الرئيسية » تقارير نسوية » الرسالة الاخبارية » نساء فلسطينيات »  

الصحفيات الفلسطينيات.. واقع صعب فاقمته"كورونا" !
23 شباط 2021

 

رام الله-نساء FM-بيلسان محمد-تواجه الصحفيات الفلسطينيات ضغوطا اجتماعية وجندرية تجعل من ظروف عملهن صعبة، مما ادى الى انتهاك حقوقهن وتهميشهن وخسران فرص عملهن.

تقول مديرة مؤسسة (فلسطينيات)، وفاء عبد الرحمن، الداعمة لحقوق الصحفيات الفلسطينيات:" إن الصحفيات الفلسطينيات غير معزولات عن النساء ككل، حيث يعشن ضمن بنية  ذكورية لا ترى النساء او تمنحهن مساحة محددة، وهذه البنية لا تصنع فيها النساء الاجندات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجتمعنا، حيث لا تسمح السياسات للنساء ان ينخرطن في تفاصيل الحياة".

واضافت، "علينا أن ننظر الى العائلة والقيم الاجتماعية التي تعيش بهما الصحفية الفلسطينية، حيث يؤثران بشكل معمق على الحياة المهنية للصحفية، فإذا كانت الصحفية أم هذا الأمر يتطلب منها رعاية الاطفال والاهتمام بالمنزل والزوج، وهذا الأمر اثر على مشاركتها في صناعة المشهد الاعلامي والتغطيات الاعلامية في ظل جو إعلامي تنافسي عالي يتطلب ابداع".

وتابعت، "على الرغم من تغير دور المرأة من الناحية المهنية حيث أصحبت تعمل ومستقلة من الجانب المادي، لكن دورها الاجتماعي المتعلق بالعائلة لم يتغير، فبقيت مسؤوليتها اتجاه المنزل والأطفال عامل مؤثر كبير على مشاركتها وصناعتها للمشهد الاعلامي".

القيم الاجتماعية  تؤثر على نوع المادة الصحفية

 واشارت عبد الرحمن، الى انه في ظل هذه هذا الدور الاجتماعي  ودور الأم بالانجاب وما يرافق ذلك منحها اجازة أمومة في فان بعض المؤسسات تتجنب توظيف الصحافيات كخيار أول للمؤسسة، وتفضيل عمل رجل بسبب عدم وجود هذا العبء عليه بنظر بعض المؤسسات الاعلامية".

وقالت : "إن الصحفيات أولى ضحايا المؤسسات الاعلامية عندما تقرر تقليص طاقهما الصحفي، وترجع ذلك الى سلسلة من الحجج والاسباب اولها ان الرجل هو المسؤول عن العائلة والمعيل".

وترى عبد الرحمن:" أنه القيم الاجتماعية  والصور النمطية تؤثر على نوع المادة الاعلامية التي تريد ان تنتجها الصحفية، على سبيل المثال التحقيقات الاستقصائية، فإذا تعرض صحفي رجل على اثر تحقيق استقصائي سيتصدر المشهد الرجل  أمام المجتمع و يتحمل العواقب،  لكن اذا امرأة تعرضت لنفس هذه المشكلة كل عائلتها واقاربها سيتصدرون المشهد لذلك البعض من الصحفيات يحصرن انفسهن في القصص الإنسانية والبسيطة خوفا من هذا الأمر".

وعلى سبيل المثال تجربة الصحفية  هاجر محمد من قطاع غزة حيث قامت محكمة صلح غزة  باصدار قرارا غيابيا بحبسها لمدة 6 اشهر وفرض غرامة مالية قدرها 1000 شيكل وذلك على خلفية تحقيق استقصائي مصور حول بعض مظاهر الفساد في دائرة العلاج الخارجي في وزارة الصحة بقطاع غزة كانت انجزته الصحافية لصالح شبكة تلفزيون العرب .

وتقول عبد الرحمن "إنه في الكثير من الأحيان لا يتم التعامل مع المرأة في المجتمع ككائن قوي منفرد بذاته، فيتم شملها باسم عائلتها ودائماً يتم البحث عن المسؤول عنها، والصحفية ليست منعزلة عن هذا الواقع فيتم دمج مهنتها وما تنتج من مواد اعلامية بكونها امرأة وأنه هناك من يجب أن يتحمل نتيجة أعمالها لأنها غير كافية".

وسائل التواصل منصة للتنمر على الصحفيات

وأشارت عبد الرحمن الى أن وسائل التواصل الاجتماعي تحولت من أداة تساعد الصحفيات من الوصول الناس إلى انجازاتهن و نتاجاتهن الإعلامية إلى وسيلة يتم التنمر بها عليهن، والاستهزاء بما ينتجنه والتنمر على مظهرهن الخارجي والوصول إلى عائلتهن.

وأدت مشاركة الصحفيات في الميدان والحروب الى كسر صور النساء النمطية التي تحصرهن في ادوار معينة، فصنعت هذه التجارب صورة ايجابية عن قدرة النساء في مواجهة المواقف الحرجة وتغطية الحروب والاحداث.

 وتقول  عبد الرحمن في هذا السياق: إنه يوجد اشكالية عند بعض الصحفيات اللواتي دخلن المشهد الاعلامي الفلسطيني حيث قمن بتقليد الرجل وعدم تقديم اي مادة تكسر الصورة النمطية عن المرأة ورفضن ان يقدمن على انهن نساء يحملن هم النساء خوفاً من تقليل مساحتهن في المشاركة في المشهد الاعلامي النسوي.

33% من النساء رئيسات تحرير

وتشير عبد الرحمن  الى  أن مساهمة النساء محدودة بسبب عدم كونهن صاحبات القرار في المؤسسات الاعلامية، حيث اشارات احصائيات لمركز الاحصاء الفلسطيني الى وجود امرأة واحدة كرئيس تحرير في صحيفة محلية مقابل 9 من رؤساء التحرير الرجال، وتشكل النساء من رؤساء التحرير 33 % مقابل 66% من الذكور في الضفة الغربية. فهذا يؤثر  على نوع المادة الاعلامية التي تنتجها المؤسسة سواء كانت داعمة للنساء أم لا ، وايضا يؤثر على الاجندة الجندرية للمؤسسة ودور الصحافيات العاملات فيها ومشاركتهن و نسب توظيفهن داخل المؤسسات.

الاحتلال يعيق عمل الصحفيات

يشكل الاحتلال عاملاً في قمع حريات الصحفيات الفلسطينيات، فاوضح نقيب الصحافيين ناصر أبو بكر، أنه 13% من الصحفيات الفلسطينيات تعرضن إلى قمع وانتهاكات من قوات الاحتلال الإسرائيلي.وهذا قد يؤدي الى خوف بعض الصحفيات من تغطية احداث الميدان خوفاً من تعرضهن للعنف او الاعتقال .

 

تجارب عمل مريرة

تقول المصورة الصحافية سمر أبو العوف، وهي أم وتعمل مصورة حرة في قطاع غزة ،  في بعض الاحيان اعمل دون مقابل، واحيانا تمر ثلاثة اشهر أو اكثر دون حصولها على مبلغ مالي مما تسبب في تغيبها عن الميدان لتغطية بعض الاحداث الهامة.

وتعترف أبو العوف، ان مؤسسات اعلامية فضلت عمل الذكور لديها عليها، مبررة ذلك الى عدم قدرتي بالخروج لتغطية الاحداث الليلية، بالرغم من انني اخبرتهم انه لا يوجد ما يمنعني بالقيام بذلك، واضافت انه التمييز ايضا بقيمة الأجر حيث يتقاضى الصحفي مبلغ مالي اكبر من الصحافية.

تحديات مجتمعية..

تقول ابو عوف: "إنها  تعرضت لمضايقات من قبل زملائها الصحافيين الذكور في الميدان، كانوا يستغربون تواجدي الى جانبهم على حدود قطاع غزة، لكن مع مرور الوقت استطعت من خلال اثبات قدراتي على فرض احترامي، بينما بقيت الصحفيات المصورات فضلن العمل في قطاعات اخرى مثل تصوير الاحتفالات والمناسبات والاعراس".

جائحة كورونا فاقمت مأساة الصحفيات

شكلت جائحة كورونا عائقاً أمام مشاركة الصحفيات الفلسطينيات في المشهد الاعلامي، فعلى الرغم من أنه هناك العديد من الصحفيات الفلسطينيات اللواتي قمن باثبات جدارتهن في تغطية الاحداث في ظل الجائحة إلا أن هناك بعض المؤسسات الاعلامية التي اخذت من ظروف الجائحة حجة ليتم تسريحهن.

تقول اميرة سمير التي كانت تعمل في احدى الصحف الالكترونية  "إن جائحة كورونا تسببت لها في خسارة وظيفتها، حيث بالبداية تم تخفيض راتبي الى 250 شيقلا  وثم طلب مني العمل من المنزل ولم املك جهاز حاسوب وفي النهاية تم تسريحي من العمل ولم احصل على مستحاقي بعد".

ابو بكر: نعمل على حماية الصحفيات

يقول  نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر : إن النقابة  تحاول بشكل مستمر أن تقوم بمعالجة تاثيرات ازمة كورونا على القطاع الخاص وعلى الاعلاميين، كما انها وقت اتفاقية مع وزارة العمل ووزارة الاعلام من اجل عدم تسريح صحفيين وصحفيات وعدم التقليل من رواتبهن.

وأضاف أبو بكر :"نحن نتأمل من أي صحافي أو صحفية تعرضوا للفصل التعسفي أن يقوموا بتبليغ النقابة لمساعدتهن، فهناك حالات محدودة قمن بابلاغ النقابة وتم ارجاعهن الى عملهن أو اخذن حقوقهن بشكل كامل ، حيث هناك بعض المؤسسات الاعلامية استغلت الجائحة وعمل الصحفيات عن بعد في ظل الجائحة لتسريحهن والتقليص من رواتبهن ولكن القضايا التي وصلتنا تابعناها وقمنا بحلها".

هذه المادة انتجت  ضمن  مشروع "القدوة مهمة" بالتعاون مع الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وتحت اشراف الصحفي مهند العدم .