الرئيسية » تقارير نسوية » نساء فلسطينيات »  

رشا.. ألم وأمل وانتصار
19 تشرين الأول 2022

 

نابلس-نساء FM - في تجربتها نحو الشفاء التام من مرض ارتبط اسمه بالخبث واقترن كثيرًا بالموت، حاربت رشا الرمعة هذا الوحش لتنتصر عليه، لكن مسيرتها لم تكن وردية، بل كانت مليئة بالألم والأمل، بالضعف وصولاً للقوة في رحلة العلاج التي مازالت تخوضها وصولاً للنجاة التامة.


لكل حكاية بداية
رشا (35 عامًا)، أم لخالد (4 سنوات) وزينة (سنتان ونصف)، وتعمل  في Paltel بالتل "سوشال ميديا " (Digital Marketing and PR Head of section) منذ 10سنوات، ودرست في جامعة بير زيت الصحافه والإعلام وعلم الاجتماع تقول: عاش معي أطفالي فترة صعبة عندما اكتشفت المرض، وكان ذلك في بداية شهر شباط حيث كنت ما زلت بمرحلة الرضاعة الطبيعية لابنتي، وكنت استحم فشعرت بارتداد غريب للماء وانتباني شعور غريب ، فقمت بعمل الفحص الذاتي لسرطان الثدي، واعتقدت أن ذلك بسبب الرضاعة، وهو من الحليب الموجود، خاصة أنني قمت بفطام ابنتي بطريقة خاطئة، وهذه احدى المشاكل، فموضوع الفطام غير الصحيح له دور بالموضوع، فقد دخلت زينة للمشفى لفترة طويلة ولم تتمكن من الرضاعة، لم ألق بالاً للموضوع وكنت أحدث زميلاتي وصديقاتي، وكنت خائفة كثيرًا، لكن صديقاتي قمن بالحجز لي واجباري على الذهاب للطبيب لأفحص.

تاريخ لا ينسى

بعض التواريخ تبقى محفورة بالذاكرة ولا تنسى ولا تمحى، خاصة اذا ارتبطت بحدث غير عادي، والثاني والعشرين من شهر شباط كان يومًا مفصليًا بحياة رشا، وكأن هذا التاريخ كتب لها مسارًا جديدًا ليحول حياتها، وكان عليها أن تختار إما أن تتسلح بالقوة أو تستسلم للضعف وتنهار.
وتتابع رشا قصتها: لا انسى هذا التاريخ، عندما ذهبت وفحصت عند الدكتور حكمت سعد، كان يمزح ويضحك، وفجأه تغيرت ملامح وجهه تمامًا وصار لونها أحمر، لن أنسى تلك اللقطة بحياتي، عندما قال لي سوف نقوم بأخذ خرعة غدًا، فسالته لماذا غدًا يوم جمعة، فقال لي سوف نجريها يوم السبت، لا يجب أن ننتظر، وقام بالحجز لي وعملت الخزعة رغما عني. شعرت بالخوف كثيرًا والقلق، وفي تاريخ لا يمحى 22-2-2022 اكتشفت أنه عندي سرطان الغدد الحليبية، المستوى الرابع في الجهة اليسار.

وتروي: كنت بالمكتب أعمل وصلتني الرساله من المختبر للحظة شعرت أنني لا أعرف اللغة الإنجليزية، ولا أفهم ما هو المكتوب على الشاشة أمامي، لم أستوعب تمامًا الصدمة، غضبت كثيرًا، وطلبت من جميع من حولي أن يبتعدوا عني دون أن يعرفوا ما السبب ، وذهبت إلى موقع جوجل للبحث علي أكون مخطئة لكن لم أكن كذلك وكان هو سرطان الغدد الحليبية، من الصعب وصف تلك اللحظات حين تشعر أن باطن الأرض ابتلعك ولا تريد التصديق هو انهيار كامل بكل معنى الكلمة عندما تستوعب وتصدق الصدمة وأنها ليست مجرد حلم تستيقظ منه.

العلاج والأمل هم الملجأ

وتتابع رشا حديثها: طبعا رحلة العلاج تبدأ بعد انهيار طويل، انا انهرت تمامًا وجلست أسابيع أبكي ولم أتقبل بالبداية، وكنت أقول لماذا أنا؟ لماذا اختارني؟ ما زلت صغيرة ولدي طفلان، وهذا اختبار صعب يا الله ولا أقدر عليه ! في تلك اللحظات كنت أحمل كل الهموم والألم. ومع كل هذا كان حولي داعمين كثر من الأصحاب والأصدقاء إضافة لعائلتي وكذلك شركتي التي أعمل بها، كان لكل هؤلاء دور كبير، بأن أبدأ مشوار العلاج ، وكان أمامي خيارين، نزلت وعملت التأمين الحكومي، وكنت من المحظوظات لأنني مشتركة ببرنامج الرعاية الطبي في مستشفى الحسين للسرطان، فأنا أحمل الجنسية الأردنية، فكان بالنسبه لي الخيار أن أتعالج بمستشفى الحسين للسرطان، واخترته لما هو معروف عنه بخبرته العاليه بهذا المجال ونسب الشفاء عندهم كثيرة وعالية، فقررت أن أبدأ معهم رحلتي بالعلاج.

وأضافت: بدأت بشهر آذار فحوصات شاملة لكل جسمي، لم أترك أي نوع صورة إلا واجريتها، وبعدها بدأ الأطباء يعدوا لي بروتوكول العلاج، وهو عبارة عن 6 جلسات كيماوي، وباول جلستين كان جسمي قويا، وبعدها بدأ الانهيار، وبدأت احس بأعراض الكيماوي، لا أريد أن اتحدث عنها كثيرا، لانني عند تذكرها أحس بوجعها واحس انني آخد الجرعات. ضمن البروتوكول يجب أن أجري عملية استئصال، انا أجريتها، وأنا الآن بمرحلة الشفاء، كنت محظوظة والحمد لله أن السرطان بالجهه اليسرى فقط، ولم ينتقل للغدد الليمفاوية، فكانت العملية ناجحة وبسيطة، وما زال لدي علاج طويل مدته سنة، كنت أذهب كل ثلاثة أسابيع لأخد جلسة الكيماوي، والمشكلة أنه بعد العلاج ينهار الجسم، ومشوار الجسر لوحده قصة.

جرعة السعادة ومشاركة التجربة


مشاركة تجاربنا مع الاخرين تعطيهم القوة وتمنحنا اياها بذات الوقت، وتجعلنا نمتلك قدرات عجيبة لمحاولة انقاذ ومساعدة الآخرين كي لا يمروا بما مررنا به وكأننا نحمل بوصلة لتوجيههم ومساعدتهم.

رشا التي كانت ترفض بالبداية مشاركة تجربتها عبر السوشيال ميديا، إلى أن حدث معها موقف أثناء العلاج جعلها تغير رأيها حيث تقول : في أول جرعة كيماوي اخدتها وكنت لا أطلع الناس، إلى أن جاءت شابة بعمري اسمها جوليا حداد، وهي قصة نجاح ثانية مع المرض، فمنذ عرفت عن مرضها وهي تركض باليوم 21 كيلو، وما زالت، وكانت مصدر الهام لي، ساعدتني أن أخذ الجرعة الأولى بكل بساطة، وسميناها وقتها جرعة السعادة، بهذا اليوم قامت بتصويري وإنزال الصورة، وبدأت الاستفسارات، كيف عرفت عن المرض وماهي الخطوات التي اتبعتها وعن العلاج وغيرها.

وأردفت:شعرت وقتها بواجبي، وبانه يتوجب علي أن لا أبخل على أي أحد بمعلومة أعرفها، ويجب أن يكون موضوع فحص السرطان ليس فقط من خلال ارتدائي اللون الوردي والتقاط صورة في شهر التوعية لأحفز النساء على إجراء الفحص، بل باقناع النساء أن هذا الفحص مهم وضروري فقد نكون بأولى المراحل وقد نصل لآخرها دون أن نشعر ، من هنا علينا جميعًا إجراء الفحص لأن المرض اسمه خبيث ويأتينا على حين غرة منا خاصة من لديه تاريخ وراثي بالعائلة.

شكر ورسالة

واختتمت رشا حديثها عن تجربتها برسالة وشكر لجوليا التي كان لها دور كبير معها، وألهمتها في مراحل العلاج وما زالت، وكذلك لزوجها ووالديها وعائلتها كلها دون استثناء إضافة لصديقاتها وشركتها التي تعمل بها لما قدومه لها من دعم كبير، لأن دعمهم الكبير لها جعلها أكثر جرأة في تقبل التغيرات التي طرأت عليها من جراء العلاج سواء بمرحلة تساقط الشعر أو غيرها، فكل من حولها منحها الطاقة الايجابية والقوة لتكون أقوى وتواجه المرض، وخصت كل النساء بلهجة قوية فيها نصح أن يتوجهن لإجراء الفحص المبكر وأكدت على ذلك بقولها: رغم أنني لم أنه العلاج إلا أنني قمت بالتسجيل ببرنامج ملهمات، التابع لمستشفى الحسين للسرطان، لأقوم بواجبي التوعوي للنساء في فلسطين عن أهمية العلاج والفحص المبكر وان لا نخاف من المرض لأن العلاج موجود، طالما اكتشفناه بالبداية، وأنصح كل النساء بأن يفحصن ولو بالاجبار، فحياتك ملك لك فاذهبي وافحصي فالفحص المبكر حياة.

المصدر : "القدس" دوت كوم - روان الأسعد