الرئيسية » عالم المرأة »  

عصابة الرأس.. تاريخ من الأناقة وإكسسوار النساء المفضل
16 تموز 2019

 

رام الله –نساءFM-اتخذت عصابات الرأس العديد من الأشكال على مر العصور للرجال والنساء، من الأكاليل الذهبية الإغريقية وأكاليل الزهور والغار في اليونان القديمة، إلى عصابات الريش في العشرينيات الصاخبة والعصابات الرياضية التي كانت رائجة في فترة السبعينيات لتستمر إلى يومنا هذا.

العصر اليوناني

تنقسم الثقافة اليونانية القديمة لثلاثة مجتمعات عامة، وهي: المينوية والميسينية واليونانية، طورت كل منها حضارات مختلفة أثرت بالأزياء والإكسسوارات.

وبعد سقوط اليونان القديمة حوالي عام 1200 قبل الميلاد، أظهرت اللوحات الجصية على جدران القصور والرسومات على الفخار الرجال والنساء بشعر متموج طويل من الكتف إلى أسفل الأرداف، وكانت تسريحات الشعر تزين حينها بتيجان من الذهب وأشرطة ملونة.

ثم تطور المجتمع اليوناني وتأثر بالإغريق الذين يعيشون بمنطقة سبارتا "أسبرطة"، بالجزء الأوسط من اليونان، والذين اعتبروا أن الشعر الطويل يمنحهم قوى خاصة.

وفي المناسبات الخاصة، كانت النساء يزينَ رؤوسهن بأشرطة معدنية مزخرفة تسمى بـ"ستيفان"، التي تشبه التيجان المستعملة حاليا. وبحلول أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، غطت النساء في كثير من الأحيان جزءا كبيرا من شعرهن المربوط بأوشحة أو قبعات مصنوعة من أقمشة ناعمة.

العمائم: لمسة من سحر الشرق

في أوائل القرن العشرين، كانت باريس منبهرة بموسيقى الجاز والخيال الآتي من البلدان العربية في الشرق. وهناك شكّل اثنان من عمالقة الأزياء "كوكو شانيل" و"بول لوارت" إطلالة "الفتاة الجديدة".

 

فقد تخلى كل منهما عن الكورسيهات الضيقة لإفساح المجال لموجة الأزياء المريحة والخفيفة. واستمد كلاهما الإلهام من سحر الشرق ودمج الريش والترتر "خرز ملون لماع" بتصاميمهما، إضافة للألوان المخملية.

كما لعبت أزياء الباليه الروسي -مقرها في باريس- دورا في جلب العمائم إلى الموضة السائدة في ذلك الوقت، إذ تمكن الباليه الروسي من استقطاب أعظم الفنانين أوائل القرن الماضي مثل هنري ماتيس وبابلو بيكاسو وإيجور سترافينسكي.

العشرينيات الصاخبة بريش الطاووس

وكانت النساء تحب التألق والتميز في عشرينيات القرن الماضي، خاصة فيما يتعلق بأغطية الرأس، واشتهرت آنذاك عصابات الرأس المصنوعة من الخرز المخرم وأحجار الراين والمزينة بالريش، ملفوفة حول الجزء العلوي أو الخلفي من الرأس.

كما ظهرت بعض العصابات على شكل سلاسل طويلة من الخرز تتدلى على الجبهة أو على جانب واحد.

وبعد افتتاح مقبرة الملك توت عنخ آمون في مارس عام 1924، أرادت كل امرأة أن ترتدي لفائف الرأس التي تشبه التيجان المصنوعة من الأحجار الكريمة والريش واللؤلؤ لتبدو كأنها ملكة مصرية.

ويعد غطاء الرأس الحريري أحد رموز العشرينيات، كما يطلق عليه غطاء جولييت بطلة روميو وجولييت لشكسبير، وهو عبارة عن منديل مستطيل من الحرير مربوط حول الرأس بالكامل ويزين أحيانا بأزهار كبيرة.

وكان ريش الطاووس لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في العشرينيات، كما كانت الألوان الخضراء والزرقاء والذهبية تعبر عن فن الآرت ديكو "الفن الزخرفي" كذلك، وعادة ما تضاف المجوهرات واللؤلؤ الأزرق أو الأخضر إلى الريش على الشعر بجانب واحد من الرأس. وبالإضافة إلى ذلك، كانت أمشاط الشعر المرصعة بالجواهر -تسمى أيضا بالأمشاط الإسبانية- شائعة لتزيين الشعر الطويل.

 

وفي الوقت الذي كانت تظهر فيه نجمات السينما بأفلام "فلابر" وهن يرتدين أغطية للرأس، مثل دوريس كينيون وغريتا غاربو، زاد الطلب عليها في كل مكان بالعالم. وأصبحت عصابات الرأس عنصرا أساسيا في ملابس السهرة للحصول على إطلالة مبهرة وغموض أنثوي لا مثيل له.

منديل الرأس في أوروبا والولايات المتحدة

وقد تحول استعمال عصابات الرأس خلال الحرب العالمية الثانية من إكسسوار للزينة إلى إكسسوار ترتديه النساء أثناء العمل، فقد كان الفلاحون الأوروبيون يلبسون قطعة قماش صغيرة مربوطة تحت الذقن في الحقول. وهكذا، أصبح ارتداء المنديل مرتبطا بالنساء الريفيات وبعد ذلك بسكان المدن من الطبقة الفقيرة.

وعند دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية عام 1941، وبينما يتم تجنيد الرجال، تُركت النساء بالمنزل لإعالة الأسرة ودعمها.

وهذا ما دفع العديد من النساء لترك واجباتهن المنزلية والانضمام للقوى العاملة، فزاد عدد العاملات من 27% لما يقترب من 37% بين 1940 و1945.

وشغل نصفهن وظائف صعبة بالمصانع والموانئ، لذا، كان من الواجب عليهن ارتداء ملابس مريحة وعصابات الرأس الملفوفة على الشعر لأنها عملية بشكل كبير.

وتميزت النساء اللاتي يعملن في مصانع الذخائر التي تصنع فيها الأسلحة والذخيرة بارتداء أوشحة حمراء حول رؤوسهن ملفوفة مثل العمائم، لحماية شعرهن من الآلات الثقيلة أثناء العمل.  

ومن هنا، جاءت فكرة تعيين الفنان جاي هاورد ميلر من قبل لجنة تنسيق الإنتاج الحربي التابعة لشركة ويستنغ هاوس عام 1942، لإنشاء سلسلة ملصقات تدعم المجهود الحربي وترفع معنويات العمال. وبعد عام، ظهر الملصق الشهير "يمكننا فعل ذلك" الذي يصور امرأة قوية ترتدي غطاء رأس أحمر.

ويعتقد أن هذا الملصق مستوحى من صورة أخذت لإحدى العاملات بخدمة الأسلاك، اسمها جيرالدين هوف، انتشر هذا الرمز الأيقوني بسرعة لأنه يعبر عن تمكين المرأة ويقول بلسانها "أنا أعمل.. أنا قوية ولكنني لم أفقد أنوثتي".

من الخمسينيات إلى اليوم

وعادت موضة عصابات الرأس المزخرفة بعد الحرب العالمية الثانية أكثر تألقا وإبداعا. واستمر تراث لاعبة التنس الشهيرة سوزان لينجلين، التي عرفت بارتداء عصابات الرأس الرياضية في معظم مبارياتها، من عشرينيات القرن الماضي إلى فترة السبعينيات.

وشوهد العديد من الشخصيات السياسية وهي ترتدي هذا النوع من الإكسسوار، مثل السيدة الأولى هيلاري كلينتون خلال حديث بالبيت الأبيض عام 1997، والأميرة ديانا بعصابة على شكل قلادة مرصعة بالزمرد والماس خلال جولتها بأستراليا عام 1985.

سيظل إكسسوار عصابات الرأس محتفظا بجاذبيته لسنوات مقبلة، سواء ارتدته فتاة عادية أو ممثلة مشهورة أو شخصية عامة.

المصدر : الجزيرة