الرئيسية » تقارير نسوية » نساء حول العالم »  

ازدياد جرائم العنف ضد النساء.. هل تحمي ألمانيا المرأة من عنف الرجل؟
09 آب 2022

 

برلين-نساء FM-كانت بسمة (27 عاما) نائمة على الأريكة عندما قتلها زوجها برصاصة في الرأس، ثم أخبر الشرطة أنه أطلق الرصاص على أم أبنائه الثلاثة بطريق الخطأ أثناء تنظيف المسدس. يُحاكم الرجل حاليا بتهمة القتل الغادر أمام المحكمة الإقليمية في مدينة غوتينغن الألمانية.

وفي أحد شوارع برلين قُتلت أُم لـ6 أطفال طعنا، وتشتبه السلطات في أن طليقها هو من ارتكب هذه الجريمة. وفي مدينة شفالمشتات بولاية هيسن لقيت امرأة (53 عاما) حتفها في متجر عندما أطلق شريكها السابق 4 طلقات عليها ثم انتحر.

وكانت الضحية قد أبلغت عنه من قبل لدى السلطات بتهمة الاعتداء الجسدي والإكراه والمطاردة. هذه فقط نماذج لـ3 جرائم قتل من بين أكثر من 100 جريمة من هذا القبيل تقع سنويا في ألمانيا.

منظمات نسائية وحقوقية تطالب بإجراء دورات تدريبية لمنع العنف منذ الطفولة ولاحقا خلال المراحل المهنية (شترستوك)

جرائم قتل!

ورغم أن الجريمة في ألمانيا آخذة في الانخفاض بوجه عام، فإن عدد جرائم العنف ضد المرأة آخذ في الازدياد. وتقول الإحصاءات إن المتهم في هذه الجرائم غالبا ما يكون هو الزوج أو الشريك السابق، وأحيانا الرجل الذي رفضت الضحية تقرُّبه إليها. وكثيرا ما توصف هذه الجرائم بعبارات ملطفة مثل "مأساة علاقة" أو "مأساة عائلية".

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر قالت في تصريحات لصحيفة "بيلد آم زونتاج" في أيار/مايو الماضي "هذه جرائم قتل! ويجب أن نسميها بوضوح بأنها جرائم قتل ضد النساء… النساء يُقتلن لأنهن نساء… على الدولة أن تعترف بأن لدينا مشكلة كبيرة وخطيرة هنا، ولا بد أن تتصرف حيالها".

وأعلن وزير العدل الألماني ماركو بوشمان مؤخرا عزمه إجراء تعديلات تشريعية تسمح بتشديد عقوبات جرائم العنف ضد المرأة.

زيادة قضايا العنف المنزلي

وترى منظمة حقوق المرأة "تير دي فام" أن ألمانيا متأخرة للغاية في الجهود الحكومية الرامية إلى مكافحة جرائم العنف ضد المرأة. تقول يامينا لورغي، المسؤولة عن قضايا العنف المنزلي والجنسي في المنظمة "لدى إسبانيا قانون لحماية النساء منذ عام 2004 وهيئة مراقبة مستقلة تسجل جميع جرائم القتل التي تنم عن كراهية ضد النساء، بما في ذلك أعمال الانتقام من الأطفال، منذ عام 2020".

وأوضحت الخبيرة -بحسب تقرير للألمانية- أن تقييم مخاطر تعرض المرأة للعنف على الصعيد الوطني في إسبانيا يُجرى باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مضيفة أنه عندما يتم رصد ارتفاع كبير في المخاطر، يُجبر مرتكب جرائم العنف على ارتداء أساور تتبع للموقع لمراقبة حظر الاتصال.

وفي ظروف معينة قد يتم أيضا تعليق حق التعامل مع الأطفال المشتركين. وتؤكد الخبيرة أن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لديها بالفعل إستراتيجية وطنية وتنفق أموالا أكثر بكثير مما تنفقه ألمانيا في مكافحة العنف ضد المرأة.

دور إيواء للنساء

وبالتوقيع على اتفاقية إسطنبول لمجلس أوروبا التزمت ألمانيا بحماية المرأة من العنف والقضاء عليه وملاحقة مرتكبيه جنائيا، لكن بحسب المعايير الإرشادية في الاتفاقية، ينقص ألمانيا حتى الآن حوالي 15 ألف دار إيواء للنساء.

تقول كريستينا فولف، التي توثق وتُقيم علميا عمليات قتل النساء منذ عام 2019 "عمليات قتل النساء، التي تمثل أقصى درجات العنف ضد الفتيات والنساء، مسكوت عنها في ألمانيا، والدولة ليس لديها حتى تعريف للمصطلح"، مؤكدة ضرورة الإسراع في إجراء تعديلات على القانون الجنائي، والإلزام بإجراء دورات تدريبية حول منع العنف منذ الطفولة، ولاحقا خلال المراحل المهنية.

وحذر بيان صادر عن الاتحاد الألماني للمُحاميات من أنه -على عكس الرجال- هناك خطر حقيقي على النساء من التعرض للقتل أو الإصابة بجروح خطيرة إذا لم يعدن يرغبن في مواصلة حياتهن مع شريكهن السابق، وجاء في البيان "لا ينبغي للقضاء ولا المجتمع أن يقابل هذا العنف القائم على النوع الاجتماعي بتساهل أو تفهم أو عقوبات مخففة".

القتل غير العمد وليس العمد

وإذا قتل رجلٌ شريكةَ حياته السابقة في سياق مواقف الانفصال، فغالبا ما يُحكم عليه بالقتل غير العمد وليس بالقتل العمد، إذ تأخذ المحكمة هنا في الاعتبار حالة الجاني العاطفية المضطربة، بينما لا تنظر إلى تفكيره التملكي الأبوي، الذي لا يسمح بأن تعيش المرأة من دونه، على أنه سبب لتشديد العقوبة.

قُتلت بسمة في أبريل/نيسان 2020. ومنذ يناير/كانون الثاني 2021 يُحاكم زوجها -الذي يكبرها بأكثر من 20 عاما- أمام المحكمة. وتتابع وقائع المحاكمة عن كثب مبادرة "ضد قتل النساء" التي نظمت وقفة احتجاجية في الذكرى الثانية لوفاة المرأة.

تقول متحدثة باسم المبادرة "قتل النساء مشكلة هيكلية ولها جذورها في النظام الأبوي وليس في ثقافات أو تقاليد معينة".

وتقول الناشطات في المبادرة إن "المحاكمة تدور أكثر حول المسؤولية الجنائية للجاني وليس حول العنف في الزواج ووضع بسمة"، ويعملن من أجل "إحياء مناسب لذكرى بسمة" ودعم أقربائها.

كما نُظمت مسيرة تذكارية في حي بانكوف في برلين للأم التي طُعنت حتى الموت في نهاية أبريل/نيسان الماضي. وتسعى السلطات لمعرفة ما إذا تم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية المرأة (31 عاما) بعد أن أبلغت عن زوجها مرارا بسبب العنف المنزلي.

ألمانيا تحتاج حتى الآن حوالي 15 ألف دار إيواء للنساء لحمايتهن من العنف (شترستوك)

العنف بين الأزواج!

لم يبدأ المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية في نشر إحصاءاته الخاصة حول العنف بين الأزواج إلا في عام 2015. وبحسب بيانات المكتب، قُتلت 139 امرأة و30 رجلا على يد شركائهن الحاليين أو السابقين في عام 2020.

ووفقا لتحليل كريستينا فولف، فإن هناك عددا أكبر من ذلك بكثير من حالات قتل النساء، على سبيل المثال النساء اللائي قُتلن على يد إخوانهن أو أبناء عمومتهن أو على يد ملاحقين. بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما يكون الأطفال متورطين في أحداث الجريمة. وأعربت فولف عن قناعتها بأن عدد جرائم قتل النساء في ألمانيا قد ازداد.

في المقابل، أكد مدير معهد علم الجريمة بجامعة توبينغن الألمانية، يورج كينتسيغ، أن هناك نقصا في البيانات الشاملة حول قتل النساء في ألمانيا، إذ إن البحوث العلمية تركز حتى الآن على ما يسمى بـ"جرائم الشرف" وجرائم القتل في الشراكة.

ومن المقرر بحث موضوع قتل النساء بألمانيا في مشروع مدته 3 سنوات بالتعاون مع معهد البحوث الجنائية بولاية سكسونيا السفلى.

ويستند المشروع إلى ملفات الدعاوى الجنائية في ولايات بادن-فورتمبيرغ وبرلين وسكسونيا السفلى وراينلاند-بفالتس منذ عام 2017. وخلال هذه الفترة وقعت 352 جريمة قتل لنساء في الولايات الأربع، ولم يتضح بعد ما إذا كن ضحايا بسبب كونهن نساء.

المصدر : الألمانية