الرئيسية » تقارير نسوية » نساء فلسطينيات »  

والدة الشهيد العزيزي.. حينما ينفطر قلب الأم على فلذة كبدها
25 تموز 2022

 

نابلس –نساء FM-  لم تقوَ (أم عدي) والدة الشهيد محمد العزيزي الذي استشهد فجر اليوم الأحد، مع رفيق دربه عبد الرحمن صبح في بلدة نابلس القديمة على الكلام، فهي في حالة صدمة وترفض حتى التصديق بأن فلذة كبدها محمد قد استشهد وأنها لن تراه مرةً أخرى.

وتقول إحدى قريبات الشهيد، بأن (أم عدي) المفجوعة باستشهاد ابنها، أصرت على الذهاب إلى المقبرة بعد دفن ابنها فيها، وهناك بكت حتى جفت الدموع، وحاولت نبش تراب القبر بيديها لاستخراج جثته، وصممت على ملازمة قبره.

وفي بيت العائلة، تلتف مجموعة من النساء حول والدة الشهيد وقد جئن مواسيات ومتضامنات، وكلهن يدركن، أن كل واحدة منهن يمكن أن تكون والدة أو زوجة أو أخت شهيد في يوم ما.

وعلى ما يبدو أن علاقة والدة الشهيد هي أكثر من طبيعية مع أبنائها الخمسة (ثلاثة أبناء وبنتان)، فهي تحبهم وتخاف عليهم، وكانت قبل أيام معدودة قد كتبت على صفحتها الشخصية دعاء لهم جاء فيه: "اللهم إني أخاف على أولادي من دنيا أصبحت كالغابة، ولكن دعواتي لهم التي تسبق لساني أن تحفظهم يا رب من كل سوء وشر، وأن تحميهم من غدر الزمن وعيون الأشرار، وأن تبعد عنهم أولاد الحرام .. ربي ازرع في طريقهم الطيبين وارزقني دائمًا رؤيتهم بخير لآخر عمري، وطمئن قلبي عليهم فإني عبدك الضعيف .. يا رب لا قدرة لي في ما يؤلمني تجاههم فوكلتك امري فيهم يا أحن مني عليهم".

وتقول قريبة الشهيد، بأن محمد كان مطلوبًا لقوات الاحتلال، وخلال الليلة الماضية (ليلة السبت/ الأحد) جاء لزيارة عائلته برفقة صديقه عبد الرحمن صبح المطارد أيضًا، وقرر الاثنان المبيت في إحدى غرف حوش البيت، وعند الفجر قامت وحدات خاصة من جيش الاحتلال بمحاصرة المنزل، وعندما لاحظهم محمد توجه إلى والدته وأفراد عائلته وطلب منهم الخروج من المنزل حفاظًا على أرواحهم، وعندها رفضت والدته الخروج ولكنه أصر عليها وأجبرهم على الخروج، وبقي هو وزميله في المنزل، واشتبك الاثنان لفترة طويلة مع جنود الاحتلال إلى أن استشهدا وهما يقاومان مقاومة الأبطال.

كان الشهيد العزيزي وهو في أواسط العقد الثاني من عمره قد حول إحدى واجهات منزله في حي الياسمينة إلى لوحة علق عليها صور مجموعة كبيرة من شهداء الوطن، تتوسطها بشكل لافت صور الشهداء الثلاثة محمد الدخيل، وأدهم مبروك، وأشرف المبسلط، الذين اغتالتهم وحدات خاصة من جيش الاحتلال في الثامن من آذار الماضي في حي المخفية غرب المدينة، وكأنه أراد أن يقول بأن الطريق طويل وأن قوافل الشهداء ستواصل المرور عبر هذا المسار.

وكان العزيزي كلما ارتقى شهيد يضيف صورته إلى اللوحة، والآن على أحدهم أن يضيف صورته مع زميله الشهيد صبح إلى  ذات اللوحة، التي ما زال فيها متسع لصور أخرى.

الدمار الذي حل في  بيت العزيزي الذي قصفه جيش الاحتلال بالقذائف كان كبيرًا، ولكن لوحة الشهداء بقيت سليمة ونظيفة كنظافة ونقاء دماء الشهداء.

وفي إحدى غرف المنزل،  كان هناك سريران بينهما طاولة صغيرة فوقها ساعة يد لأحد الشهيدين، ظلت عقاربها تدور بنفس الوتيرة، ولم تستطع كل قذائف ورصاصات الاحتلال تعطيلها، وفوق الطاولة أيضًا كان هناك كيس صغير من الحلوى (سكاكر) ظلّ على حاله، وربما لم يكن لدى الشهيدين الوقت أو الرغبة في تناول بعضًا مما فيه.

المصدر: "القدس" دوت كوم - تقرير: عماد سعادة