الرئيسية » تقارير نسوية » نساء حول العالم »  

"قضية الإجهاض" التاريخية تعود للمحكمة العليا
21 أيلول 2021

 

واشنطن-نساء FM-بعد نحو نصف قرن من إقرار المحكمة العليا الأميركية حق الإجهاض فيما يعرف باسم قانون "رو ضد وايد" التاريخي عام 1973، عادت القضية مرة أخرى إلى أروقة أعلى محكمة في البلاد.

وتنظر المحكمة العليا بأغلبيتها المحافظة التي عززتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في الأول من ديسمبر، للمرافعات الشفهية حول قانون أقرته ولاية مسيسيبي، في عام 2018، ويحظر الإجهاض قبل الأسبوع الـ15 من الحمل.

وتم حظره القانون المثير للجدل من قبل محكمتين فيدراليتين، ما سمح بوصوله إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة.

ويسمح القانون بالإجهاض بعد 15 أسبوعا "فقط في حالات الطوارئ الطبية أو في حالة تشوه الجنين الشديد" ولا يعطي استثناء للاغتصاب أو سفاح القربى. وإذا أجرى الأطباء عمليات إجهاض خارج حدود القانون، سيتم تعليق أو إلغاء تراخيصهم الطبية وقد يتعرضون لعقوبات وغرامات إضافية.

وجاءت موافقة المحكمة على النظر في القانون بعد أن رفضت أيضا حظر قانون الإجهاض في تكساس، الذي يمنع الإجهاض بعد حوالي ستة أسابيع من الحمل، دون إعطاء أية استثناءات أيضا للاغتصاب وسفاح القربى.

وكثفت الولايات المحافظة في جميع أنحاء البلاد جهودها لتمرير التشريعات التي تقيد حق الإجهاض الذي كفلته المحكمة العليا عام 1973 بتشجيع من الأغلبية المحافظة في المحكمة، بعد إضافة ترامب ثلاثة قضاة محافظين.

ورغم أن قضية مسيسيبي هي الوحيدة حتى الآن التي سمحت المحكمة بسماع مرافعات بشأنها، من بين العديد من القضايا، إلا أن دعوى قضائية أخرى في تكساس رفعت ضد طبيب يمكن أيضا أن تختبر أيضا مدى دستورية حظر الإجهاض.

تكساس تختبر دستورية قانونها

ورفع رجل من أركنساه دعوى قضائية ضد الطبيب الذي اعترف بإجراء عملية إجهاض تعتبر غير قانونية بموجب القانون الجديد في تكساس، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر.

وكشف الطبيب الذي يدعى، آلان برايد، في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" نشر خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه أجرى عملية إجهاض لامرأة في الثلث الأول من مدة حملها، لكنها "تجاوزت الحد الجديد في الولاية" المحدد بستة أسابيع.

 

و"قانون القلب النابض" في تكساس يحظر الإجهاض بمجرد الكشف عن بدء قلب الجنين بالنبض، وهو ما يحدث عادة في غضون ستة أسابيع حتى قبل أن تعرف العديد من النساء أنهن حوامل.

 

وقال برايد الذي يمارس الطب منذ 50 عاما: "تصرفت لأن علي واجب الرعاية لهذه المريضة، كما أفعل مع جميع المرضى، ولأنها تملك حقا أساسيا في تلقي هذه الرعاية".

وأضاف: "أدرك تماما أنه قد تكون هناك عواقب قانونية... لكني أردت ضمان أن تحاول تكساس اختبار منع هذا القانون غير الدستوري بشكل سافر".

وفي عام 1973، إثر قضية "رو ضد وايد" التاريخية، ضمنت المحكمة العليا الحق في الإجهاض طالما أن الجنين غير قابل للحياة خارج الرحم، وهو في العادة لا يكون حتى الأسبوع الـ22 الى الأسبوع الـ24 من الحمل، وفق فرانس برس.

ويسمح القانون الذي أقره المشرعون الجمهوريون في تكساس، ثاني أكبر ولاية في البلاد، للأشخاص بمقاضاة الأطباء الذين يجرون عمليات إجهاض بعد ستة أسابيع أو أي شخص يسهل العملية.

وعادة ما يقوم الأطباء الذين يقدمون خدمات الإجهاض وغيرهم من المدافعين عن حق المرأة في الإجهاض برفع دعاوى ضد المدعين العامين الذين يسعون إلى تنفيذ قانون الإجهاض، لكن تكساس تمكنت من تجنب التدقيق القضائي من قبل المحكمة العليا بسبب الطريقة التي تمت بها صياغة القانون.

وقالت واشنطن بوست إن القانون يمنع مسؤولي الولاية من تطبيق الحظر، وبدلا من ذلك، يسمح للمواطنين العاديين فرض الحظر عن طريق رفع دعاوى مدنية ضد أي شخص يساعد امرأة في إجراء العملية.

وإقرار برايد بإجراء عملية إجهاض يعني أنه في حال تمت ملاحقته قضائيا، يمكنه الطعن بدستورية قانون تكساس وإجبار محكمة أن تقضي فيما إذا كان القانون ينتهك قضية "رو ضد وايد".

ويوم الإثنين، قال أوسكار ستيلي من أركنساه، إنه قرر رفع دعوى قضائية لاختبار دستورية القانون بعد قراءة تقرير إخباري حول إعلان برايد. وقال المحامي السابق الذي أدين بالاحتيال الضريبي في عام 2010، إنه لا يعارض شخصيا الإجهاض، لكنه يعتقد أنه يجب أن يخضع للمراجعة القضائية، وفق واشنطن بوست.

 

وذكر الرجل في مقابلة بعد تقديم الشكوى في محكمة الولاية: "إذا لم يكن القانون جيدا، فلماذا يتعين علينا أن نمر بعملية طويلة وممتدة لمعرفة ما إذا كان هذا مجرد هراء؟".

وأشار أيضا إلى أن نجاح الدعوى يمكن أن يؤدي إلى إصدار حكم قضائي من المحكمة يمنحه 10 آلاف دولار على الأقل، وقال: إذا قررت المحكمة أنها ستقدم لي مكافأة، لماذا لا أحصل عليها؟"

وكانت وزارة العدل الأميركية قد رفعت دعوى قضائية ضد تكساس تنفيذا لتعهّد الرئيس الديموقراطي، جو بايدن، بمواجهة الولايات التي تقيد الإجهاض، والأسبوع الماضي، طلبت الوزارة من قاض فيدرالي منع سريان القانون مؤقتا. وحدد القاضي في أوستن جلسة استماع في هذه القضية في الأول من أكتوبر.

وقالت عيادات الإجهاض في تكساس إنها تلتزم بالقيود الجديدة وترسل النساء إلى أوكلاهوما وكانساس ونيو مكسيكو لإنهاء حملهن.

وقال برايد، في مقاله إنه منذ دخول القانون حيز التنفيذ، ناقش مع مريضاته كيفية القيام بالعملية في ولاية أخرى، وذكر أنه نصح امرأة، تبلغ من العمر 42 عاما ولديها أربعة أطفال، بالسفر إلى أوكلاهوما، التي تقع على بعد تسع ساعات بالسيارة وعرض عليها المساعدة في تمويل النفقات، إلا أنها رفضت لأنها لن تجد من يرعى أطفالها في غيابها ولعدم قدرتها على ترك العمل.

وجادل المدعي العام في ولاية ميسيسبي، لين فيتش، في مذكرة أرسلها إلى المحكمة العليا التي تنظر في قانون الولاية بأن قضية "رو ضد وايد" كانت "مخطئة بشكل فاضح" و"الاستنتاج بأن الإجهاض حق دستوري لا أساس له في النص أو التاريخ أو التقليد".

أما أولي ريكلمان، محامي مركز الصحة الإنجابية، الذي يمثل منظمة جاكسون لصحة المرأة، عيادة الإجهاض الوحيدة المرخصة في ميسيسبي، فأخبر القضاة في وقت سابق من هذا الشهر أنه ينبغي عليهم رفض طلب "التخلي عن نصف قرن من سابقة محسومة".

وحث 514 رياضيا، من بينهم 26 رياضيا شاركوا في الأولمبياد، من بينهم لاعبة كرة القدم الأميركية الفائزة مع بلادها بكأس العالم مرتين، ميغان رابينو، على ضرورة منح الحق في الإجهاض.

وقالت رابينو في بيان: "بصفتنا رياضيات، يجب أن نمتلك القوة لاتخاذ قرارات مهمة بشأن أجسادنا وممارسة السيطرة على حياتنا الإنجابية".

وأعرب محامون ومنظمات عن دعمهم لعيادة ميسيسبي التي تقف وراء الدعوى ضد القانون، قائلين إن "الحواجز المستمرة والجسيمة تمنع بشكل روتيني البعض من إجراء عمليات الإجهاض قبل 15 أسبوعا من الحمل".

وتقول "سي أن أن" إنه بينما سينظر قضاة المحكمة العليا في قانون ميسيسبي خلال الأشهر القليلة المقبلة، وسيقرؤون عددا لا يحصى من الحجج، ويعقدون المرافعات الشفوية في ديسمبر، فقد اتخذوا "إجراء طارئا في قضية تكساس سمح بدخول الحظر حيز التنفيذ، في انتظار الاستئناف"، وهو ما يقلق مؤيدي حق الإجهاض لأنه إشارة لما قد يكون رأي قضاتها في قانون مسيسيبي.