الرئيسية » تقارير نسوية » نساء واعمال » اقتصاد »  

في غزة.. صابرين تنتصر على البطالة بمتجر من الصفيح لفساتين الأفراح
05 آب 2019

 

 

غزة-نساءFM- في أقصى غرب مدينة خانيونس ووسط منطقة نائية بالقرب من الحي النمساوي يجد المارون متجرًا غريبًا لم يعتادوا مشاهدة مثيل له لأنه من الصفيح الحديدي ويبيع فساتين الأفراح والمناسبات السعيدة للنساء والأطفال وسط منطقة بعيدة عن الأسواق العامة وبالقرب من الأشواك.

صابرين مازن الجبري 34 عامًا، تخرجت عام 2012 تخصص علوم طبية من كلية العلوم والتكنولوجيا جنوب غزة، تطوعت على مدار عامين بأحد مستشفيات القطاع للحصول على عمل أو حتى عقد عمل مؤقت، لكن دون جدوى. وإلى جانب عملها في المتجر (الآن) تدرس تخصص القانون في كلية الزيتونة.

لدي صابرين ستة أبناء: كرم، روان، وديع، منة، استبرق، رتاج (16، 15، 13، 11، 6، 4 سنوات) على الترتيب. وهي تنظر لنفسها كخريجة وأم عانت كما يعاني الخريجون من الأهالي والأُسر مما دفعها للبحث عن أي فرصة للعمل ومساندة زوجها في مصاريف البيت.

مشاريع متعثرة

قامت بالعديد من المشاريع الصغيرة لتلبية حاجة أسرتها، فكانت تقوم بتدريس الرياضيات والإنجليزية لتلاميذ المدارس في منزلها، وبسبب عدم الحصول على أجرتها من الأهالي مقابل التدريس اتجهت لعمل مزرعة صغيرة للدواجن والأرانب.

لكن المشروع لم يدم طويلا لعدم وجود رأس مال قوي يغطي نفقاتها. بعدها أنشأت بقالة صغيرة، لكن الناس تتطلع للمحلات التجارية الكبيرة للشراء منها، فلم تستمر أيضا. وبعدها فكرت بمشروع نسائي في منطقة نائية وبسعر أقل من الأسواق.

ولادة "فساتين الفرح"

وعندما توجهت صابرين لاستئجار فستان لفرح شقيقتها وجدت الأسعار مرتفعة، ففكرت بإحضار فساتين جيدة لتأجيرها بأسعار أقل من السوق بكثير. وهكذا ولدت فكرة المشروع الجديد.

وجدت صابرين أسعار الفستانين في غزة وحتى بالدول العربية مرتفعة، مستغربة من ارتفاع إيجارها، لكنها وجدت أنها مربحة.

 

"لا أريد ربحا مثل الأسواق أريد ما يسد حاجتي فقط، فقمت بعمل جمعية مالية مع رفيقاتي في أسرة المسجد، وبدأت أحضر بعض الفساتين" هكذا تقول صابرين التي بدأت مشروعها عام 2016.

قامت ببناء غرفة صغيرة وأحضرت عددا قليلا من فساتين السهرات والأفراح وبدأت تروج لها بين نساء المنطقة وأحضرت بعض مستحضرات التجميل والعطور، ولاحظت إقبال بعض النساء اللواتي لا يملكن ثمن الفساتين داخل الأسواق.

سعادة النساء

قبل شهر قررت صابرين تكبير حجم مشروعها، وعمل متجرا تستطيع النساء مشاهدة فساتينها وقياسها داخل المتجر، فقامت مع زوجها بدخول جمعيات مالية مع أفراد عائلتها والاستدانة ممن حولها لشراء مواد بناء.

وقامت باقتطاع مئة متر من منزلها البالغ مئتي متر لصالح متجرها، وتقول "هناك نساء يأتين من مناطق خانيونس يشعرن بالسعادة لمشاهدة الفساتين وبأسعار أقل من السوق، وبقيمة 20% تقريبًا من سعر الإيجار في محلات أخرى، حتى الصغيرات يمكن أن يستأجرن فساتين أفراح بمبالغ صغيرة ما بين (20-10) شيكلا فقط (6-3 دولارات).

لم تشعر صابرين بالخجل من بناء متجرها من الصفيح وبعض مواد البناء المستخدمة كالبلاط وبلاط الزينة، فلم تسمح لها ظروفها بوضع يافطة مميزة بالإضاءة، لكنها ترى أن من يدخل متجرها يشعر بالسعادة والارتياح، والغالبية تخرج سعيدة بالأسعار ونوعية الفستانين التي لا تختلف كثيرا عن المعروضة بالأسواق.

ولهذا بدأت تأخذ فساتين الأفراح من التجار بنظام التقسيط في حال البيع، وهي تفخر بتصميم متجرها -حتى لو كان من الصفيح-  إذ وجدت أنه أسعد الفقراء وخصوصا النساء، مؤكدة أن من واجبها افتتاح مشروع يراعي ظروف الناس.

وتأمل بتطوير محلها ليصبح أكبر، ويافطة مضيئة، ومكائن خياطة، وعاملات لمساعدتها وتلبية حاجة النساء بالكامل من الخياطة، إضافة لعمل قسم للكوافير "وأن تظل أسعاري كما هي الآن". وتضيف "لا أريد الربح الكبير، بل الرزق القليل والمستمر". وهذا هو شعار صابرين.

أسعار قليلة

لم تجعل صابرين أسعار استئجار فساتين الأفراح ثابتة، فهي تتراوح بين (50-20) شيكلا أي (15-6 دولارا). أما فستانين الزفاف البيضاء الكبيرة فتتراوح بين (200-100) شيكل (60-30 دولارا) وهي أسعار قليلة بالمقارنة مع بعض المحلات التجارية في غزة، حيث يصل سعر تأجير فستان الزفاف الأبيض ما بين (800-400) دولار.

وتعلق إحدى الزبائن وهي جارتها أم سمير أبو حمص (45 عامًا) بأنها أدخلت البهجة عند الكثير من النساء اللواتي يجدن صعوبة بتأمين مبالغ إيجار الفساتين، وتقول "بعض النساء تضطر للاستدانة لارتداء فستان لائق في المناسبات والأفراح، فالكل يريد أن يفرح بأي وسيلة في غزة لكن الظروف الاقتصادية تشعرهن بالحزن، ومتجر صابرين فعلاً أبهجنا وبدأنا ندل النساء عليه".

فستان زفافي من هنا

واستطاعت حليمة أبو نواس (26 عامًا) من سكان الحي النمساوي بالقرب من المتجر استئجار فستان زفافها من متجر صابرين، كما استأجرت شقيقاتها فساتين بأسعار معقولة.

وتقول "بالنسبة لي كان استئجار الفستان مشكلة كبيرة ولشقيقاتي، حالنا صعب ووالدي عاطل عن العمل وزوجي تحمل أعباء الفرح ومصاريف كثيرة، لكننا وجدنا أن ما لدى صابرين هو مثل الفساتين التي في الأسواق".