الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي » الرسالة الاخبارية »  

سيدات البادية الشمالية بالأردن يطوّعن الصحراء لإنتاج خضار صديقة للبيئة
10 أيار 2022

 

عمان-نساء FM- جهود نسائية مشتركة جمعت سيدات البادية الشمالية الأردنية ولاجئات سوريات للعمل في مشاريع ريادية تضم بيوتا بلاستيكية متخصصة بالزراعات الحديثة.

تنتج تلك البيوت البلاستيكية خضارا ونباتات عشبية وطبية، معتمدة على كميات قليلة من المياه، وتربة بديلة تتكون من حجار التوف البركانية أو عسف النخيل المطحون.

وتتميز تلك المنتجات بأنها صديقة للبيئة وصحية، لعدم استخدام المبيدات الكيميائية في رشها، وعدم وجود أمراض قد تنتقل إلى النباتات من التربة العادية، وتوفر نحو 80% من كميات المياه المستخدمة في الزراعات الحقلية بالتربة العادية.

بداية المشروع

منذ 10 سنوات من حديقة المنزل وبمساحة زراعية صغيرة وبيت بلاستيكي بسيط، بدأت فكرة مشروع الزراعات المائية لدى رئيسة جمعية "جفنة" الخيرية في منطقة أم القطين بالبادية الشمالية ناديا الفقير، منشئة مشروعها الخاص بزراعة أنواع مختلفة من الحشائش والبصل الأخضر والخس.

تطورت فكرة المشروع لدى ناديا الفقير، فقامت بالتعاون مع سيدات من المجتمع المحلي باستئجار قطعة أرض مجاورة للقرية، وبناء 4 بيوت بلاستيكية لزراعتها بأساليب حديثة.

كما بدأت قبل أكثر من عامين بتعليم السيدات الراغبات من بنات المجتمع المحلي واللاجئات السوريات المقيمات في المنطقة أساليب الزراعة المائية الحديثة والاعتناء بالنباتات في جمعية "جفنة" الخيرية.

وبسبب شحّ المياه في مناطق البادية، بدأت الفقير مشروعها بالزراعات المائية من خلال بناء أحواض مغلفة بالبلاستيك لعزلها ومنع تسربها، ومن ثم تسميد تلك الأحواض بالمواد المغذية الضرورية للنباتات، ليُزرع بعد ذلك سطح تلك الأحواض بصفائح بلاستيكية فيها فتحات توضع بها أكواب النباتات مغمورة بالماء.

تدوير المياه

ولتوفير كميات إضافية من المياه، أنشأت الفقير بمساعدة مؤسسات دولية محطة لمعالجة المياه الرمادية وإعادة تشغيلها، وتقوم فكرة المشروع على إعادة تدوير واستغلال كميات المياه المستخدمة في غسيل الملابس والمطبخ والمغاسل.

 

 

تُنقل تلك المياه المستخدمة إلى حوض كبير يحتوي على طبقات من الحجارة الصغيرة والرمال، في وسط ذلك الحوض أنبوب بلاستيكي تُجمع فيه المياه المعالجة ومن ثم تُنقل من خلال مضخة وتجمع في براميل لإعادة استخدامها في سقاية الأشجار المثمرة مثل الأعناب والرمان والتين الموجود في القرية.

طاقة نظيفة

وحتى يكون المشروع صديقا للبيئة بعيدا عن أي ملوثات، جُهزت محطة طاقة شمسية من أجل إدارته بطاقة نظيفة من خلال تركيب خلايا طاقة شمسية، وبطاريات لتخزين تلك الطاقة لاستخدامها في تشغيل ماكينات التسميد عند الحاجة إليها.

وتُسمّد المياه المغذية للنباتات -وفق المهندس المشرف على المشروع حازم البريحي- من خلال نظام إلكتروني خاص بالوحدات الزراعية، بحيث توضع المواد الغذائية والأسمدة في براميل خاصة وتوصل تلك البراميل من خلال أنابيب بجهاز حاسوب مبرمج لاحتساب الكميات المطلوب تزويدها للوحدات الزراعية المختلفة.

 

وتحتوي الوحدات الزراعية على مجسات إلكترونية خاصة ترسل إشارات إلى جهاز الحاسوب عند نقص عنصر غذائي معين في المياه يؤدي إلى ضرر بالمزروعات، فيقوم جهاز الحاسوب من خلال الربط الإلكتروني بضخ كميات من تلك العناصر الغذائية للوحدة الزراعية المعنية.

توفير 80% من المياه

وقال البريحي -للجزيرة نت خلال جولة بالمنطقة- إن المشروع صديق متكامل للبيئة، فلا استخدام للمبيدات الكيماوية سواء بالرش أو السقاية، كما يعاد تكرير وتدوير المياه المستخدمة في الأحواض الزراعية، وذلك للحفاظ على كميات المياه المستخدمة.

ويوفر المشروع 80% من كميات المياه المستخدمة في الزراعة -حسب البريحي- مقارنة مع الزراعات التقليدية في التربة العادية، فضلا عن سلامة الغذاء المنتج في تلك الأحواض من أي فطريات أو حشرات أو أمراض قد تنتقل إلى الغذاء من التربة.

وأضاف البريحي أن أبرز التحديات التي تواجه المشروع تتمثل في شح المياه في مناطق البادية، وارتفاع أثمان المياه التي تشترى من الآبار الارتوازية بالمنطقة، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من مواد بلاستيكية وأسمدة وبذور، وارتفاع تكاليف نقل الخضار إلى الأسواق المركزية بالمدن والمحافظات المجاورة.

ويُنقل إنتاج البيوت البلاستيكية إلى الأسواق المحلية في مدينة المفرق المجاورة أو إلى سوق الخضار المركزية في عمان، أو تصدّر إلى دول الجوار، حسب البريحي.

دخل مالي

وبين أشتال النباتات العشبية والخس، تتنقل اللاجئة السورية هبة الزعبي التي تعمل في المشروع منذ إنشائه على نحو شبه يومي، وتقول -للجزيرة نت- إن العمل وفّر لها مصدر دخل ثابت، وأسهم في تحسين دخلها المعيشي وإطعام عائلتها، فضلا عن اكتسابها خبرة من خلال الدورات التدريبية التي حصلت عليها في الزراعة المائية.

أما الأربعينية جميلة كساب فتغادر صباح كل يوم إلى مشروع الزراعة المائية لتفقد محصول الزعتر والخس والبصل.

وتقول "كنت أعمل سابقا في زراعة أشجار العنب والتين الزيتون، وتربية الأغنام والدواجن، وأقوم بتصنيع الألبان والأجبان والسمن. وعندما افتتح مشروع الزراعة المائية خضعنا لدورات تدريبية على يد متخصصين في كيفية التعامل مع النباتات وزراعتها في الأكواب المخصصة لذلك، والاعتناء بالأشتال ورعايتها".

ويوفر مشروع الزراعة المائية مصدر دخل مالي لسيدات المجتمع المحلي واللاجئات السوريات العاملات في مناطق البادية التي تعدّ من المناطق الأشد فقرا في المملكة.

 

المصدر : الجزيرة