الرئيسية » تقارير نسوية » نساء فلسطينيات »  

كوثر زبون.. طبخ بنكهة ثقافية وخبز من الترمس
27 أيلول 2022

 

بيت لحم - نساء FM- التغذية الجيدة هي واحدة من مفاتيح الحياة الصحية، عبر اتباع عادات أو نظام حياة روتيني خالٍ من الضرر على الصحة والمحافظة على الجسم من الأمراض، مايعني ببساطه اتباع أسلوب حياة صحي لنكون بصحة جيدة ونشعر بالسعاده والرضا.

هذا النظام الصحي كان مفتاح كوثر زبون للإبداع والابتكار والتفرد بإنتاج خبز من الترمس بديلاً صحيًا عن الخبز الأبيض وعلى وجه التحديد، مفيد جدًا لمرضى السكري.
الأربعينية كوثر زبون التي اعتادت منذ طفولتها على قطف الخضار والفواكه الطازجة من الأرض لتناولها، وكانت تشاهد أفراد عائلتها وهم يصنعون من خيرات الأرض الأطعمة المختلفه كالمربيات والدبس والعنبية ومخلل الباذنجان وغيرها، باتت كل هذه الذكريات كإرث حافظت عليه، ليبقى شغفها وحبها للمطبخ رفيقا دائما لها حتى اليوم.

البداية ..
تقول زبون لـ"القدس" دوت كوم: تزوجت وأنا في السنة الجامعية الثانية وأنهيت دراستي للغة الانجليزية وبعدها حصلت على ماجستير أساليب تدريس لغة انجليزية، وحاليًا سجلت للحصول على دكتوراه في الترجمة، ومنذ أن تزوجت وسكنت في مخيم للاجئين وأنا أحب الطبخ كثيرًا وساعدني تخصصي على الاطلاع على وصفات متعددة غربية كلها كانت تعتمد على مكونات نزرعها وموجودة عندنا، لكن للأسف مع التوجه للمأكولات الجاهزة بات موضوع الزراعة بعيدًا عن الناس، حتى وإن أصبحت التوجهات وأنظار اليوم تلتفت للعودة إلى المزروعات العضوية الخالية من الأسمدة والمبيدات.


وتتابع: أبدًا لم أبتعد عن الحياة الصحية التي كنا نعيشها بالماضي، لأن الأرض كنز علينا المحافظة عليه، وخاصة عند ولادة ابني البكر قررت أن لا أقدم له أية أطعمة تحتوي على مواد حافظة وكنت أطمح بأن يكون لدي مكان خاص أطلق عليه اسم بدون مواد حافظة، فكنت أبحث وأقرأ كثيرًا عن المأكولات الصحية وفوائدها، وبدأت أعد العديد من الوصفات وأبحث عن البدائل الصحية، اليوم أسرتي المكونة من ولد وابنتين وزوجي لا نستطيع أن نتناول أي وجبة غير صحية، وبات هذا هو روتين حياتنا الذي نسعى لنشر ثقافته في المجتمع.

الغذاء الصحي نمط حياة ..


كوثر، التي جعلت نمط الحياة الصحي لها وعائلتها نظامًا يحبونه واعتادوا عليه، سعت أكثر لتطوير أفكارها في هذا المجال لتبدع أكثر وتمتلك فكرة ريادية جديدة وغريبة فيها الكثير من الإبداع.


تتابع زبون قصتها: حولت منزلي القديم بمخيم العزة شمال بيت لحم إلى مطبخ، إضافة لأنني اقتطعت جزءا منه لمبيت السياح الأجانب، خاصة وأنني عضو في شركة Airbnb العالمية من خلال موقعهم الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن سكن، وحصلت على تقييمات عالية خاصة مع مساعدة أبنائي الذين يتقنون أكثر من لغة، فقد كنا نأخذ السياح في جولة بالمخيم مع إعداد أطباق الطعام المختلفة والمنوعة، ومن خلال النزلاء تولدت الفكرة الثانية وهي جعل المطبخ مكانًا، ليس فقط لطهي الطعام الصحي، وإنما لتبادل الثقافات.

الطبخ وسيلة لتبادل الثقافات ..


فن الطبخ وصناعة الغذاء هو لغة للتحاور والتفاهم بين الشعوب المختلفة لأن الناس قادرون من خلال ثقافة الطعام الخاصة بهم على التقارب، لذلك للمطبخ أثر واضح في الإندماج وبناء جسور الثقة وتبادل الثقافات في مجتمعاتنا، ومن هنا انطلقت الفكرة الأخرى لكوثر، حيث قالت: لم يكن المطبخ مكانًا عاديًا بل كان جسرًا لتبادل الثقافات من مختلف البلدان ونقل ثقافتنا، كذلك من خلال إعداد أطباق منوعة، فنحن نعلم أطباقنا الفلسطينية ونتعلم أطباقًا مختلفة منها الفرنسي والصيني وغيرها حسب السياح وهو ما يخلق جوًا رائعًا وتبادلاً ثقافيًا كبيرًا، ومن هنا كانت فكرة بيتي تقوم على أساس عمل جلسات لتعلم فنون الطبخ الصحية وليس بهدف إعداد وجبات طعام وبيعها لإعطاء فرصة لمن يرغبون بتغيير نظام حياتهم وتحويله الى نظام صحي.

 


خلال رحلة كوثر في الطبخ الصحي واعداد الأطعمة المنوعة والبحث دائما عن بدائل كانت تتابع دائما آخر الدراسات والابحاث باللغتين العربية والإنجليزية وتتعرف على كل ماهو مفيد من أجل نمط حياة أفضل، ومن خلال رحلة المعرفة والبحث عن بديل للخبز الأبيض، تقول: كنت أبحث أنا وزوجي عن بديل للخبز الأبيض يكون صحيًا أكثر، وقرأت الكثير من المعلومات وجربت الحمص والعدس وغيرها، ولكن لكثرة ما قرأت عن فوائد الترمس قررت أن أقوم بالاستفادة منه واهتديت إلى عمل خبز الترمس الذي ثبت بعد الفحوصات أنه لا يرفع السكر أبدًا وهو مفيد لمرضى السكري، وبديل صحي عن الخبز الأبيض، فقد قمت بنقع الترمس المر ثم طحنه وخلطت معه الشوفان لأنتج خبز الترمس بطعم ونكهة لذيذة جدًا والكثير من الناس يطلبوه مني لما فيه من فوائد لا تعد ولا تحصى.


وأردفت: كما أن هنالك أشخاص يطلبون خبز اللوز أو جوز الهند وغيرها من المذاقات المختلفة، ومازلت حتى الآن مستمرة بخبز الترمس الذي تميزت به عن غيري، ودائمًا أحاول في كل الأوقات نشر ثقافة الغذاء الصحي وأنه لذيذ عكس ما نعتقد من خلال إعداد التبولة مثلا ببرغل القمح الأسمر وإعداد وجبات منوعة لأفراد عائلتي من الكينوا والشوفان وبزرع القرع واليقطين، وفي كل يوم هنالك وصفة جديدة وفكرة مختلفة، فالطعام يتغير ويتجدد تمامًا مثل عجلة الحياة المتطورة والمختلفة يومًا عن آخر، ومنذ سنوات طويلة السكر لانستخدمه بالبيت وكميات الملح قليلة جدًا، لذلك لم نعاني في فترة الكورونا أو نصاب، وذلك بسبب المناعة القوية التي تعود لطبيعة غذائنا، لذلك أسعى لنشر هذه الثقافة قدر الإمكان.

تطور مشروع "بيتي" ..


وعن مراحل تطور المشروع أوضحت زبون أنها حصلت على دعم من خلال منظمة كير العالمية في فلسطين بالشراكة مع مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت، مقدمةً شكرها للسيدة اولغا بطران، على دعمهم من خلال عمل ملصق خاص بمشروعي بالإضافة لانني تعلمت الكثير من خلال الدورات التدريبية التي التحقت بها معهم إضافة لتمتعهم بنزاهة وشفافية عاليه.


الطعام الصحي كان توجه كوثر زبون منذ وقت طويل وقد علمت عائلتها على هذا النهج السليم والصحيح في التغذية، كما أنها استفادت من خلال مطبخها من ثقافات الغرب المختلفة في تعلم أطباق جديدة وتعليمها، وكذلك سعت لجعل هذا التوجه الصحي عند الأطفال والكبار، فكانت كلما تقرأ عن الأمراض المنتشرة وأسبابها تقوم بإرجاع الأشياء لأصلها وتتساءل لماذا كانت الحياة قديمًا أفضل صحيًا، وبدأت تغير حتى استطاعت أن تستغني عن الوجبات الجاهزة والسكر والأرز الأبيض والخبز وتستخدم البدائل الصحية حتى في البهارات والزيوت، لذلك لاتستخدم إلا زيت الزيتون.

نشر ثقافة الغذاء الصحي ..


أينما ذهبت كوثر تتحدث عن الطعام الصحي وأهميته لجعله منهج حياة، لذلك تحدثت بحسرة عن الأشخاص الذين لا يملكون الإرادة للتغيير، لان الأمر برمته يحتاج فقط إلى قرار وقناعة لتحقيقه كأي هدف في الحياة، وأكدت على ذلك بقولها: أتمنى أن يأخذ مشروع "بيتي" ترويجًا كبيرًا ليدخل لكل بيت ليكون وسيلة تأخذنا لحياة صحية أفضل ونظام غذائي أفضل.

 

وبينت أن الخطوة الأولى في التغيير تكون صعبة، لكن بعد تحقيق الهدف تصبح سلسة وجميلة لما لها من انعكاسات ايجابية على الصحة العامة ككل ليس فقط في بنية الجسم وانما الصحة النفسية كذلك، وخاصة عند الجيل الشاب الذي يستخدم الأجهزة الذكية بكثرة ويتناول الوجبات الجاهزة السريعة، وبعيدًا عن النمط الرياضي فلا بد من غرس هذا النظام الصحي فيهم واعتماد التبادل الثقافي من خلال المطبخ كونه وسيلة رائعه للتقارب.

طموح..


كوثر كغيرها ممن يمتلكون أفكارًا ريادية ويسعون لتغيير المجتمع للأفضل تملك طموحات وتتمنى تحقيقها، قالت لـ"القدس" دوت كوم، أطمح بالتأكيد لتطوير فكرتي ومشروعي من خلال زيادة مساحة مطبخي في بيتي القديم وإحضار المعدات اللازمة لعمل جلسات تعليم الطبخ لعدد أكبر، سواء من الأجانب أو الراغبين في تحويل نمط حياتهم إلى صحي، ولكن ذلك يحتاج إلى دعم بالتأكيد لما يحتاجه من تكاليف، خاصة وأنني أنتج حسب المعدات الموجودة لدي كميات قليلة وحسب الطلب وخاصة من خبز الترمس، وأتمنى أن تتغير ثقافتنا تجاه الطعام ونسعى قدر الإمكان لتحسين صحتنا بتغيير عاداتنا ومأكولاتنا وأن يتعلم الجميع إعداد الأطباق الصحية لأنها حقا ذات طعم ومذاق مميز ولذيذ وشهي عكس ما يشاع عنها.

المصدر : "القدس" دوت كوم - روان الأسعد