الرئيسية » تقارير نسوية » نساء فلسطينيات »  

شريهان .. شيفرات لوحاتها تختبئ خلف إحساسها
20 أيلول 2022

 

رام الله -نساء FM- ليست مجرد شخبطات، إنها أعمق من ذلك، هي مجموعة مجردة من الأحاسيس والمشاعر تنساب على اللوحة برؤية فنية فريدة يتجلى فيها الخيال بالألوان والحركة وكأنها منكهة بأصدق حالات الفرح والحب المتراقصة لتقفز على محيا متذوقها لتغمره بهالة من الطاقة الايجابية الحلوة، إنها لوحات رسمت بريشة من مشاعر المحامية شريهان ابداح التي اتخذت الفن عالمًا تلوذ به عن الدنيا وتفرغ ماتحويه دواخل نفسها فيه.


عالم الفن كبير وشعابه كثيرة جدًا، وفيه أناس يتميزون بذوقهم عن غيرهم ورغم أن شريهان تزاول مهنة القانون منذ خمس سنوات، كونها تحمل شهادة الماجستير في القانون والملكية الفكرية، إلا أنها استطاعت أن تلفت النظر اليها كفنانة أيضا بما تمتاز به لوحاتها من عمق الخيال وصدق الأحاسيس التي عبرت بها عن ذاتها لتمضي في أرض جديدة وأسلوب مبتكر لتخترق عالم الشعور اللاواعي وتنفذ بريشتها إلى ذهن المشاهد وتحرك أحاسيسه.

أصل الموهبة ..


بدأت شريهان الحديث بقولها: الموهبة ولدت معي، فحين أتساءل كيف تعلمت هذا الفن لا أجد جوابًا منطقيًا أكثر من كونها ولدت معي بداخلي لأجد نفسي أستطيع عملها وإتقانها، فهنالك أمور بالحياة تولد معنا دون أن ندرك سببها أو نعرفه ونبقى نجهله إلى أن نمارسه فنهتدي على السر الكامن فيه، وهذا ماكان فعندما بدأت أرسم لوحاتي أدركت السر الموجود فيها وهو أن أخلق حياة نابضة بالمشاعر من لوحة بيضاء صماء لتنطق بما تبوح به الروح بداخلي وتلامس قلب كل من يشاهدها وتصل إليه.


وتابعت: من الطفولة وأنا أحب الرسم وأتقنه، أما في مجال إبراز هذه الموهبة وإظهارها للعلن فلم أبح بها إلا من خمس سنوات وكانت مقتصرة على من هم حولي من الأقارب والأصدقاء ومنذ فترة وجيزة فقط بدأت أعرض لوحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا.

عزلة كورونا طورت الفن ..


وعن مراحل تطور الفن لديها تحدثت: في فترة العزلة وقت الكورونا كانت ملاذي لشغل وقت فراغي بما أحب وتبدأ بمراحل حيث أدركت وقتها ماذا لدي بالفن وبت أعرف هويتي فيه أكثر لأكون أكثر تناغمًا وحبًا فلم أتعلم أبدا الفن بل نبع من داخلي، فكل لوحة تعبر عن مزيج مختلف من المشاعر والروح لأعيش الحالة مع كل لوحة أرسمها بألوانها ومضمونها لتعكس كل ما بداخلي لذلك يتراوح العمل في اللوحة الواحدة حسب الحالة التي أعيشها فقد أبقى اليوم بطوله لإتمامها وقد تأخذ معي أكثر من يوم، فأنا أفرغ كل ما بجعبتي من طاقات ومشاعر في ممارسة الرياضة وفي الرسم بشكل يومي، لذلك أعيش بسلام وطاقات ايجابية دائما ومن النادر أن أحمل شحنات سلبية لذلك دوما لوحاتي تجعل من يطالعها يبتسم من القلب.

اتجاهاتها الفنية ..


لكل فنان ميول وذائقة خاصة به وحالة يعيشها وينفرد فيها، وهذا ما أكدته شريهان من خلال قولها: الفن بالنسبة لي شغف، فكل ما بالحياة من مهام كالعمل وغيرها هي واجبات نقوم بها، أما الفن فهو استثناء وحالة مزاجية، أسكن فيها مع ألواني والموسيقى الخاصة بي لأجد نفسي سرقت من نفسي لأسكب ألوان بأسلوب (abstract التجريدي) أو بأسلوب الفن الملموس الذي تكون فية اللوحة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد ويتميز بخصائصه البصرية والفيزيائية المدركة حيث ينقل استخدام الملمس، إلى جانب عناصر التصميم الأخرى، مجموعة متنوعة من الرسائل والعواطف في اللوحة وهذا النوع يطلق عليه (Texture arts)، ويحتاج إلى وقت أطول لإتمام اللوحة قد تستغرق أسبوعًا في بعض الأحيان.

دور الأهل مهم للتطور ..


التحفيز والتشجيع دائمًا هما الوسيلة الفضلى للمضي قدما في أي عمل كان، وشريهان وجدت هذا الدعم منذ نعومة أظافرها من عائلتها، حيث قالت: التشجيع عادة يكون من الأهل بالبداية كان والدي رحمه الله يشجعني كثيرًا رغم أنه كان يقول لي أنه يحب لوحاتي ويبتسم عند مشاهدتها رغم عدم فهمه لمضمونها فكنت أجيبه أن عليه أن يحسها فقط لا أن يفهما ويجب أن تكون اللوحة قادرة على أن تعطيك إحساسًا بالحب بالغرابة بالحرية بالسعادة، الهدف أن يصل إحساس من اللوحة لأن فهمها يختلف من إنسان لآخر حسب رؤيته الشخصية وتحليله لها، إلا أن عدم إحساسك بأي شعور تجاه اللوحة معناه أنها خالية من الإحساس والفكر والمشاعر والطاقة، وهي مجرد رسومات صماء لم تتعد كونها أكثر من ذلك، إضافة لأن والدتي وإخوتي وعائلتي والأصدقاء المقربين مني كلهم كان لهم دور بتحفيزي لأظهر هذه الموهبة للعلن، أما عن بيع اللوحات فعندما أنهي لوحة معينة أتعلق بها بشدة لأنني وضعت فيها جزءا مني ومن أفكاري ومشاعري وروحي وبثثت فيها الحياة، لذلك أرفض بيعها بل أهديها لأشخاص مقربين مني فقط.


واستكملت حديثها: العائلة دائما هي المؤثر الأول، لأن أهلي لديهم من الوعي والثقافة ما جعلهم ينموا مواهبهم ويعرفوا أين يوجهوا قدراتنا، وكانت والدتي تحضر لنا قصصا كثير لنقرأها ونحدثها عن إحساسنا عندما ننهيها وهذا من المواقف التي أثرت بحياتي كثيرًا وبقيت أعمل وأطور هذه الموهبة حتى اليوم والفن هو رسالة ومشاعر وإحساس لنلمسها وليس أن نرسمها لنبيعها.


وعندما بدأ الناس يحبون لوحاتي ويطلبون مني شراء هذه اللوحات لأنها يحبون فني بدأت أبيع لوحاتي ولكن قبل أن أبيعها كنت أتأكد من المشتري ومدى تقديره وفهمه لما فيها من فن وبصراحة أحزن على اللوحة التي تخرج من عندي فأنا أشعر أن جزءا مني ذهب، لأنها أخذت حيزًا مني وأصبحت لأحد غيري، لأن الفن عندي شغف وليس مشروع تجاري، يجب الإعتناء بها فهي تماما كالإنسان بها روح تحتاج لمن يحافظ عليها.

لوحاتها جزء من روحها ..


وعند سؤالها عن لوحاتها والرسائل التي تسعى لإيصالها أجابت بابتسامة تملأ وجهها: عندما تصنعي شيئا من العدم وتقومي بخلق لوحة جديده تستطيعي أن توصلي الإحساس، فنحن البشر عبارة عن مشاعر وأحاسيس وطاقة ليس جسد من وجه وشعر وأيدي وأرجل فقط، وأنتِ باللوحة تخلقي طاقة جديدة بالألوان والاشكال والأفكار ومن الجميل أن يشعر غيرنا بها وأكثر ما يسعدني عندما أشاهد ابتسامة أي شخص يشاهد لوحاتي ، لم أشارك بمعارض ولم أنخرط بجو الفن والفنانين لذلك أبتعد عنها ، خاصة أن الفن نابع من مكنوناتي الداخلية ولم أتعلمه بمدرسة ليكون مهنة رئيسية لنا.


وأردفت: يستهويني أن أعيش حالتي مع اللوحه لتخلق تساؤلات بداخلي فالفن حاله أحيانا أشعر أني أنقل نفسي بالزمن بتفاصيل كل لوحة لتكون مختلفة عن الأخرى، وأميل كثيرًا للفن التجريدي التعبيري لأني أحب أن أعبر بالألوان والأشكال فأنا لا أحب أن تكون الأشكال واضحة بل مبهمة لذلك أميل للتجريدي لأكون أنا.

حلم قيد التحقيق ..


شريهان التي لم تتخذ الفن كمهنة واللوحة كسلعة تعرضها لبيعها بل تعاملت معها كأنها روح تحتاج من يرعاها تحدثت بنبرة فيها من الأمل الكثير عن حلمها قائلة: أتمنى أن يكون لي معرض أعرض فيه كل لوحاتي وعندما يدخل الناس لمشاهدة اللوحات أريد أن أصور ردات فعل الناس وتعابيرهم عند مشاهدة لوحاتي فأنا لدي موهبة التصوير ولكن تصوير المشاعر والانفعالات وليس الأشخاص كأشخاص أحب توثيق اللحظة بمشاعرها، لذلك أود أن أصور كل من يشاهد لوحاتي لأخرج بمعرض من قلب هذا المعرض آخر مبني على تعابير الناس داخل معرضي الأول لأدمج بين المعرضين


ادمج الصورة مع الفن وحابة أجسد الفكرة لدمج الإنسان كتعبير مع الإنسان بمشاعر والفكرة ببالي وسأعمل عليها.


أما رسالتها التي تحاول إيصالها فهي المشاعر الخالدة، وقد أكدت ذلك من خلال قولها: اللوحة تمامًا كاللحن تعبر عن نفسها لتمسك مشاعرنا وتلامس أرواحنا في كل مرة ننظر إليها دون أن نمل منها بعد فترة زمنية حالها حال الالحان القديمة التي بقيت خالدة لا تزول، وهذا ما أحاول ايصاله من خلال لوحاتي لتبقى مشاعرها خالدة لاتنتهي أو تتوقف.

المصدر :  "القدس" دوت كوم - روان الأسعد