الرئيسية » تقارير نسوية » نساء في العالم العربي »  

سمر البع.. شابة غزية تتحدى الاحتلال بمزرعة نحل على الحدود
28 تموز 2019

 

 

 

غزة-نساءFM- كانت سمر البع طفلة في الـ15 من عمرها عندما استشهد والدها عام 2006 ودمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي مزرعة النحل التي يمتلكها في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وتعتاش منها أسرته الكبيرة، لتكبر سمر ويكبر معها حلم إحياء ذكرى والدها الشهيد بإعادة بناء ما دمره الاحتلال.

والد سمر كان مزارعا بسيطا يمتلك منحلة تضم 70 خلية توفر له احتياجات أسرته، فقد حياته في غارة جوية إسرائيلية خلال عملية اجتياح عسكري لبلدة بيت حانون المتاخمة للسياج الأمني شمالي القطاع، قبل شهر واحد من اجتياح مماثل سوت فيه دبابات الاحتلال مزرعة النحل بالأرض وحولت خلاياها إلى ركام.

سمر تحقق حلمها وتحيي ذكرى والدها الشهيد

ظلت سمر (28 عاما) -التي كانت ترافق والدها في رحلته اليومية إلى المنحلة- مرتبطة بتربية النحل، ورغم أن دراستها الجامعية غير مرتبطة بهذا المجال فإنها تمسكت بحلمها وبإحياء ذكرى والدها.

وتقول سمر للجزيرة نت "قتلوا والدي لكنهم لن يقتلوا حلمي وتمسكي بالحق والأرض".

لم يكن قرار سمر سهلا، فقد واجهت في البداية رفضا من أسرتها واستهجانا من محيطها القبلي، فكيف لشابة جامعية أن تعمل في مجال تربية النحل الذي يحتاج لمجهود يومي ومتابعة مستمرة، إضافة إلى المخاطر التي قد تتعرض لها لوجود مزرعة النحل على أرض تملكها الأسرة لا تبعد سوى 500 متر عن السياج الأمني، وهي المنطقة التي تشهد إطلاق نار متكرر من جانب قوات الاحتلال.

رحلة سمر اليومية إلى مزرعة النحل

وتستغرق رحلة سمر اليومية إلى مزرعة النحل ذهابا وإيابا نحو 40 دقيقة سيرا على الأقدام صباحا أو مساء حسب حالة الهدوء في المنطقة، لعدم توافر وسائل مواصلات نظرا لوعورة الطريق الرملية المؤدية إلى المزرعة.

ورغم ما واجهته من معوقات فإن سمر تمسكت بموقفها وتشبثت بحلمها، وتمكنت من الحصول على تمويل من مؤسسة التعاون الألماني للمنحلة التي بدأتها بـ24 خلية، وبجهدها الذاتي وسعت المزرعة لستين خلية، لتكسب شيئا فشيئا دعم وتشجيع أسرتها واحترام المجتمع.

وتقول سمر للجزيرة نت "تخرجت في جامعة القدس المفتوحة تخصص تعليم أساسي، لكنني لم أنسَ للحظة حلمي بإعادة مشروع والدي كرسالة للاحتلال الإسرائيلي مفادها أنه مهما قتلت ودمرت فإنك لن تقتل أحلامنا وإرادتنا".

لم يكن تدمير مزرعة النحل التي تمتلكها أسرة سمر عام 2006 هي المرة الأولى، فقد دمرتها قوات الاحتلال في مرة سابقة، وكانت تتكون من 12 خلية، وأعاد والد سمر ترميمها من جديد.

وتؤكد سمر أن كثيرين من خريجي الجامعات بدؤوا في التواصل معها من أجل الاطلاع على تجربتها، والتفكير في مشاريع صغيرة، للتغلب على مشكلة انعدام فرص العمل ووصول البطالة في أوساط الشباب والخريجين إلى معدلات غير مسبوقة.

حلم يكبر وإرادة تتحقق

بعد نجاح سمر في مشروعها والإشادة التي تلقتها من خبراء مؤسسة التعاون الألماني الذين يتابعون عملها في مزرعة النحل أصبح حلمها يكبر بأن تمتلك يوما أكبر مزرعة في قطاع غزة، وأن تنتج أجود أنواع العسل، وهو ما تحرص عليه في الوقت الحالي.

فمنذ بدأت بإعادة بناء المزرعة قبل نحو عام قررت أن يكون العسل الذي تنتجه مختلفا وبجودة أفضل، ولذلك تحرص على قطف المنتج مرة واحدة في العام خلال فصل الربيع، وليس كما يفعل أغلبية أصحاب المناحل الذين يقطفون العسل مرتين في العام من أجل الكسب المادي.

وتوضح سمر أن "قطف المنتوج مرة واحد خلال فصل الربيع يحقق عسلا طبيعيا صافيا بنسبة 100%، بسبب اعتماد النحل بغذائه على الأزهار فقط، بينما في حال القطف مرتين يضطر المزارع لتغذية النحل على السكر، لتعويض نقص الغذاء الطبيعي من أزهار الأشجار والنباتات، فيكون المردود غير جيد".

وللحصول على جودة عالية وطبيعية، حرصت سمر على زراعة الزعتر والميرمية كي يتغذى النحل على أزهارهما، في حين تتمنى أن تحصل على نبات "المورينجا" الذي تمنع سلطات الاحتلال إدخاله إلى غزة، لزراعته من أجل إنتاج عسل بمواصفات خاصة يصلح للمركبات الطبية.

 

تسويق ذاتي وعبر مواقع التوصل

تفخر سمر بما حققته حتى اللحظة، وتقول "حققت الكثير رغم الفترة البسيطة منذ بداية المشروع، ولكنني أشعر بذاتي، وأساهم بمساعدة أسرتي المكونة من 13 فردا على تلبية متطلباتها الحياتية في ظل الظروف الاقتصادية المتردية بغزة".

وتعتمد سمر على طريقتين لتسويق منتج العسل، سواء بالترويج الذاتي بمساعدة أشقائها وأسرتها، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع حرصها على التميز بخليط من العسل والمكسرات ومركبات أخرى وجد إقبالا واستحسانا من زبائنها، وحقق لها شهرة واسعة.

وتقديرا منها للواقع الاقتصادي الصعب لأغلبية سكان قطاع غزة حرصت على تعبئة العسل في عبوات متعددة الأحجام والأسعار كي تتناسب وقدرة الزبائن.

وتشير التقديرات إلى أن عدد المناحل في قطاع غزة تراجع في السنوات القليلة الماضية من 27 ألف خلية إلى 15 ألفا فقط، وذلك لأسباب عدة تتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية والظروف الاقتصادية الصعبة جراء الحصار والانقسام.

 

المصدر : الجزيرة