الرئيسية » تقارير نسوية » أخبار المرأة الفلسطينية »  

أزهار ويسرى.. تحلمان بقبر دافئ لابنيهما الشهيدين
30 أيار 2022

 

 

رام الله-نساء FM-"إن أدركني الموت ولم أدفن ابني، ضعوا جثماني في ثلاجة حقيرة مزوية، ثم ادفنوني في خربة هناك منسية، لا شاهد ولا صورة ولا هوية، ولا أريد جنازة ولا جماهير وفية، فجسدي لن يكون أطهر من جسده، واسمي لن يكون أعلى من اسمه ومهما طالت حياتي لن أترك أثرا كأثره"، هذه وصية كتبتها أزهار أبو سرور والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، أقدم شهيد محتجز لدى سلطات الاحتلال منذ هبة 2015 والتي تنتظر دفن جثمان ابنها وجهزت له قبرا وزرعت فوقه الورود.

تقول أزهار إن "مع كل شهيد جديد ومع كل جريمة يرتكبها الاحتلال يتجدد الجرح والألم اللذان لا يشفيان أبدا"، مؤكدة أنه "جرح يحرق القلب ويدمي العيون".

وحال أزهار كحال يسرى، والدة شهيد الحركة الأسيرة نصار طقاطقة، التي تمر الذكرى السنوية الثالثة على استشهاده قريبا، فما زالت يسرى تنتظر أن يعود جثمان ابنها لتكرمه وتدفنه وتعرف مكان قبره.

وتقول يسرى مستذكرة اليوم الذي تم اعتقال نجلها فيه: "في ليلة حالكة ضرب باب البيت بقوة مرعبة، فتحت الباب، وسألني الجنود عن نصار، وحينما أخبرتهم أنه في منزله، هرعوا إلى هناك، وبحسب الجيران أنهم اقتحموا منزله بطريقة همجية حيث كان نائما على السطح، أعصبوا عينيه وقيدوا يديه وسحبوه نحو الجيب العسكري".

وتضيف أنها ركضت نحو الشارع الرئيسي حتى تودع ابنها قبل اعتقاله، لكن جنود الاحتلال كانوا قد اعتقلوه وذهبوا.

وتشير إلى أنها في الصباح الباكر ذهبت إلى الصليب الأحمر لإبلاغهم باعتقال نصار ولإصدار تصريح لزيارته، مضيفة أن إجراءات التصريح كانت أطول من فترة اعتقال نجلها.

وبعيون باكية قالت طقاطقة إنها تنتظر عودة جثمان ابنها لتدفنه وتكرمه، "أريد أن أعرف موقع قبره، كي أذهب إليه كلما اشتقت له، أريد أن أبوح له بلوعتي على فراقه وشوقي له".

وتتابع أنها قبل اعتقاله بفترة اشترت له ذهبا تحضيرا لحفل خطبته، وكان قبلها قد أدى مناسك العمرة.

وتضيف أن نصار أول مرة يتم اعتقاله، وخبر استشهاده داخل سجون الاحتلال كان صاعقة بالنسبة لها، خاصة أنه لا توجد معلومات عن ظروف اعتقاله ولا عن ظروف استشهاده، فقد مكث في السجن قرابة الثمانية وعشرين يوما، مشيرة إلى أنه قضى في أقبية مراكز التحقيق تحت التعذيب.

وتناشد طقاطقة كل المؤسسات الحقوقية والإنسانية ضرورة استرجاع جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، مشيرة إلى أن وجودهم في ثلاجات الاحتلال أمر يزيد الألم والقهر والحزن، وأنه يجب أن تنعم جثامينهم بدفء تراب الوطن بدلا من برد الثلاجات البغيضة.

 

وتؤكد أنه لم يتم محاكمة نجلها، حيث أعلنت مصلحة السجون عن موعد محاكمة لمرة واحدة وتم تأجيلها دون وجود نصار.

 "ذهبت منذ الصباح الباكر للمحكمة وانتظرت ابني حتى أراه، لكنهم لم يجلبوه، انتظرته حتى المساء أمام المحكمة، ولم أره"، تقول طقاطقة.

بدوره، يقول مدير هيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيت لحم منقذ أبو عطوان إن سلطات الاحتلال ما زالت ترفض تسليم جثامين شهداء الحركة الأسيرة البالغ عددهم تسعة شهداء، مؤكدًا أن الاستمرار في احتجاز الجثامين هو شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا، خاصة أنها تحرم أهالي الشهداء من تشييع أبنائهم إلى مثواهم الأخير، وتحرم الشهداء بأن تكون لهم قبور معروفة لذويهم.

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تدرك تمامًا مدى أهمية إكرام الميت بدفنه في الثقافة العربية، مؤكدا أنها سياسة يتبعها الاحتلال منذ زمن، والدليل احتجاز جثمان الشهيد أنس دولة منذ الثمانينات، لافتًا إلى أن هناك تخوفات من سرقة الاحتلال لأعضاء الشهداء، ما يخلق حالة من القلق والتوتر في نفوس عائلات الشهداء.

من ناحيته، يقول المحامي المتابع لقضية احتجاز الجثامين محمد عليان لـ"وفا" إن نجله بهاء استشهد في تشرين الأول/ اكتوبر 2015 واحتجز جثمانه قرابة السنة، وحينما سمحت سلطات الاحتلال بتشييعه حددت عدد المشيعين وأخذت أرقام هوياتهم، وحددت لهم نصف ساعة من الزمن لإكمال مراسم الدفن وإلا سيتم اختطاف الجثمان مجددًا، كي لا يتمكن الأهل من تشريح الجثمان.

ويضيف أن احتجاز الجثمان بالنسبة لذوي الشهيد أمر مؤلم، فتبقى الهواجس لدى العائلات بأن قد يكون ابنهم لم يستشهد، أو ربما هو جريح في مكان سري، ولكن عند مشاهدة الجثمان ينقطع الشك باليقين، مشيرًا إلى أن احتجاز الجسد يخلق تخوفات لدى العائلات بإمكانية سرقة الاحتلال للأعضاء.

ويشير إلى أنه بعد دفنه لنجله اطمأن على الجثمان من خلال إكرامه بالدفن وفق الطريقة الشرعية، وبذلك أصبح له قبر وعنوان يتم زيارته كلما اشتاقت العائلة له، مؤكدا أنه يبقى الشعور بالحزن لكن يرافقه الشعور بالفخر أيضًا بأن ابنه قضى من أجل الوطن.

ويطالب عليان بضرورة تحسين الأداء القانوني للمؤسسات الحقوقية التي تتابع ملف احتجاز جثامين الشهداء، مع ضرورة تفعيل هذا الموضوع رسميًا وشعبيًا.

ويتابع أن عدد الشهداء المختطفة جثامينهم منذ تشرين الأول/ اكتوبر 2015، حيث قررت حكومة الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء كسياسة رسمية ممنهجة وحتى اللحظة، 104 جثامين، وعدد الشهداء الأسرى الذين ارتقوا في سجون الاحتلال أو في مراكز التحقيق 8 شهداء، إضافة إلى جثمان الأسير الشهيد أنيس دولة المحتجز منذ عام 1980، وعدد الشهداء المحتجزة جثامينهم من محافظة القدس 12 شهيدا، ومن قطاع غزة 27 شهيدا، ومن الضفة الغربية 65 شهيدا، ومن إجمالي هذه الإحصائية، يوجد 3 جثامين لشهيدات و6 جثامين لأطفال.

المصدر : وفا