الرئيسية » تقارير نسوية » نساء حول العالم »  

في ذكرى ميلادها.. ماري كوري..هذه حكاية أول امرأة تحصل على جائزة نوبل
08 تشرين الثاني 2021

 

رام الله-نساء FM-نتعرف في هذا البورتريه إلى ماري كوري، المرأة التي تحدت مآسي عديدة، ليكتب التاريخ اسمها كواحدة من أبرز أيقونات العلم الحديث.

ماري كوري

ولدت ماريا سكودوفسكا، المرأة التي ستشتهر لاحقا باسم ماري كوري، في الـ7 من نونبر/تشرين الثاني 1867م، بوارسو، عاصمة بولندا.

كانت ماري أصغر أبناء والد يدرّس الرياضيات والفيزياء، ووالدة تدير مدرسة داخلية. في كنف هذه الأسرة المتعلمة نشأت ماري… وفي حين كان أقرانها يتعلمون الأبجديات، كانت هي تتعلم النبوغ!

لكن… في عمر الثانية عشرة، سيفجع الموت ماري، إذ سرق الأم من الأسرة، وتلك كانت بداية حياة أخرى.

ظل النبوغ يختمر رغم ذلك، وتفوقت ماري في دراستها الثانوية بامتياز… ثم لاحت عثرة.

لا يدرس في جامعة وارسو سوى الذكور!

ولأن من يطمح إلى المجد، يكون دأبه دأب الماء، دائما يعثر على طريقه… تابعت ماري دراستها في جامعة سرية غير رسمية في وارسو.

مع ذلك، ظلت وأختها برونيا تحلمان دائما بالحصول على شهادة رسمية، وهو ما لم يكن ممكنا… دون سفر.

رغم ما بلغته من شهرة، ظلت ماري على طبيعتها، عالمة متواضعة وصادقة، كما جاء في شهادة تنسب للعالم الفيزيائي ألبرت إنشتاين، الذي كانت بالنسبة له، الشخص الوحيد الذي لم تفسده الشهرة والنجاح.

لكن، أي سفر وضيق الحال يحول دونها وتكاليف الجامعة؟

والحال هذه، اتفقت ماري وأختها على ما يلي: ستدرس برونيا الطب، بينما ستعمل ماري لكسب المال حتى تنفق على أختها، ثم حين تحصل على شهادتها، تنقلب الآية.

هكذا، عملت ماري خمس سنوات خادمة في البيوت حتى حان دورها عام 1891م، فسافرت إلى باريس لتلتحق بجامعة السوربون.

 

 

 

اقرأ أيضا: مريم الإسطرلابي… هذه حكاية عالمة عربية صنعت التاريخ فكافأها بالجحود

رغم الفاقة وسوء التغذية، وما عانت معه ماري من مشاكل صحية، توجت رحلتها إلى باريس، بعد سنتين، بالحصول على شهادة في الفيزياء، ثم بعد سنة، بشهادة في الرياضيات.

في هذه الفترة، طرقت باب المجد حين انكبت تدرس أنواع الفولاذ وخصائصه المغناطيسية… اهتمام علمي قربها من الفيزيائي الفرنسي بيير كوري.

ماري وزوجها

ودعت ماري باريس وعادت إلى وارسو لتواصل هناك أبحاثها العلمية… بيد أن جامعة كراكوفيا رفضت إلحاقها بالعمل، لا لشيء سوى لأنها… امرأة!

حينها، بلغتها رسالة من باريس: بيير يحاول إقناعها بالعودة لمتابعة دراستها في سلك الدكتوراه.

كان ذلك ما ظهر… أما ما خفي، فقد انتهى بزواج بيير وماري في الـ26 من يوليو/تموز 1895م.

أخذت ماري تبحث عن مواد يفوق نشاطها الإشعاعي اليورانيوم، حتى حققت في ذلك اكتشافات زادت إعجاب بيير بنبوغها

 

 

 

 

 

 

إلى الحد الذي جعله يترك أبحاثه الخاصة وينضم إلى أبحاث زوجته!

ومعا… اكتشفا مادة يفوق إشعاعها إشعاع اليورانيوم، ونسبة إلى بلد ماري وتكريما له، أطلقا عليها اسم “البولونيوم”… ثم بعد فترة، اكتشفا مادة ذات إشعاع أكبر، حمّلاها اسم “الراديوم”.

كل ذلك ولم يكن للزوجين مختبر متخصص، إنما مجرد غرفة… ولا تمويل كاف، إنما مجرد ما كانت تحصّله ماري من التدريس في مدرسة الأساتذة العليا.

حافظت ماري على حماسها للعلم مدى حياتها، التي وهبتها لفهم ظاهرة النشاط الإشعاعي

لكن… في الأثناء، كانت الصناعات قد أخذت تزدهر بفضل اكتشاف الراديوم.

ثم في دجنبر/كانون الأول 1903، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم عن نيل أبحاث كوري جائزة نوبل في الفيزياء.

 

كوري الزوج بالتأكيد… لولا تدخل عالم الرياضيات السويدي، ماغنوس ميتاج، عضو اللجنة المانحة للجائزة، الذي اعترض على حرمان ماري وقام بتنبيه بيير ليقدم تظلما على ذلك

حينها، أصر بيير ورضخت الأكاديمية، واشتركا في نيل الجائزة… وصارت ماري كوري، أول امرأة تحصل على جائزة نوبل.

ولأن من يبتغي المجد؛ المجد لا يحد… في السنة ذاتها، دونت ماري اسمها في التاريخ أيضا كأول امرأة في أوروبا تحصل على درجة الدكتوراه.

وبعد ثلاث سنوات… انتهت حكاية الحب بشكل مأساوي! توفي بيير في حادث سير

لكن السوربون عرضت على ماري أن تحل محل زوجها في الجامعة، فصارت أول امرأة تحصل على الأستاذية هناك.

واصلت ماري أبحاثها… لكن الكارهين، كعادتهم، تربصوا بها.

أشيع في الأعوام التالية أنها كانت على علاقة بالفيزيائي الفرنسي بول لانجفان، التلميذ السابق لزوجها.

 

رغم ما أججته هذه الصحف من رأي عام، تواصل التقدير الدولي لأعمال ماري حتى نالت عام 1911م جائزة نوبل في الكمياء اعترافا بـ”فضلها في تقدم هذا المجال… إذ فصلت معدن الراديوم، ودرست مركبات هذا العنصر الهام”.

 في دجنبر/كانون الأول 1903، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم عن نيل أبحاث كوري جائزة نوبل في الفيزياء.

ثم راحت العضويات الفخرية للمجتمعات العلمية في العالم تنهال عليها من كل حدب وصوب.

عام 1921م، قدم لها الرئيس الأمريكي هاردينغ نيابة عن نساء أمريكا، غراما من الراديوم المستخلص من مواد أمريكية، تقديرا لخدمتها للعلم.

حافظت ماري على حماسها للعلم مدى حياتها، التي وهبتها لفهم ظاهرة النشاط الإشعاعي

ورغم ما بلغته من شهرة، ظلت على طبيعتها، عالمة متواضعة وصادقة، كما جاء في شهادة تنسب للعالم الفيزيائي ألبرت إنشتاين، الذي كانت بالنسبة له، الشخص الوحيد الذي لم تفسده الشهرة والنجاح.

ولأن العلم لم يكن قد تقدم يومها كما اليوم، فماري كانت تحمل معها دائما مواد كيميائية مشعة دون دراية بمخاطرها

ذاك ما اكتشف لاحقا في أوراقها الخاصة، التي تعود إلى أواخر القرن الـ19… كانت على مستويات عالية من الإشعاع، وكان على من يود قراءتها، أن يرتدي ملابس واقية.

جراء ذلك، مرضت ماري بفقر الدم اللاتنسجي، الذي اضطرها لتقبع في مصحة سانسيليموز بفرنسا، حيث ستترجل عن صهوة الحياة في الـ4 من يوليو/تموز 1934م.

… لكن التاريخ ها هنا، لا ينسى صُنّاعه… يحتفظ باسم “ماري كوري”، كأحد أعظم الأسماء في تاريخ العلم.

المصدر : مرايانا