار الشابة المصرية، رنا رجب، وزوجها محمود شوقي، بتكوين أسرة كبيرة كيف أن التقاليد والحريات الشخصية تعقد أي جهود من قبل الحكومة لإدارة النمو السكاني. وقالت إن رغبات الدولة لم تكن عاملا في اختيار عدد أفراد الأسرة.

قال زوجها شوقي: "أفهم لماذا قد تقول الحكومة طفلا أو طفلين بسبب المسؤولية المالية. بعض الناس لديهم طفلان ويأكلون اللحوم مرة في الشهر. هذا ليس هو الحال بالنسبة لنا".

ويكسب شوقي ما يكفي من عمله كجزار لإعالة الأسرة، لكن شقتهم متواضعة ويستخدمون مزيد من الأموال لتمويل دروس الأطفال الخصوصية ورحلاتهم إلى الساحل.

قال: "علينا أن نكون قادرين على رعاية أطفالنا. أنا أعارض بشدة الأشخاص الذين لديهم أطفال دون موارد مالية".

في المناطق الريفية من البلاد، غالبا ما تكون جهود الحكومة في إقناع العائلات بضرورة خفض الإنجاب، أكثر تعقيدا.

قالت خبيرة الإعلام العربي بجامعة ميريلاند، سحر خميس، إن العديد من العائلات التي تعمل في الزراعة لديها أطفال أكثر؛ لأنهم بحاجة إلى المساعدة بالعمل في الحقول.

وأضافت أنه لعقود من الزمان، لم تكن الرسائل الحكومية حول تنظيم الأسرة "مفيدة على الإطلاق" بل كانت في بعض الأحيان تأتي بنتائج عكسية. وأردفت أن "سياسة إنجاب طفلين فقط في المناطق الزراعية بعيدة كل البعد عن الواقع". 

لطالما تحدث الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عن مسألة خفض الإنجاب وتحديد النسل وتناسب قدرات مصر الاقتصادية مع النمو السكاني. 

في خطاب ألقاه العام الماضي، اتخذ السيسي لهجة أكثر صرامة قائلا إن العوائل التي لديها أكثر من طفلين "تطغى على نفسها وعلى الدولة".

لكن رجب، التي لا تستخدم أدوات لمنع الحمل، لا ترى أطفالها إلا مصدر لفرحتها. وقالت تعليقا على من يستخدم موانع الحمل: "أشعر أنهم يرفضون قدر الله".

المصدر : الحرة