الرئيسية » تقارير نسوية » نساء فلسطينيات »  

انتصار.. تغلبت على السرطان بروح وردية
27 تشرين الأول 2022

 

طولكرم- نساء FM- انطلقت القافلة الوردية مكثفة مساعيها التوعوية، خاصة خلال شهر أكتوبر، الذي أقرته منظمة الصحة العالمية شهراً للتوعية بسرطان الثدي، فيما تؤكد الناجيات من هذا الداء أن الإصابة به ليست نهاية الحياة، وأن الفحص المبكر هو الضامن للنجاة والتغلب على المرض.


انتصار حطاب "أم وسام"، ناجية من مرض سرطان الثدي، تروي تجربتها في التعافي لـ "القدس" دوت كوم، لتكون قصة نجاحها في هزيمة سرطان الثدي ملهمة ومشجعة لغيرها للحرص على صحتهن وسلامتهن من أجل عائلاتهن وأحبائهن.

بداية الحكاية ..


تقول أم وسام: بروح وردية لا تستسلم، تشبه شريط التوعية بذلك المرض، كنت أراجع في عيادة الصحة ببلدتي سفارين لإجراء فحوصاتي، ودائما ما كانت الممرضة تطلب مني إجراء فحص سرطان الثدي، كوني لن أخسر شيئاً إن قمت بإجرائه، بل على العكس من ذلك سأطمئن على صحتي.


وتضيف: لكنني كنت أخبرها بخوفي من إجرائه، فقد كنتُ ككثير من النساء أعتقد أنه لن يصيبني أبدأ، إلى أن شعرت فجأة بكتلة متحجرة في الثدي غيرت لون المنطقة المحيطة بها إلى الأزرق، وكانت تؤلمني جدا، وأشعر بحكة شديدة فيها.


وتتابع أم وسـام: سـارعـت إلى الـمـرضـة لإجـراء كل الفحوصات، وبالفعل ذهبت إلى عيادة الأورام، وتم إجراء كل الفحوصات وأخذ الخزعة مني.


وتشير أم وسام إلى أن "هذه التجربة لا تُنسى، وتملكني الخوف واليأس، وانتظرت أربعة أيام حتى صدور النتيجة، وقد كانت لحظات الانتظار مؤلمة وقاسية".

يأس ثم أمل ..


وتضيف أم وسام: "كانت لحظات الانتظار صعبة ومرهقة جدا، هي مزيج غريب بين اليأس والأمل، بين القوة والضعف، لا أستطيع تحديدها ووصفها بدقة، هواجس كثيرة كانت تدور في رأسي ومخيلتي، وقلت لنفسي إذا كان ما أحسسته سرطانا، فعلي تقبل الواقع والرضا به.


وتتابع: وبعد تشخيص إصابتي بسرطان الثدي في عام ٢٠١٦ وأنا في الثامنة والأربعين من عمري في إحدى عيادات سفارین، شعرت بخوف وحزن لأنني أم لولدين وبنت، هنا دخلت في منحى خطير وحالة يأس، خاصة أن خالتي توفيت جراء هذا المرض، صدمت وبكيت، وبعد أن استجمعت قواي، واستفقت من الصدمة، عقدت العزم على مجابهة المرض وعدم الاستسلام، وقررت أن أتعافى، وأدركت أن ما كتبه الله سيحدث وكلنا بالنهاية سنموت، ومن هنا بدأت رحلة العلاج الشاقة والمرهقة بكل ماتحمله الكلمة من معنى على الصعيدين النفسي والجسدي.

العلاج.. والأهل هم الملجأ ..

تتابع أم وسام: بعد تقبل المرض وإدارك أن هناك طوق أمل في الشفاء تماماً منه عن طريق العلاج، تبدأ مسيرة المريضة الحقيقية بالمعاناة من العمليات الجراحية، فإلى العلاج بالأشعة، وهي المرحلة الأكثر إيلاماً وتأثيراً في معنويات المصابات وأجسادهن بشكل عام، وكانت خطوتي الأولى، فبعد الحصول على نتائج الاختبارات المناسبة وإرشادي إلى العلاج، تقرر إجراء عملية لي لإزالة ذاك الورم الخبيث، وقبل دخولي للعملية سألني الطبيب إن كنت أريد إزالة الثدي بالكامل أو إزالة الورم فقط، والإبقاء على نسيج الثدي، فأخبرته أنني لا أستطيع أن أقرر قبل العملية بدقائق، وأصبت بالإحباط الشديد، كونه لم يخبرني من قبل، وأجبته أنه هو الطبيب، وعليه أن يقرر ما هو المناسب، وبالفعل تم استئصال الثدي بالكامل، إضافة إلى ٢٧ غدة لمفاوية، وبعد العملية تعبت كثيراً وعانيث 7 أسابيع جراء الجراحة، إضافة إلى الآلام النفسية، ثم بدأ مشوار العلاج الكيماوي.


وعن العلاج الكيماوي، تقول: ذهبت إلى المستشفى من الساعة العاشرة صباحا حتى الرابعة عصرا والحقنة بيدي، شعرتُ بالاختناق وعدم القدرة على التنفس، وبدأت أصرخ بشكل هستيري، وقتها قلت إنني لا أريد أن أكمل بجلسات العلاج الكيماوي، وشعرتُ بالجنون والهلوسة، لدرجة أنني رأيت الموت بأم عيني، بدأت المصابات بمواساتي وإخباري بأنهن قد مررن بهذا الشعور، وأنني سوف أعتاد على ذلك، وحاولن دعمي والتخفيف عني.


وتضيف: بعدها تواصلت مع أقاربي بالأردن لأكمل علاجي هناك، وبالفعل توجهت إلى الأردن، وأخذتُ ثلاث جلسات علاجية بالكيماوي هناك، وأتممت فحوصاتي كاملة، ولا أزال أتابع فحوصاتي الدورية بالأردن، لكن المعضلة الحقيقية لم تكن آلام العلاج، بل بما يتبعها أيضاً من أوجاع بالمعدة وقيء، وكل التغيرات التي تحدث بالجسم، خاصة مرحلة تساقط الشعر بالكامل، وكيفية تقبل شكلي الجديد، والحمد لله فقد منحني الله القوة والصبر، لأتقبل شكلي الجديد، رغم أنني في البداية كنت أخبئ نفسي وأنطوي، ولا أسمح لأحد أن يراني، ووضعت باروكة.


وتتابع أم وسام: إلا أنني عندما جلست مع نفسي وتحدثت إليها تفاءلت كثيراً، بالرغم من كل شيء، وكنت واثقة من إصراري وعزيمتي بأن كل شيء سيكون أفضل لي ولعائلتي، التي وقفت بالقرب مني دائماً، خاصة زوجي الذي كتم حزنه داخله، وكان له الفضل في تجاوزي أحلك فترات العلاج والتغيرات الجسدية التي حدثت معي وتقبله وحبه لي كما أنا، إضافة إلى أهلي الذين أحاطوني نفسياً لأقف على قدمي من جديد، خاصة أنني لم أتقبل في البداية التغيرات التي حصلت على جسدي، إلا أن الجميع، وبمن فيهم أبنائي، أدركوا حاجتي الماسة والعاجلة لكل أنواع الدعم النفسي، وكانوا عونا لي للتغلب على مرضي نفسياً، وأيضاً دعموني من الناحية المادية.


"كلنا نعيش حياة عادية، ولا نكترث كثيراً لاقتناص لحظات السعادة والحب مع العائلة، إلا أن التجربة القاسية مع المرض منحتني فرصة جديدة للحياة"، هكذا قالت أم وسام.


وتضيف: "فبعد كل الظروف التي مررتُ بها من اليأس والإحباط والعقدة النفسية التي كنت أعيشها كل يوم بسبب تغير جسدي وأني لست كباقي النساء، قمت بشراء قطعة من السيلكون، كان ثمنها 600 شيكل، إلا أنها لم تناسبني، وسألتُ في الأردن عن عمليات ترميم الثدي في الأردن، إلا أن العملية كانت باهظة تكلفتها 4500 دينار وعلى نفقتي الخاصة، وتجرى على ثلاث مراحل، وهي متعبه جدا، ولا أملك القدرة المالية لإجرائها، فعدلت عن الفكرة وألغيتها من أساسها لأتعايش مع شكلي الجديد“.

استمرار المعاناة ..

خلال فترة علاجي كنت أتناول الدواء، وكان تأثيره كالسم في الجسد، فقد أنهك جسدي وخارت قواي منه، وأصبحت أعاني من ارتداد في المريء، لا أستطيع أن أتناول الطعام أو أشرب كما كنت في السابق، إضافة إلى أنني أجد صعوبة في النوم وعندما توجهت لطبيب مختص أخبرني ان الادوية هي السبب، فقد جعلت الحمض في معدتي صفرا، وإذا لم أنتبه وأعوضه فسيعود لي المرض الخبيث مرة أخرى في مكان آخر، ووصف لي دواء غير متوفر إلا في أمريكا، وأعطاني 35 حبة.


وتضيف: الحمد لله منذ خمس سنوات كنت أتناول أدويةً من أجل السرطان، أما الآن ومن فترة قريبة أوقفها لي طبيبي في الأردن، وطمأنني بأن جسدي سيعود إلى سابق عهده، لكن المعدة علي أن أتعايش معها وأعالجها، والحمد لله ها أنا الآن رغم كل الظروف وتلك التجربة القاسية تعافيتُ منها، وبتُّ أقوى وأكثر إصراراً على الحياة وأكثر حرصاً على استغلال كل يوم أحياه مع عائلتي وأحبائي.

رسالة لكل امرأة ..

وتقول أم وسام، موجهة حديثها لكل مصابة: أنت قادرة على تجاوز هذا الاختبار، والتغلب على هذا الوحش الخبيث، مع الكشف المبكر واستدامة الدعم والرعاية الصحية المطلوبة، وستخرجين من حياتك العادية إلى حياة جديدة تحرصين فيها على استثمار كل لحظة فيها لتتواجدي مع أولادك وعائلتك، وستكونين أكثر إيجابية في كل لحظة تعيشينها.


وتؤكد أنه "رغم صعوبة فترة العلاج، فإن المساندة المعنوية من المحيط هي من تعيد للناجيات الحياة، ويكون لها وقع رائع بالنفس لمقاومة الألم واليأس والإحباط، وهذه التجربة كفيلة بأن تُغيّر نظرتنا إلى الحياة والعيش وعدم الاستسلام".


وتدعو أم وسام كل النساء إلى أن لا ينتظرن المرض، بل يذهبن ويفحصن بشكل دوري من أجل أنفسهن ومن يحبونهن، لأنّ غياب الوعي بأهمية الفحوصات سيؤدي إلى عواقب وخيمة.

المصدر : "القدس" دوت كوم - روان الأسعد