الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » نساء فلسطينيات »  

في كاميرا "ماندي ولارا" جمال "غزة" المختبئ!
12 أيلول 2019

 

غزة –نساءFM-ماذا لو! بدأت يومك، قبل ساعات الإشراق الأولى في مساحة خضراء واسعة، مع عليل هواء الفجر، ترتقب ارتماء شعاع الشمس الذهبي على الأشجار، إلى أن تتوسط السماء، ويعلو صوت الطيور باختلاف أنواعها، وهي تُعانق زقزقة العصافير.

أو أن تُنهي يومك بمهشدٍ غروب الشمس على شاطئ البحر، وهي تمتزج في رزقة الأمواج شيئًا فشيء، لتعيش لحظات ما يُسمى بـ "الشفق" ومن ثم الانغماس التام، والظلام، هل جربت أن تقفِ وقفة متأمل، الحياة خلفك بكل كدرها ومصاعبها، والشمس بأبهى صورها أمامك؟

حسنًا.. هل لفت مسامعك صوت طائر مهاجر ليلًا، فأحببت ملاحقته ومعرفة أسرار هجرته؟ أو هل سمعت يومًا عن موسم الهجرة الخريفية؟ وتتبعت تفاصيلها؟ وهل زَكم أنفك رائحة زهرة ما، فبحثت عنها لتُجيب عن تساؤل أُثير في ذهنك عنها؟

 

لارا وماندي سرداح (42 عاماً)، توأم فلسطيني، من قطاع غزة لم تكتفيا بالتمتع في هذه اللحظات فحسب، بل سحرتهما حبّ الطبيعة وأسرارها وألوانها، فوثقاها وسخرتا حياتهما من أجل "الحياة الطبيعية في قطاع غزة".

فمع مرور الوقت سيطر عليهما شعورا قويا يدفعهما للبحث عن سرّ الجمال من صوت طائر، أو من رائحة زهرة غريبة! أو ربما من مشهد غروب، أو من موسم ما، كموسم الهجرة الخريفية.

ومنذ ما يزيد عن الـ 7 أعوام، أصبح لـ التوأم الذواق "ماندي ولارا" بصمة نادرة في الحياة البرية النباتية والحيوانية في قطاع غزة، تنقلان الجمال للمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي داخل غزة وخارجها.

بداية التوأم مع التصوير كانت عام 2005، كهواية، تقول لارا لـ "وكالة سند للأنباء": " تعلمنا بشكلٍ ذاتي على الكاميرا دون دورات أو توجيهات من خبراء التصوير، وفي 2012م تمكنا من شراء كاميرا شبه احترافية والانطلاق نحو الطبيعة والتنوع الحيوي فيها".

الولوج في عالم النباتات والحيوانات، لم يكن صدفة، بالنسبة للتوأم، فهما من المتابعين للقنوات الوثائقية، التي ترصد حياة الطيور والحيوانات.

يشد انتباههما المساحات الخضراء، ما تحويها من أسرار، كل ذلك كان مجرد هواية، تُردف: "لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن تتحول الهواية لشغفٍ يُلازمنا طوال الوقت".

ماندي ولارا.. توأم لديهما تقارب شديد، حيث تجمعهما الفكرة الواحدة، وأحيانًا المنامات ذاتها! هل تُصدق؟ وإذا سمعت نبرة صوتهما، لا يمكنك التفريق بينهما، والمثير للفكاهة أن ذلك كله دفعهما لتوحيد رقم الهاتف، وكذلك حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وذات اللبس بألوانٍ واحدة.

لكن هذا التقارب، لا يمنع حدوث اختلاف في ذائقة جمالية لزواية تصوير ما؟، تُجيب لارا بصوتها الضاحك: "ربما لا تصدقون، لكن حقيقة الاتفاق بيينا للحد أن تصورنا الشخصي عمن حولنا لا تختلف".

تقاسم الأدوار

وعادة ما تُوكل مهمة رصد الأشياء والمشاهد الجمالية لـ "ماندي" فهي تحب السفر، ولا تمّل من البحث والاستكشاف عن كل شيء جميل وغريب.

أما "لارا" فالصورة بتصورها هي تلك اللحظة التي تُوقف فيها الزمن، عند فكرة أو لحظة ما، فتوثقه بعدستها وتُنقله لمتابعيها ليستمتعوا بجمال الطبيعة وتلقائية المشهد كما هو دون تدخل.

وأشارت لارا إلى أنها لا تستخدم أي برنامج لمعالجة الصور التي توثقها، "نوثق المشهد ومباشرة نُشاركه مع الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فرؤية الطبيعة بصورها التلقائية ستكون أقرب للقلب".

ويرى التوأم في غزة الكثير من الجمال المختبئ، فرغم محدودية المساحة، والحروب المتتالية عليها، وسوء الأوضاع العامة، والتوسع العمراني الذي كاد يقضى على التنوع الحيوي، إلا أن هناك الكثير من المناطق لازالت زاخرة بالتنوع الحيوي كـ "برك المعالجة، ووادي غزة، وتلة المنطار، والأراضي الزراعية من رفح جنوباً لبيت حانون شمالاً".

البحث والمراقبة، للحياة الطبيعية، والتنوع الحيوي في القطاع، وتواصهم مع خبراء التنوع الحيوي، جعل ماندي ولارا، أكثر معرفة بمواسم هجرة الطيور، كما أنهما يستطيعان تمييز الطيور من أصواتها، ومعرفة مواعيد هجرتهم الأولى والثانية".

ووفق حديث لارا، فإنهما وثقتا كل الطيور في قطاع غزة، وعادة أثناء تجولهما يرافقهما كتب خاصة بالكائنات الحية على اختلافها لمعرفة معلومات أكثر عما يكتشفاه ويصوراه.

أغرب ما وثقته عدستهما

بينما كان التوأم في جولة بإحدى الأراضي الزراعية، لفت انتباه ماندي، طائر غريب، نادت بصوتٍ مترجف : -لارا يبدو أنه كائن جديد؟ اعتقتد لارا أنه غصن شجرة.

اقتربا منه، فاكتشفا أنه طائر السبد الأوروبي وهو طائر ليلي يختفي بين أوراق الشجر.

تقول لارا: "كنّا أول من وثّق هذا الطائر في قطاع غزة، إضافة لأنواع أخرى كطائر الوروار الذي يلوذ لشجر الكينا والبومة، وبعض النباتات كالقزحة البرية والسماق البري".

الطيور الغريبة، والنباتات التي يعرضها التوأم على المتابعين لهما، تثير إلى الكثير من التساؤلات، منها "هل هذه غزة؟، وهل هذه الزهرة في غزة؟، ومنذ متى هذه الطيور موجودة بيينا".

هذه التساؤلات، تدفع "لارا وماندي"، للبحث عن المزيد من المشاهد والطيور الغريبة، فمع كل اكتشاف، تغمرهما فرحة غامرة، وتشجعهما لنقل صورة أجمل عن غزة.

كما أن الغوص في هذا عالم، فتح لهاتين الأختين، أمنية السفر إلى أماكن طبيعية خارج قطاع غزة، لرصد أسرارها وتفاصيلها، للمتابعين، وأملهما أن تبدأ رحلتهما الاستكشافية من "أراضي الضفة الغربية".

المصدر : وكالة سند